ثقافة

طـفولة وأمل

كانت نظراته توحي بالهم الملم بكل قطعة من روحه، لم تكن سنواته القليلة تشفع له، ثياب نال منها الزمن، يدان صغيرتان فعلت خطوط الشقاء فعلها بهما، فأعطتهما قسوة السنين وتعب العمر، روح هرمت قبل أوانها، فاختفى منها لون الطفولة البهي..
الشمس وحدها قررت أن تكون ساطعة يومها، لتهبه دفء السماء بعد أن احتل البرد كل ركن من أركان أرضنا وأرواحنا..
يقف ويتأمل ويبحث، وأنا واقفة أتأمل..
كان يبحث في زوايا الأرصفة، في امتداد الطرقات, بين الدروب والقلوب، عن أي شيء يستطيع أن يشعره بفرحة اللقيا، ليضعه في كيسه،أو ربما في قلبه المتعطش للحب، حتى لو كان كسرة خبز صغيرة، أو نظرة عطف حانية..
حمل كيسه الكبير على ظهره الغض، رفع رأسه، ابتسم ابتسامة حزن دافئة،  نظر إلى السماء نظرة تخفي وراءها أملا يمتد إلى ما وراء الأبد، ومضى…
مضى تاركا وراءه بقايا إنسان ضاع بين متاهات الحزن, وازدحام أسئلة تبدأ دونما نهاية..
ما هو ذنبنا، ما هو ذنب طفولتنا، ما هو ذنب مستقبلنا؟؟..
نعم.. كلنا خاسرون في هذه الحرب، كلٌ منا خسر, رغما عنه،شيئا من روحه وإحساسه وإنسانيته ، لكن أن نخسر المستقبل، أن نخسر ربيع الحياة وأملها، فهذه هي الخسارة التي لا تعوض..
أطفالنا بحاجة لنا، ليس إلى عطفنا ورعايتنا فقط, وليس إلى المأكل والملبس والمسكن والعلم فقط،
هم بحاجة للحب، أن نمنحهم حبنا, كي يستطيعوا أن يحبوا أنفسهم, ويحبوا بعضهم, حب يهبهم سلاما داخليا هم بأمس الحاجة إليه.

هديل فيزو