ثقافة

قصائد تغنت بعشق دمشق ووثقت تاريخها

“سلام من صبا بردى أرق  ودمع لايكفكف يادمشق”رائعة أمير الشعراء أحمد شوقي بصوت محمد عبد الوهاب كانت حاضرة في محاضرة ” دمشق بين اللحن والمعنى” للباحث وضاح رجب باشا في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة-، والتي لم تقتصر على الأغنيات التي تغنت بعشق دمشق، وإنما كانت أشبه بتوثيق لتاريخها، ترافقت مع عرض فيلم لمتتاليات من الصور التي جسدت معالم دمشق القديمة والمعاصرة، ليتوقف عند العلاقة التلاحمية بين معرض دمشق الدولي وفيروز، ولتقاطعات بين أحمد شوقي وسعيد عقل والجواهري. وقد أثارت المحاضرة شجن الحاضرين لارتباطها بذكرياتهم، كما تمحورت المداخلات حول الاهتمام بدمشق لنكون أبناء بررة بها. وقد ركز الباحث في محاضرته على مدينة دمشق التي حباها الله بجاذبية خاصة، وعلى الشعراء الذين تغنوا بها بصوت أعلام الغناء العربي.

الأرض المسقية

استهل الباحث المحاضرة بعرض الفيلم التوثيقي لمعالمها الأثرية ولأماكنها السياحية والثقافية لتتقاطع مع صور معالمها المعاصرة، ليخلص إلى أن دمشق جميلة في كل العصور، وأنها نقطة انطلاق العالم وأقدم ثالث مدينة مأهولة وفق تصنيف اليونسكو، اهتم بها المؤرخون وتغنى بها الشعراء، وتلاحمت فيها الأديان والطوائف، وسكنها عدد هائل من الأقوام وقدمت الكثير من المبدعين، مثل سلامة الأغواني ومحمد محسن وهشام الشمعة وعمر النقشبندي وإحسان البزرة وعبد الفتاح سكر وغيرهم، لينتقل إلى مكانتها وأبوابها وأسواقها وكنائسها ومساجدها وعراقتها التاريخية التي جعلتها محط أنظار كل الحكام في العالم، ليتوقف الباحث عند أسماء دمشق الكثيرة، منها الفيحاء وجلق وأجملها”الأرض المسقية”.

دمشق ولحن عبد الوهاب

وتطرق الباحث لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي”دمشق” بألحان محمد عبد الوهاب وصوته والتي وصفت آلام دمشق ودموعها إثر قصف الفرنسيين لهذه المدينة في الزمن الذي كانت فيه الوحدة العربية تشرق في سماء الوطن العربي، فأشار إلى الامتدادات اللحنية واختار مقطعاً آخر للتغيير اللحني ب”وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق” مشيراً إلى اللحن الرائع والانسجام بين المفردات والأداء الغنائي المؤثر للتدمير.

وتطرق الباحث لفيروز التي غنت أغنيات كثيرة لدمشق لاسيما أنها ارتبطت بحفلات معرض دمشق الدولي مثل”سائليني، مرّ بي، نسمت، شام يا ذا السيف، يا شام عاد الصيف وغيرها من كلمات سعيد عقل وألحان الأخوين رحباني، ليتوقف عند إصغاء الجمهور لأغنية” سائليني حين عطّرت السلام، كيف غار الورد واعتل الخزام، وأشار الباحث إلى دمشق وبيروت اللتين تتقاطعان بتاريخ مشترك واللتين مزج بينهما سعيد عقل لتكونا مدينة واحدة، ثم عرض مقاطع للأغنية الأشهر مرّ بي.

اللحن الكنسي والطربي

المحطة الثالثة كانت مع الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري الذي كتب برأي الباحث أجمل قصيدة في حبّ دمشق “جبهة المجد” لحنها صفوان بهلوان وغنتها المطربة ميادة حناوي  ليتوقف عند اللحن المميز لصفوان بهلول الذي مزج فيه بين اللحن الكنسي والطربي، واعتمد على آلات الأوركسترا الغربية والبعد الهارموني بين أصوات آلاتها، واستخدامه بشكل خاص الساكسفون والآلات الإيقاعية المعدنية الإكزلفون والترومبيت والفلوت مع ضربات التيمباني إضافة إلى الآلات النفخية.

ثم عرض أغنية” طابت ليالينا” لميادة حناوي منوّهاً إلى أنها لم تأخذ حظها من الشهرة رغم جمالها. ليصل الباحث إلى أن هناك الكثير من الشعراء الذين كتبوا لدمشق أشهرهم نزار قباني، وإلى أن هناك الكثير الذين غنوا لها بعضهم من زمننا الحالي إلا أنه اختار أجمل القصائد لأشهر المطربين، لتحمل ألحان مفردات أغنيات دمشق رسالة إلى جيل الشباب للاعتزاز والفخر بهذه المدينة الخالدة، والارتباط بتاريخها وعراقتها وأصالتها، وحفظ فنونها وموسيقاها وأصواتها.

ملده شويكاني