اقتصادصحيفة البعث

مواءمة الكفاءة مع الصرامة..!

 

 

أيهما أكثر جدوى في العمل الإداري.. زيادة الصرامة في الأداء على حساب الكفاءة، أم زيادة الكفاءة على حساب الصرامة..؟!
يتحقق في الحالة الأولى الانضباط المطلوب لسلوك المرؤوسين الذين يجهدون لإرضاء رؤسائهم في العمل إما من خلال النفاق بالقول، وهو الطريق الأسهل والأنجع بالنسبة لغالبية العاملين لاتقاء شر ردود أفعال رؤسائهم، وإما من خلال تحقيق الحد المطلوب من جودة مخرجات العمل التي تتوافق مع مقدار مهنية وكفاءة رئيس العمل ذات المنسوب غير المطلوب لقيادة دفة العمل الموكلة إليه، وذلك من قبل بقية العاملين الذين ينأون بأنفسهم نسبياً عن مسلكيات النفاق وأساليبه المشبوهة..!
أما في الحالة الثانية فغالباً ما يسود التراخي أجواء العمل، ولا يأبه الموظف كثيراً بالنواحي المتعلقة بالانضباط وحيثيات العمل المهنية، ما قد ينعكس بالتالي سلباً على جودة العمل، وربما يضطر رئيس العمل لترميم أخطاء مرؤوسيه غير المبالين، معتمداً بذلك على كفاءته العالية..!
إذاً في كلتا الحالتين هناك خلل واضح، يتبدى في الأولى ضمن سياق التزلف لرئيس العمل القائم بالأساس على الصرامة المتداخلة إلى حد كبير مع التسلط، وفي الثانية هناك تكريس من وقت رئيس العمل لتصويب أخطاء مرؤوسيه على حساب استثمار كفاءته في قضايا استراتيجية تصب في مصلحة العمل كله..!
الشواهد على ذلك في مؤسساتنا الحكومية كثيرة، والأدهى أنه يتبين لكل متقصٍ حول هذا الأمر أن سر وجود الحالة الأولى هو المحسوبيات، ويكمن السر بالثانية باعتماد مبدأ التغيير المفاجئ لمفاصل معينة في بعض المؤسسات في مسعى لضمان عدم انحدارها إلى مستوى يهدد نهجها العام ويصعب فيه إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وذلك بعد أن تصل إلى حد كبير من الترهل والفساد..!
للأسف قلما نجد المواءمة بين الحالتين، بمعنى تحقيق التوافق بين الكفاءة والصرامة مع الأخذ في الحسبان توظيف الأخيرة في القضايا الحساسة ذات البعد الاستراتيجي، كعدم التهاون –مثلاً- في تنفيذ مشروع ما ضمن برنامج زمني محدد، لا تأخذ الصرامة شكلاً من أشكال التسلط والديكتاتورية غير المفهومة ولا المبررة، وتصبح أشبه ما تكون بسيف مسلط على رقاب العاملين خاصة في التفاصيل الصغيرة، وأن تأخذ الكفاءة دورها من خلال تدريب العاملين وتأهيلهم ليكونوا أذرعاً تنفيذية يعتمد عليها..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com