ثقافة

صار المطر ع الشبابيك

كانت ومازالت مواعيد الصيف وشمسه مصدر إزعاج لي ولبشرتي البيضاء.. تأخذني من جلساتي مع نفسي ومع فنجان قهوتي السكر..

يأتيني الخريف بمنتهى اللطف ولا يمل أو يكل من مناداتي.. أتبع نسائمه بخجل، فأنا لا أحب مزاجه المتقلب من حال إلى حال، وأحيانا كثيرة أمرض منه ولأجله..

أنا امرأة خلقت لتلاحق الشتاء من مدينة لأخرى.. وضوح ضبابه يسحرني.. سواد لياليه الناصعة البياض تشبهني إلى حد ما..

المطر وحده يرى نظراتنا المتثائبة نحو الريح، ويسمع حزننا المدوي مثل شجرة تسقط باتجاه الشارع فوق ما ضم من عربات.. ويتجاوزها المارّة بكل برود..

للشتاء حنين.. قلّة من الناس تعيش هذا الدفء بشكل صحيح وصحي، فلم يكن الشتاء يوماً من الأيام بارداً..!

كالعادة أستيقظ صباحاً وأبحث كمدمن عن جوالي.. أفتح نافذتي الزرقاء لأطل على شرفات أصدقائي هناك وأفترض كما عالمهم الافتراضي أنهم على ما يرام..

لاشيء هناك سوى كمين (حب) جديد ينصب لنقع فيه راضيين باستمرار..

قهوة تعد من طرف واحد دون رفيق تبرد على تلك الشفاه..

خواطر مكسورة وقلوب تبحث عن نوافذ مفتوحة على حنين يأتيها من كل الجهات..

أكف تحمل الورود وأكف أخرى تبحث عنها في الهواء..

أغنيات طويلة في ليالي الشتاء القصيرة التي غزلت من دمع العشاق..

حب يجيء على حين غفلة في المساء ويذهب أدراجه مع مطلع شمس الصباح..

قولوا لي كيف أحصي حياتي بهذه الطريقة..؟!

شيئاً فشيئاً تتحول عيناي لكاميرا تتجول في الأنحاء وفيّ.. تلتقط الصور وتكتبها على شكل حروف.. وحروب لاشيء يوقفها حتى دعاء الأمهات..!!!

لم أعش الربيع يوماً لذلك لا أستطيع أن أكتب عنه وخاصة بعد ربيع الثورات القذرة التي شلت حركة الحياة..

دائما أبكي في الجزء العميق من قلبي ودائما بنفس الجزء أحب.. سأستأصل هذا الجزء المعتم يوماً ما..

للذين يودون زرع الورد في طريقي حبذا لو تكون موسمية ودائمة الخضرة.

كم يوجعني الهبوط الاضطراري من سماه..!

الحرب قتلت كل حيّ فيّ وجعلتني أتسكع كل ضياع علّي أجد صفرا جديدا أبدأ منه ما بقي من عمر الزمان..

ها أنا ورغم كل الصخب الذي بداخلي أسمع صوتاً يناديني بهمس حبيب على قلبي.. على ما أظن صار المطر ع الشباك.. لزائري الجميل هذا.. له وحده وبلا موعد أفتح نوافذ قلبي والأبواب.

لينا أحمد نبيعة