اقتصادصحيفة البعث

قوامها الصناعات الزراعية ذات الميزة التنافسية.. “المؤسسة الغذائية” على خطا اعتماد خارطتها كرديف أساسي لتحقيق الأمن الغذائي

 

تسعى المؤسسة العامة للصناعات الغذائية إلى تثبيت خارطتها الغذائية المستندة على أهم الصناعات الزراعية الناشطة في سورية، والتي تتمتع بميزة نسبية تنافسية تجعلها قادرة على المنافسة داخلياً وخارجياً، وتهدف هذه الخارطة إلى الاستثمار الأمثل لهذا القطاع، بحيث تكون الصناعات الغذائية المراد تثبيتها ضمن الخارطة رديفاً أساسياً للإنتاج الزراعي في تحقيق الأمن الغذائي الوطني، وذلك من حيث أهميتها في تحقيق سلسلة القيمة المضافة للإنتاج الزراعي واحتياجاتها التنموية، إلى جانب إعطاء القطاع الصناعي الغذائي المزيد من الاهتمام والتركيز فيه على السياسات الواجب اتباعها من أجل رفع نسبة مساهمة القطاع الصناعي الغذائي في الناتج المحلي الإجمالي.

ميزة نسبية
وتعتمد الخارطة – التي حصلت “البعث” على نسخة منها – في خطتها على المؤشرات الإنتاجية لبعض المحاصيل الاستراتيجية التي تشكل نقطة انطلاق لصناعات غذائية تتمتع بميزة نسبية تنافسية، تشكل محاصيل الحبوب والبقول والمحاصيل الزيتية والخضراوات والفواكه والمحاصيل السكرية والنباتات الطبية والعطرية أهم المصادر النباتية فيها، وتعد اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والحليب والبيض أهم المصادر الحيوانية، وحددت الخارطة أهم الصناعات الغذائية الناشطة في سورية والتي تتمتع بميزة نسبية تنافسية تجعلها قادرة على المنافسة داخلياً وخارجياً نظراً لتوفر مادتها الأولية محلياً، هي (الزيوت النباتية – زيت الزيتون- الطحين – المعكرونة – النشا – مشتقات الألبان – البيرة – المعجنات – الحلويات- الكونسرويات – تجفيف البصل والخضراوات – رب البندورة – العصائر – الكحول).

استحواذ الخاص
وبينت الخارطة استحواذ القطاع الخاص على الصناعات الغذائية مقابل غياب شبه كامل للقطاع الحكومي في هذا الجانب، إذ بلغ عدد معامل الكونسروة 64 منشأة للقطاع الخاص ومنشأة واحدة للقطاع العام، منها 42 منشأة في محافظة ريف دمشق، كما بلغ عدد معامل المعكرونة والشعيرية 13 معملاً، أما معامل عصر الزيتون فقد بلغت 501 منشأة (قطاع خاص)، منها 306 منشآت في محافظة طرطوس، و107 في محافظة اللاذقية.

معوقات
معاون مدير عام المؤسسة ريم حلة لي أشارت إلى معوقات تنمية قطاع الصناعات الغذائية والمتمثلة في ارتفاع تكاليف إنتاج المادة الأولية اللازمة (تكاليف المحروقات – النقل – البذار)، وتكاليف المنتج النهائي نظراً للظروف الراهنة القاهرة في بعض المناطق، إلى جانب ضعف في البنى التحتية ولاسيما تلك المتعلقة بخدمات عمليات ما بعد الحصاد مثل (التوضيب – الفرز – التعبئة – التبريد – التخزين – النقل – التسويق)، إضافة إلى تعدد الجهات الوصائية ووجود نظام مالي وإداري لا يتيح لمؤسسات القطاع العام التصنيعية تأمين مستلزمات الإنتاج التصنيعية ما يحد بالنتيجة من القدرات التنافسية للمنتجات النهائية، فضلاً عن عدم وجود سياسة تصنيعية وتسويقية محددة المعالم، وعدم إعطاء أهمية وأفضلية في التصنيع للسلع ذات الميزة النسبية، ناهيكم عن غياب وجود مراكز متخصصة تقوم بمهمة الترويج للمنتج الصناعي الغذائي، وتقدم المعلومات الخاصة به للمستثمرين محلياً وخارجياً، وعدم وجود ربط ما بين الخطة الزراعية والصناعية والتسويقية بما يراعي متطلبات الأمن الغذائي باستثناء بنود المحاصيل الاستراتيجية (قطن – قمح – شوندر سكري)، مع ضعف قاعدة البيانات ولاسيما في ظل غياب المسوحات الصناعية الميدانية.

مقترحات
وأكدت حلة لي أن المؤسسة وضعت عدة مقترحات عملية لتشجيع الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية من خلال تخصيص الصناعات الغذائية بمعايير الحسم الديناميكي الضريبي والتي تعتمد على معايير نقطية محددة، توضع بالتنسيق مع وزارات الزراعة والصناعة والمالية واتحاد غرف الصناعة، إلى جانب تأمين السيولة اللازمة لفتح أسواق هال جديدة وإعادة تأهيل أسواق الهال الحالية، وإقامة مراكز تجميع المنتجات الزراعية في مواقع الإنتاج الرئيسية أو بالقرب من أسواق الهال، مع دعم المادة الأولية (المنتج الزراعي الأولي) بحيث تصل هذه المنتجات إلى المصنع بأسعار مناسبة، إضافة إلى إقامة مراكز تجميع أولية للمنتجات الزراعية تقوم بإجراء فرز أولي لهذه المنتجات وتوجيهها إلى الأسواق الاستهلاكية أو مراكز التصنيع، أو ربط هذه المراكز بأسواق الهال.
استثمار
مدير عام المؤسسة ناصيف الأسعد أشار إلى ضرورة استثمار المادة الزراعية ذات الميزة النسبية التنافسية في التصنيع من خلال تحديد المنتجات الزراعية التي تحقق هذه الميزة، والتوسع في دعمها من خلال صندوق دعم المنتجات الزراعية، منوهاً إلى أهمية تحقيق التكامل التخطيطي بين القطاعين العام والخاص من جهة، وبين الزراعة والصناعة من جهة أخرى، يكون الهدف منه حصر احتياجات معامل القطاع الخاص من المنتجات الزراعية وفق الطاقات التصنيعية، مشيراً إلى ضرورة إقامة سوق جملة مركزي (سوق هال) وتزويده بأجهزة حديثة وبنظام معلومات متطور، أو تأهيل السوق الحالي من خلال إعداد دراسة تفصيلية متكاملة لإنشاء سوق جملة مركزي يتضمن كافة النواحي الفنية والتنظيمية والإدارية والمكونات الأساسية ومبررات إقامة السوق، ويتم ذلك بتشكيل لجنة من الجهات المعنية وزارة الزراعة – اتحاد غرف الزراعة – وزارة الإدارة المحلية.

إعفاءات
وبين الأسعد أن تخفيض كلف الإنتاج الزراعي الصناعي تكون من خلال وضع دراسة تفصيلية تتضمن حصر كلف الإنتاج للأنواع الرئيسية من الصناعات الغذائية، لافتاً إلى أنه يمكن الوصول إلى التكامل الصناعي من خلال العناقيد الصناعية، وذلك بتشجيع إنشاء تجمعات صناعية غذائية، وعناقيد مكملة من خلال إعفاءات ضريبية وتسهيلات منح التراخيص الإدارية، مع تقديم دراسة تتضمن الحاجة لإقامة تجمعات صناعية غذائية ومكوناتها وأماكن تنفيذها ودمجها مع دراسة التجمعات الزراعية، على أن تشمل الدراسة التكامل في البنية التحتية للصناعات الزراعية، مؤكداً دعم الصناعات الغذائية الصغيرة والمتوسطة من خلال مراجعة التشريعات القانونية المتعلقة بمنح مزايا وحوافز لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع بحيث تكون المراجعة شاملة للقطاع.

محمد زكريا
Mohamdzkrea11@yahoo.com