ثقافة

“تاء مربوطة” في السويداء بلون برتقالي

“تاء مربوطة” أصبح حرفاً جديداً مضافاً لقاموس النشاطات الاجتماعية الواعدة لنميز فيها عنصراً يشكل نصف المجتمع ويعد دعامة أساسية فيه، وبإيفائه دوره يسترد المجتمع حيويته وقدرته على مواكبة التقدم والحضارة، وانطلاقاً من أهمية العمل على قضايا المرأة كأولوية -باعتبارها الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع والتي تحتاج لمزيد من العناية والاهتمام بشؤونها- قامت مجموعة من المتطوعين الشباب المهتمين بالعمل المدني بتأسيس فريق “توليب لدعم المرأة والطفل” –الذي بدأ العمل في منتصف الـ2015-  ويهدف إلى توعية الشباب وتعريفهم بالحقوق الإنسانية للنساء والأطفال من خلال كادر مدرب ومختص يعتمد على مبدأ نشر الثقافة القانونية بهذه الحقوق، من خلال برامج محو الأمية القانونية التي تستهدف مختلف الشرائح، وتسعى المجموعة لنشر ثقافة اللاعنف ونبذ التطرف وإشاعة السلام.

T.MARBOUTA تاء مربوطة

تم الاتفاق بين فريق “توليب لدعم المرأة والطفل” والفرق المدنية التطوعية بمحافظة السويداء “الثريا التنموي” وفريق “أوما” لدعم المرأة وفريق “بيتي أنا بيتك”، على إطلاق حملة مناصرة لمناهضة العنف ضد المرأة تحت اسم “T.MARBOUTA” والتي تتضمن ثمانية أنشطة بمدينتي السويداء وشهبا، وتأتي هذه الحملة منسجمة مع الحملة العالمية التي أطلقتها الأمم المتحدة قبل سنوات، وفي حديث لـ”البعث” مع منسق الحملة شادي صعب قال: دعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم نشاطات في الفترة الممتدة من 25 تشرين ثاني والمصادف “اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة” حتى تاريخ 10 كانون أول من كل عام، بهدف رفع وعي الناس في المجتمعات المحلية حول حجم المشكلة، حيث أن العنف تجاه النساء والفتيات بمختلف أشكاله وأبعاده يعد وباءً عالمياً عابراً للجغرافيا، ولا يقتصر على منطقة بعينها أو مجتمع محدد، وإنما يصيب كافة المجتمعات على اختلاف تطورها وتقدمها، وانطلاقاً من هذه الفكرة تقوم المجموعة بشكل تطوعي بتنظيم أنشطة مصاحبة للحملة الدولية في المجتمع المحلي، ففي العام الفائت أقيم عرض مسرحي بعنوان “360 درجة” جسد حالات العنف ضد النساء والفتيات في مجتمعاتنا، استمر العرض لأربعة أيام متواصلة واستقطب متابعين من كافة الشرائح الاجتماعية ومختلف الأعمار.

النشاطات

وعن النشاطات والفعاليات التي قدمها الفريق أضاف صعب: بدأت النشاطات مع فعالية “موسيقا ع الطريق- حياة خالية من العنف” في ساحة السويداء حيث تجمع عشرات المناصرين للحملة في الساحة مرتدين اللون البرتقالي وحاملين شعارات مناصرة لقضية مناهضة العنف تجاه النساء والفتيات، وعزفوا موسيقا قريبة من لغة الشارع لاستقطاب الناس العاديين في الأسواق، أما استخدام اللون البرتقالي فيرمز إلى مستقبل أكثر إشراقاً دون عنف، حيث دعت الأمم المتحدة من خلال خطاب أمينها العام إلى استخدامه في نشاطات الحملة التي تهدف لرفع الوعي العام، وبتاريخ 27 تشرين ثاني عرضت مجموعة من الأفلام القصيرة حول ظاهرة العنف الأسري بمجتمعاتنا العربية، وناقشت ما حملته هذه الأفلام من عناوين وأشكال للعنف الأسري الذي تعيشه الفتيات والنساء والممتد منذ الولادة وحتى الممات، وأقامت الحملة ندوتين حواريتين أشرف عليهما مختصون بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، فحملت الندوة الأولى عنوان “العنف القائم على النوع الاجتماعي” مفهومه وأشكاله، فيما الندوة الثانية كانت بعنوان “القوانين التمييزية ضد النساء” والتي تعرض بعض القوانين التي تقف عائقاً أمام تطور المرأة وتحقيق نهج المساواة بين الجنسين، ومن إحدى نشاطات الحملة العمل على رسم مجموعة من الجداريات الفنية على جدار كنيسة الروم الأرثوذكس بالسويداء تجسد حقوق المرأة ودورها في صناعة السلام بالمجتمعات المحلية بعنوان “المرأة والسلام”، وتهدف الجداريات إلى توجيه رسائل طويلة الأمد للمجتمع المحلي حول ضرورة العمل على إنهاء العنف تجاه النساء والفتيات وتحقيق المساواة التامة بين الجنسيين من أجل التعافي المجتمعي والتطور المنشود الذي يرتقي بحال وطننا، واعتمدت الحملة على تجسيد الحالة الإيجابية وابتعدت بشكل مطلق عن استخدام صور تعنيف لنساء وفتيات لأنه لا يجوز أن يُجسد العنف بالمجتمع، وإنما يجب استخدام المنهج الإيجابي المُحفّز، وستختتم الحملة فعالياتها بإطلاق “ماراثون” باللون البرتقالي لحشد أكبر قدر ممكن من النساء والرجال ورفع الوعي المجتمعي حول ضرورة مواجهة العنف ضد المرأة في المجتمع وبكافة المجالات وعلاج هذه الظاهرة التي تهدد السلم المجتمعي.

أهداف الحملة

على صوت الموسيقى تجمهر عدد من المارة وتابعوا الفعالية بعيون مذهولة وآذان صاغية، وعن أهداف الحملة قال شادي صعب: في بداية الأمر أبدى البعض استغرابه من عنوان الحملة وهدفها، منهم من علق على القضية بتهكم وبشكل فكاهي، ومنهم من تساءل هل العنف ضد المرأة فعلاً موجود في مجتمعنا وإن كان واقعاً فهو-من وجهة نظرهم- بسيط ويكاد لا يذكر، فكان على عاتق الفريق مهمة شرح أن العنف تجاه النساء والفتيات له أشكال مختلفة ولا يقتصر فقط على العنف الجسدي، فهناك العنف الاقتصادي والاجتماعي والنفسي وحتى اللفظي، وإن أخطر آثار العنف عندما تتعايش الضحية مع حالتها وتعتبره وضعاً طبيعياً ومألوفاً وتتشابه حالتها مع حالات عديدة في محيطها، فلا تدرك أن ما تعيشه هو عنف قائم على النوع الاجتماعي ويحتاج إلى علاج.

وأضاف: أحد أهم أهداف الحملة هو إشراك الرجال بقضايا المساواة بين الجنسين، والابتعاد عن الصورة النمطية السائدة التي تقول إن مناصري حقوق المرأة يناصبون الرجال العداء، فعملت الحملة على توجيه رسائل للرجال من خلال منشور يحث على ضرورة مد يد العون للناجيات من العنف في أسرهن ومحيطهن، كما شجعت الحملة الرجال التأكيد للنساء والفتيات أنهم على استعداد تام للاستماع لهن ومساعدتهن في حال تعرضهن للعنف.

التمويل

يفتقد الفريق إلى دعم مالي يساعده على الاستمرار والتوسع لنشر أفكار حملته في المحافظات الأخرى، وفي هذا الخصوص يقول منسق الحملة صعب: يحاول الفريق نشر فكرة الاستثمار في الرأسمال المجتمعي، وهدفنا تحفيز طبقة التجار والاقتصاديين في المجتمع المحلي على دعم أنشطة الشباب التطوعية ومبادراتهم المجتمعية من خلال التركيز على المصلحة المتبادلة، ولدى الفريق أمل أن يكون العمل في الحملة القادمة مع الفرق التطوعية الشبابية في دمشق واللاذقية وطرطوس وغيرها، كشركاء فعليين للوصول إلى بعد وطني للحملة تحقق نتائجها المأمولة على مستوى أوسع.

علا أحمد