ثقافة

على أرض مدينة المعارض.. فرح واحد وثقافات مختلفة

 

لم تكن صاحبة النقاء والترانيم “السيدة فيروز” هي الوحيدة المزينة لفضاءات وليالي معرض دمشق الدولي، فقد اعتادت مدينة الياسمين على مزيج مختلف ورائع من ثقافات العالم يتوزع على أرض المعرض كلها، حيث استقبلت أشخاصاً جدداً أتوا من بلادهم ليشاركوا دمشق عيدها التاسع والخمسين، جاؤوا إليها تاركين وراءهم  كل الأقاويل والشائعات التي اطلقتها وسائل الإعلام.

بعد غياب -دام عدة سنوات- لم يستقبل فيها مطار دمشق الدولي أي حقيبة مسافر غريبة، أضاءت لوحة “أهلاً بكم في سورية” معلنة الترحيب بزوارها الأجانب الذين أتوا لزيارة “دمشق” حيث كان لـ “البعث” وقفة مع بعضهم لاستطلاع رأيهم حول زيارتهم لدمشق هذه المدينة العريقة.

فاصوليا سوداء

في البداية، وضع الرجل البرازيلي –سوري الأصل- أحجاراً لامعة في قسمه الصغير بالإضافة إلى حبات سوداء صغيرة –تشبه حبات القهوة- تثير الفضول كانت موضوعة في منتصف الطاولة، وكل من مر بجانبها حاول تذوقها إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، وعندما سألنا عن الحبوب أجابت الفتاة السمراء الجميلة “إنها فاصوليا سوداء مشهورة في البرازيل”، وطلبنا منها –كونها تتحدث العربية- الحديث مع الشخص المسؤول، وبكل لطف بدأت تترجم لنا عن محبة الرجل لمدينة دمشق إذ قال: كنت موجوداً في سورية عام 2010 في آخر دورة لمعرض دمشق الدولي، واليوم عودتي إلى مدينة المعارض تعني لي الكثير، فأنا أشم فيها رائحة والدي –أتى آخر مرة إلى سورية عام 1990- الذي حكى لنا كثيراً عن أيام المعرض وهو تظاهرة  تراثية، لذلك رأيت أنه من واجبي العودة إلى سورية في مثل هذه الظروف، وفرصة المعرض هي الأنسب.

وسألت المترجمة السمراء بما أنه سوري الأصل هل يتكلم العربية؟ أجابني هو مبتسماً “أنا بحكي شوي عربي، وبحب الأكل السوري كتير: الكبة النية والتبولة وحمص وشاكرية وطرطور السمك”.

طيبة ولطف

ومن موطن الجمال الطبيعي البسيط، عبّر السيد “سيغال” من الحزب الحاكم في الهند من نيودلهي عن فرحه الشديد بسؤالنا عن زيارته لدمشق، فقال:

لقد سُئلت كثيراً عن المشاركة في المعرض –في القسم الطبي- من الناحية الاقتصادية وعن التعاون والاتفاقيات إلا أنه لم يسألني أحد عن إقامتي هنا، في البداية كنت أشعر بالخوف من القدوم، ولكن منذ لحظة وصولي أيقنت مدى كذب وتضخيم وسائل الإعلام بأن هناك حرباً في سورية، وغيّرت وجهة نظري تماماً فأهل البلد طيبون جداً ولطفاء في التعامل، فقد زرت دمشق –المدينة- عدة مرات خلال هذه الزيارة، واشتريت أشياء جميلة منها لتبقى ذكرى عندي. وأضاف: بما أنني من الحزب الحاكم سأنقل بكل واقعية للجهات المعنية بأن البلاد هادئة وليس فيها حرب، وسأشجع الجميع لزيارة سورية.

 

“شاروخان”

وقام السيد “راجنيكان” بالتعريف عن نفسه بأنه من مدينة “بومباي”، وليسهل علينا معرفة المدينة ذكر لنا اسم الممثل الهندي الشهير شاروخان، فهو يدرك تماماً أن الجميع يعرفونه، وعن زيارته قال:

دعتني الحكومة السورية للمشاركة في معرض دمشق الدولي مع الشركة الطبية الهندية، وهو شرف كبير لي أن آتي إلى هذه البلاد، لقد وجدت ترحيباً جميلاً من الشعب، وفي الواقع أعطانا الإعلام صورة غير حقيقية عندما كنا في الهند، وكل ما نعرفه أن في سورية حرب ودمار والبلد غير آمن، لكن عندما أتيت وجدت أن البلد ودود جداً، فقد زرت دمشق في وضح النهار ورأيت كيفية انشغال الناس بأعمالهم وحبهم للحياة، وقد أحببت الأكل السوري كثيراً وخاصة الأكل النباتي الفلافل وأكلات الباذنجان، ووجدت أن الخضار هنا طعمها لذيذ جداً فهي مختلفة كثيراً عن الخضار الهندية، وأضاف: أفكر في العام القادم قضاء عطلة مميزة وجميلة في الصيف مع عائلتي لأتعرف أكثر على مدينة دمشق العريقة وأزور كل أسواقها وأتذوق كل أصناف الطعام النباتية فيها.

مثلجات

وجاءت الفتاة السمراء صاحبة العيون الملونة إلى سورية والرعب يسكن قلبها ورفضت في البداية فكرة المجيء، إلا أن الشركة الطبية التي تعمل لصالحها ألحت عليها، فقالت:

في الحقيقة، أشكر الرب كثيراً لأنني أتيت إلى هذا البلد الجميل، وأنا لست نادمة على الإطلاق وإنما سعيدة جداً بقدومي إلى هنا والمشاركة في المعرض. في الواقع، لقد تفاجأت بالشعب السوري المتعاون فهو شجاع جداً وأنا معجبة كثيراً بمواقفه، فهو  رغم كل ما يجري من حوله صامد ومصر على العيش، لقد زرت مدينة دمشق القديمة وأكلت من أكلها، وكنت سأندم كثيراً لو لم آتِ وآكل من هذه البوظة –وكانت تتناولها بمتعة- فهي لذيذة جداً، ولا استطيع الشبع منها، وأبحث عن طريقة لأخذ كمية كبيرة ليتذوقها الجميع في الهند.

فلافل

وفي الجناح الروسي وقف شاب جميل ينظر بإعجاب إلى زوار المعرض، وكأن عيونه تقول “كل هذا الجمهور وما زال العدد يتزايد”، اقتربنا منه لنسأله عن الزيارة فأجاب:

هذه أول مرة أزور سورية وقد أعجبت بالناس كثيراً، وفي الحقيقة لم أحتج أي مساعدة إلا وقدموها لي بمحبة ولطف. حاولت أن أزور كل أحياء مدينة “دمشق” إلا أنه –بسبب ضيق الوقت والعمل- لم تسنح الفرصة لي إلا زيارة باب توما والحميدية فقد أحببت الأماكن القديمة وشعرت بالحميمية أثناء تجولي في أزقتها الرائعة، وأهم ما في الأمر –قالها بسعادة كبيرة- أكلت كثيراً الفلافل، وبابتسامة جميلة وخجولة أبدى إعجابه بالفتيات السوريات.

جمان بركات