ثقافة

نـعـم لـدي تـجـاعـيـد..

انظر لنفسي بالمرآة من عدة أبواب ولا يهم بأي وقت أقوم بفعلي هذا، فالزمن في هكذا أمر لا قيمة له، لم ولن يغير من حال الصورة أبداً.. وما خُطّ في داخل المرء سيقرأ، وسيبدو كعين الشمس على تلك السطوح المصقولة بعناية..
أحياناً من باب رفع العتب، وأحيانا أخرى من باب أن أطمئن على ملامح وجهي هل مازالت تحافظ على مخزون لا بأس به فيما يخص البقاء على قيد الجمال، وبعض الأحيان من باب الحب وحكاياته، وهو أوسع الأبواب والأكثر إلحاحا على الإطلاق.. أنظر إلى ذاك السطح الجامد علّني أرى انعكاس صورته في لمعة عينيّ فتبدأ من جديد دورة الحياة..!
في الحقيقة، أنظر لنفسي في المرآة واكتشف الكثير من التجاعيد الرقيقة حول عيني.. فمي.. جبيني، وأقول في سري لابد من وجود تلك التجاعيد.. فأنا كان لدي أصدقاء كنا نضحك ونضحك غالبا حتى البكاء.. في الحرب اللعينة لا أعلم أين ذهب الضحك وذهب هؤلاء الأصدقاء..! ثم قابلت الحب الذي جعل عيني تزهر فرحاً وياسميناً..  لدي تجاعيد، لأن لدي أطفال يزدادون فرحاً ونضجاً وأنا أزداد قلقاً.. أبتسم لكل اكتشافاتهم الجديدة ونرسم معاً خطاً لقوس قزح من نور ونار.. وأمضي ليالي طويلة بانتظارهم.. ومن ثم بكيت.. بكيت حتى تحجر قلبي ومدمعي لأجل الأشخاص الذين أحببتهم ورحلوا بلا موعد وبلا لزوم لوقت قصير أو للأبد دون أن أعرف الأسباب..
سهرت كثيراً وأمضيت ساعات دون نوم وأنا أقرأ وأجهد نفسي لسبب مشاريع غالية على قلبي، جميلة وقيّمة وغالباً لم تتحقق (كانت الأسباب تتعلق بالجودة، جودة وفاء وصدق من قوامين على عملنا أو لقمة عيشنا في أي مجال).
سهرت لأجل أطفالي في مرضهم.. سهرت لأجل قراءة كتاب.. سهرت أيضاً كمن ينتظر أن تضمه يدا عاشق..
عشت أكثر مما توقعت.. عشت بطريقة جنونية، أنا من هؤلاء الذين بقوا بالصدفة على قيد الحياة.. شاهدت أماكن خلابة، أماكن جيدة استحقت ابتسامتي ودهشتي.. ومررت بالمقابل بأماكن قديمة كانت يوماً ما قطعة من روحي جعلتني أبكي بكل ما أوتيت من حرقة قلب..
في كل تجعيدة حفرت على وجهي تختبئ قصة.. الانفعالات التي عشتها وخبرتها هي جمالي الداخلي.. وإذا توجب عليّ انتزاع كل هذا مواكبة لصرعات العصر والتجميل سأندثر أنا نفسي.. كل تجعيدة هي حكاية صغيرة من حياتي، هي روحي ونبضة قلب فيّ.. إنها ألبوم صور لذكرياتي الأكثر أهمية بالنسبة لي من الحاضر والآت..!
لينا أحمد نبيعة