صحيفة البعثمحليات

مظلة آمنة وداعمة!

يعوَّل كثيراً على البحث العلمي في مرحلة إعادة الاعمار في كل المجالات نظراً لدوره في تطوير الخطط التنموية، فاليوم لم يعد مقبولاً البناء على خطط عشوائية، أو اعتماد واستنساخ تجارب ثبت إخفاقها بالمطلق على أكثر من صعيد!

مراكزنا وهيئاتنا البحثية التي يزيد عددها على الـعشرين، بما فيها الجامعات والمعاهد العليا من المفروض أن تكون جاهزة لهذا الدور الاستراتيجي المنتظر وفق أجندة مدروسة بين مختلف الجهات البحثية والمستفيدة من البحوث، وذلك من خلال وضع وتحديد أولويات العمل حتى لا نقع بالمطبات، أو نبقى نراوح في المكان ولا نتجاوز الحد النظري للبحث!

الفجوة بين النظرية والتطبيق العملي واضحة، عل الرغم من أننا نملك الأدوات البحثية المتمثلة بالباحثين، ولكن نفتقر للمناخ المناسب الذي يدفعهم للإبداع في العمل، فالبحث العلمي لا يقام أو ينجز بالتقسيط، وإنما بالتحفيز والتقدير للجهد والفكر والدعم المالي للباحث ومشروعه، خاصة عندما نعلم أن مشكلتنا كانت وما زالت هي بالتقتير والتقشف بتمويل البحث، في حين  نسرف “بالصرف” في مطارح أخرى ليست ذات أهمية!

من يلتقي طلبة الدراسات العليا الذين هم نواة البحث العلمي يحزن لواقعهم المؤلم، وهم يسردون همومهم وشجونهم وحسرتهم على أبحاثهم القيّمة المركونة في الأدراج بحجة عدم توفر التمويل اللازم لاستثمارها، وهنا نسأل أين الهيئة العليا للبحث العلمي التي أحدثت بهدف تبني الأبحاث خاصة النوعية منها أو ذات القيمة المضافة بأي مجال كانت؟

أليس من المفروض أن تكون المظلة الآمنة والداعمة للأبحاث بدلاً من تركها نائمة في الأدراج وتزيّن رفوف مكتبات الكليات الجامعية؟!

بالمختصر، ما يهمنا بالنتيجة هو تسويق المنتج البحثي في جامعاتنا ومعاهدنا واستثماره بغرض التنمية وليس الترقية العلمية أو المالية، وحتى نصل لذلك يحتاج  البحث العلمي لسخاء، بل يحتاج لتمويل وتشبيك وتنسيق بين المؤسسات البحثية والجهات التي تريد الاستفادة منه سواء كانت حكومية أم خاصة، ويحتاج أكثر لتشريعات مرنة تيّسر ولا تعسّر، وقرارات جريئة، وإلى ثقافة وقناعة بجدوى استثمار مخرجاته بدلاً من التغني بها على الورق واستعراض أرقام لا فائدة منها!

غسان فطوم

ghassanfatom@gmail.com