أخبارصحيفة البعث

السياسة ولغة الجسد.. والشكل ماذا حصل عند الخط الفاصل بين الكوريتين؟

 

د. مهدي دخل الله

الحدث الأبرز مؤخراً كان لقاء زعيميْ الكوريتين على الخط الفاصل، وهو الخط الذي يعتقد أنه الأكثر خطورة في العالم. زرت هذا الخط بداية التسعينيات في إطار وفد حزبي، وشاهدت بأم عيني سخرية السياسة، حيث يفصل خط مصطنع من التراب بارتفاع 20سم وعرض 30سم بين أبناء شعب واحد.. شعب لا تفرقه أديان ولا مذاهب ولا اثنيات.. وإنما يفرقه هذا الخط الترابي السخيف..
جنوب الخط كان يقف جندي أمريكي وشماله جندي كوري شمالي (وليس جندياً صينياً أو روسياً)… ويمكن للجنديين أن يتلامسا إن أرادا، لكن هذا كان مستحيلاً..
اليوم استبدل الخط الترابي بخط من الإسمنت، لايزيد ارتفاعه عن 10سم، وقد شاهدناه في النقل التلفزيوني للقمة، ما أثارني أنه عندما صافح الرئيسان بعضهما سحب الرئيس الجنوبي بيده الرئيس الشمالي ليتخطى الحاجز إلى القسم الجنوبي، ففعلها الشمالي بكل طيبة خاطر ودون تردد.
ووقف الرئيسان على «الأرض الجنوبية» دقيقة واحدة، ثم عاد الشمالي إلى «أرضه»، وحاول سحب زميله إلى الشمال، لكن رئيس كوريا الجنوبية تردد للحظة بدت طويلة جداً، ثم انتقل إلى الشمال بعد أن بدا عليه الإحراج..
هذه الحادثة تؤكد اندفاع رئيس كوريا الشمالية نحو وحدة الكوريتين واستقلاله التام في قراره.. وبالمقابل تردد رئيس الجنوب واحتار، هل سيقبل الأمريكيون هذه الحركة، أم أنهم سينتقدونه عليها… هذا يؤكد أن قراره غير مستقل..
نحن نتحدث هنا عن علم النفس السلوكي، وهذا السلوك يشير إلى أن قراراً مستقلاً يواجه قراراً غير مستقل، ولا شك في أنه لو كان جون واطسون وكارل يونغ، واضعاً علم النفس السلوكي، حييْن لوافقا على هذا الاستنتاج. (ملاحظة: واضع علم النفس الواصل بين الفرد والمجتمع هو ابن خلدون في نظريته عن التقليد والمحاكاة)..
هذا عن لغة الجسد.. أما لغة الشكل، شكل الجسد، فأود هنا شرح كيف كان الناس يتصورون الرجل الشرير، وكيف يتصورونه اليوم. في الماضي كانت صورة الشرير في مخيلتنا أنه معقد الجبين، كثيف الحاجبين، عيناه جاحظتان أو غائرتان، شارباه كثيفان دون تهذيب، شعره أشعث، نظراته ثاقبة مخيفة، ووجهه إجمالاً غير مريح… مارأيكم – مثلاُ- بجون بولتون رئيس مكتب الأمن القومي الأمريكي؟؟؟..
هذا الشكل التقليدي للشرير تطور إلى شكل جديد فيه بعض سمات الأنموذج القديم. هناك مثلاً الشعر الأشعث المتدلي دون ترتيب أو تهذيب على الجبين المعقد، وهناك أيضاً لون الشعر الأصفر الفاقع، والوجه المترهل وحركات التحدي وملامح الغطرسة «والمجاكرة» والاستهتار، وهناك الفم المائل الذي غابت عنه ابتسامة اللطف منذ آلاف السنين..
مارأيكم – مثلاً- بدونالد ترامب وبوريس جونسون وزير خارجية بريطانيا؟؟؟..
mahdidakhlala@gmail.com