ثقافة

“بإبداعنا وانتمائنا نواكب النور” انطلاقة جديدة للمعهد العالي للفنون المسرحية

“أمنياتنا واحدة ومخاوفنا متشابهة” هذه المقولة أجمع عليها طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية من خلال تكاملية فنون فعالية انطلاقة العام الدراسي الأكاديمي2017-2018 تحت شعار” بإبداعنا وانتمائنا نواكب النور” والتي نوّعت بين العرض المسرحي والرقص المعاصر والعرض البصري للتقنيات، عروض أظهرت جميعها حرفية الأداء لدى الطلاب، وتمكنهم من تجسيد علومهم النظرية بشكل تطبيقي لخلق حالة تفاعلية تساهم في المشهد الثقافي عامة، ولم تنحصر الفعالية بانطلاقة العام الجديد فقط، إنما كانت فرصة للإفصاح عن خطط لتوسيع المعهد مثل افتتاح شعبتين للتمثيل، وانطلاق فرق خاصة بالمعهد.

وتحدث معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض عن أهمية الفعالية كونها تقليداً سنوياً لبداية العام الدراسي، وأشاد بالفعالية ككل لاسيما أنها تضمنت العرض المسرحي وعرض التقنيات البصرية والسمعية والعرض الراقص المتميز والذي اعتمد على لغة الجسد واللياقة العالية، والحرفية بالأداء وبالتطور النوعي والجرأة بطرح الأفكار، وفي النهاية هو فن من الفنون التي تدرس بالمعهد ويجب أن يسلط الضوء عليه، ليعرف المتلقي أن المسرح هو علم بالإضافة إلى الموهبة، وبيّن المبيض بأن الدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية تتطلب جهداً كبيراً، ليخلص إلى أن وزارة الثقافة تهتم بهذه الفعالية السنوية لأنها بداية لخطة درسية جديدة، وأثنى على الإدارة المميزة للسيدة جيانا عيد التي تعطي من خبرتها للطلاب الذين يمثلون المستقبل.

اهتمامنا بطاقة الشباب

وانطلقت السيدة جيانا عيد عميد المعهد من المرحلة الراهنة التي نعيشها والتي لاتقبل بأنصاف الحلول فإما أن نكون أو لانكون، موضحة أننا الآن بحاجة إلى الشباب الذين مارسوا دورهم وحضورهم بالحرب، وساهموا باستمرار إيقاع الحياة بوجودهم بمتابعة دراستهم فهذه الفئة هي عماد المستقبل، مما يتطلب منّا أن نهتم بكل مؤسساتنا بجيل الشباب، وهذا ما نسعى إليه بأقسام المعهد لذلك كان شعار الفعالية “بإبداعنا وانتمائنا نواكب النور” النور الذي حققه أبطال الجيش العربي السوري، ونعمل على مواكبة النصر من مواقعنا في مؤسساتنا، وعن الخطة القادمة للتواصل بين المعهد والمؤسسات الثقافية لعرض فعاليات المعهد؟ قالت بأن المعهد يسعى للتعاون مع مؤسسات أخرى بغية التكامل لنشر ثقافة المعهد وفعالياته بأنواعها، أما من حيث العرض على المسارح والمراكز فحالياً لايوجد توجه لخروجها من أقسام المعهد، لكن إذا وجدت الفرصة فبالتأكيد نرحب بهذه المبادرة، في النهاية نحن جميعاً نعمل لتفعيل الحراك الثقافي.

وقد شكّل العرض الراقص الإيحائي التعبيري الناطق بلغة الجسد، والمعتمد على أداء الراقصين بالتوظيف الدرامي لأجزاء الجسد ولتقنيات فنّ الرقص مع تشاركية المؤثرات الصوتية بقوة، وبالإضاءة التي خدمت تصاعد الحدث داخل اللوحة بطرح المضامين الإنسانية للأفكار بجرأة علامة فارقة في الانطلاقة، لاسيما اللوحة الأخيرة”حصار” تصميم فادي جحا التي اتسمت بأداء عالي المستوى، وأوضح الأستاذ معتز ملاطيه لي المشرف على العرض بأن اللوحات التي قُدمت تنتمي إلى الرقص المعاصر الحديث، وتوقف عند لوحة حصار التي تعبّر عن تعرّف الإنسان إلى مكوناته الجسدية، متطرقاً إلى التابو بطرح أفكار لتحرير ذهنية الإنسان وفكره وذاته عبْر التحرر الجسدي، وعن مدى تأثير المؤثرات الصوتية والموسيقية تابع ملاطيه لي بأن تأثيرها قوي بالموسيقا والإيقاع بخلق أجواء تدخل المتلقي إلى خصوصية العرض بعيداً عن أيّ تشويش لنقل حالة معينة، ليصل إلى أن المعهد في كل عام يتطور ويرتفع درجة، والطلاب على مستوى عال من الحرفية والأداء والالتزام.

الواقعية الرمزية

والصراع برمزية الماء على المكان من أجل البقاء غير مجد فلا يمكن إلغاء الآخر، هذا محور العرض المسرحي الخزان الذي يدور حول الاختلاف بين شخصيتين من جيلين مختلفين، تتخلله ومضات إنسانية تتعلق بثنائية الرجل والمرأة، وعلاقة الرجل بذاته بالسيطرة على أفراد الأسرة، عبْر ارتجالات مستندة إلى نص الخزان العظيم للكاتب بيتر تيرسون تمثيل فادي حواشي وخالد شباط، والذي اعتمد على الواقعية المسرحية المنظمة التي تحمل شيئاً من الرمزية، كما أوضح مساعد المخرج طارق عبدو، وتابع بأن الخزان كان نتاج ورشة عمل لاعتماد الأداء الأفضل،اعتمد على خلق بيئة واقعية طبيعية موجه للعامة وليس فقط لهذه الفعالية، ونتمنى أن نعرضه بالقباني أو مسرح الحمراء، في حين بيّن المخرج يزن داهوك أن العمل هو التجربة الأولى للطلاب وللخريجين، وتم التركيز فيه على التفاصيل الصغيرة.

صور مفقودة بالحياة وبالذاكرة، جزء منها يعالجها الدماغ وجزء يتلاشى باللاوعي، استحضار ذاكرتنا وتطويع أحلامنا بأدوات تخلق صيغة عرض بصري يليق باختصاصاتنا بإمكانياتنا، هذا ما أضافه المشرف على العرض البصري” تغفيق” لقسمي السينوغرافيا والتقنيات المسرحية الأستاذ غيث المحمود قائلاً: عملنا في العرض على تكثيف صور تحمل مفاهيم يشكّل اجتماعها شيئاً من السريالية وإسقاطها بين الجمهور والفضاء الواقعي، يجعلنا نتساءل عن هذه الصور بماذا ترتبط وماذا تشكّل؟هذا يعود إلى ذاتية المتلقي ومخزونه البصري وذاكرته.

فلسفة الإحساس

وتحدثت رشا زنداقي عن مشاركة فريق العمل من السينوغرافيا والتقنيات ومنها صوت وإضاءة، بأنهم عملوا على رسم الصور وفق قصة”الستوري بورد” ومن ثم التصوير والفيديو والاسكتشات وتقنيات الموسيقا على “الإفكتات” والبرامج لخلق مناخ موسيقي يتعلق بفلسفة الإحساس استخدمنا على سبيل المثال دقات القلب، وشرارة استقبال للدماغ، استخدمنا أصوات لها علاقة بحواسنا بمخاوفنا بأحلامنا لأفكار تنتمي للعصف الذهني، تلعب على الحواس ليكون المشاهد جزءاً من العرض البصري، لنكتشف في النهاية بأن تجاربنا الشخصية ومخاوفنا متشابهة دون أن نعرف بعضنا.

ليخلص الإعلامي ملهم الصالح المسؤول عن المكتب الإعلامي بالمعهد إلى أن الفعالية كانت منوعة احتفاء بانطلاق العام الجديد، تعرّف الطلاب الجدد بأقسام المعهد من خلال الجانب التطبيقي والنظري معاً، وطالب أن يعمم هذا المنهج على المراكز سواء بفعاليات أو بورشات عمل لأنه أثبت حضوره، مشيراً إلى الحالة التشاركية بين الخريجين والطلاب من سنوات مختلفة والتي خلقت حالة تفاعلية عملت على كسر الحواجز التي تعترض الطالب الجديد.

ملده شويكاني