ثقافة

حرّاس الجمال.. ولكن !؟

أكسم طلاع

قدم ناقد فني تشكيلي سوري نفسه منذ أيام على أنه يملك مفاتيح الخلود والتاريخ للعديد من الفنانين السوريين، ولأعمالهم التي يعود الفضل له بتسليط الضوء على تجاربهم وتضمينهم كتابه “الموسوعي” الذي أصدره منذ سنوات، وهو عبارة عن مجموعة المقالات التي كتبها في الصحافة تغطية لبعض المعارض الفردية من خلال رؤيته وذائقته، ومعروف عنه بالناقد والصحفي المثابر على متابعة أغلب الأنشطة الفنية التشكيلية، ولا ينكر أحد دوره خلال السنوات الماضية ولا زال في رفد الحركة التشكيلية بمساهماته النقدية، وله تاريخ من التجربة في إنتاج اللوحة وإقامة المعارض الفردية وبحثه الثقافي العام، وللحق الرجل صاحب مبادرة ومودة ويجتهد في تحقيق التأثير عبر مواظبته على التواصل مع أهل الاختصاص ورعاية أثر الراحلين منهم، ومثال ذلك سعيه لإقامة التكريم اللائق بالناقد الراحل صلاح الدين محمد وقبله احتفالية خاصة بالراحل ممتاز البحرة، وهذه المناسبات رافقها معارض تشكيلية وندوات ذات قيمة.

المهم أن هذا الرجل نشر على صفحة الفيس بوك الخاصة به قولا لم يحتمله البعض من الفنانين جاء فيه: “لست نادماً على تغييب بعض الأسماء عن كتابي الموسوعي (تيارات الحداثة في التشكيل السوري) لأن معظم الذين غيبتهم، لا يستحقون، لا من الناحية الفنية، ولا من الناحية الأخلاقية”. وأضاف: “كنت ولا أزال أكــتب، ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً، في الصحافـــة الورقيــة المطبوعــة، وبشــــكل يومي وعــن فنانين يعرضــون لأول مرة، ولا أعرف عنهم شــيئاً.. واليــوم خرج أحدهم، ليعطينـي مـواعظ في النزاهة وضـرورة الفصـل بين الفن والأخلاق والعلاقات الشخصية”!؟. وعلق البعض على ذلك أن هذا الرجل وضع نفسه موضع الوصي ويحمل خطابه لغة استعلائية, فيما رد آخرون بالاعتراف بدوره وأهمية ما كتب في كتابه المذكور.

خلاصة القول: النقد هو الرديف المبدع والموازي للعمل الفني الوافر بالقيمة الحقيقية، ويعود أسه العميق إلى حالة نقدية أيضا، ومن ثم يأتي النص الآخر “نقد النقد” وبالتالي لن يكون النقد تصالحيا ولا مداهنة أو محاكمة على أساس ما أثاره كاتبنا من معيار أخلاقي فضفاض. وما الناقد إلا تلك الحواس المسؤولة عن أمانة يمتلكها، ومعني بالقيمة التي تضيف وتتجاوز ما في الراهن نحو الإضافات اللائقة بهذا الإنسان المتفاعل بإيجابية مع المحيط والمحفز للآخرين، والذي تتسع رحابته لأغلاط البعض البريئة، والتواضع أمام المعرفة وحقيقة الجمال وفضيلته التي تجعل من العالم أكثر اتساعاً وأقل قبحاً.