ثقافةصحيفة البعث

“وردة شامية” .. متابعة كبيرة ومخيفة

 

رغم كل الانتقادات التي طالت مسلسل وردة شامية سيناريو مروان قاووق بتوقيع المخرج تامر اسحاق حتى قبل عرضه، ورغم العنوان القابل للتأويل الذي أثار جدلاً كبيراً وجاء ضمن إطار الظواهر اللغوية بالاختلاف بين اللفظ والمعنى، فالوردة الشامية التي تنثر العطر بعيدة كل البعد عن العنوان الذي حمل أسم بطلتي العمل وردة – سلاف معمار- وشامية – شكران مرتجى- ورغم رفض الجريمة وبعدها عن التراث الدمشقي، حظي بمتابعة كبيرة لمشاهده المثيرة والمخيفة حيناً.
لقد بنى الكاتب مروان قاووق فكرة العمل على قصة ريا وسكينة المستمدة من التراث المصري، إلا أنه تمكّن من توظيف هذه الحكاية ضمن خطوط درامية متداخلة شكّلت فيما بينها حكايات الحارة ككل بما يحدث داخل جدران البيوت وفي السوق بوتيرة درامية متصاعدة ترتبط كلها بمسرح الجريمة ببيت وردة وشامية وبالقبو تحديداً.
كما أدخل الكاتب محور التداخل اللبناني -السوري بحضور عائلات لبنانية تعيش في الحارة لاسيما أن زمن العمل يعود إلى مرحلة الاحتلال العثماني حينما كانت بلاد الشام منطقة واحدة، ليكون لرجل الأمن اللبناني فارس- يوسف حداد- دور خاص بتحريك الأحداث بعدما يقع بغرام وردة التي لن ينقذها الحب كما تعتقد.
الفكرة التي ركز عليها الكاتب هي تحليل شخصية المجرم والعودة إلى الأسباب التي دفعته إلى ارتكاب الفعل الإجرامي، فالجريمة الأولى بقتل عزيزة جاءت دون تخطيط وبدافع الانتقام منها نتيجة خلافات أسرية وحرمان شامية من ابنها، لتأتي الجريمة الثانية أيضاً دون تخطيط بعد أن كشفت ابتهال سيدة الحارة – الفنانة نادين خوري- قتل عزيزة، ليتغير مسار العمل الدرامي وتصبح الجريمة وسرقة الذهب وبيعه الهاجس اليومي لوردة وشامية، وما يريد إيصاله قاووق هو التلذذ بالقتل الذي يستشري بشخصية القاتل وهذا ما بدا فعلاً بملامح شامية ووردة، لتتقابل الجريمة مع بشاعة الشائعة وقدرتها على القضاء على المرأة في بيئة مصغرة، تنتشر فيها الأقاويل وتخضع للتفسيرات الخاطئة، إلى التزوير بالبصمة وإشراك آخرين بالجريمة مثل عرفان تاجر الكلفة- جلال شموط- وخالد ابن ابتهال –معتصم النهار- إلى نظمي تاجر القماش وزوج ابتهال –الفنان علي كريّم- الذي كان له حضور كبير بالعمل وتميز بأدائه لمستويات متعددة من الشخصية، إلى مشاكل اجتماعية أهمها ضرب المرأة من قبل الزوج كحال الممثلة أميمة ملص-زكية- التي كانت إحدى الضحايا، ليوظف قاووق الشخصية بكل أبعادها مستفيداً من خلفية الشخصية -الزوج أحمد رافع- وإظهار الجوانب الخفية الإيجابية التي بدت بشخصيته العنيفة بضربه المتكرر لزوجته بحنانه وضعفه حينما فُقدت.
الورقة الرابحة بالعمل هي رسم الشخصيات من قبل الكاتب وتحويلها إلى كاركترات قوية تحمل العمل بخطابها الدرامي وأدائها الجسدي مثل الفنان سلوم حداد بشخصية عاصم”الزبال” الذي يصبح زوج شامية ويعاني من صعوبة بالنطق ورجفان بيده وباهتزاز شخصيته ككل، ورغم ذلك يكون المساعد لهما بتنفيذ الجريمة مع البني – الممثل سعد مينة- ليغير الصراع دفة القارب ويساعد على كشف هوية القاتل التي ستكون مفاجأة كبيرة لأهل الحارة.
والسؤال الذي يطرح لماذا أراد الكاتب إقحام الجريمة إلى البيئة الشامية عبْر حكاية افتراضية قائمة على التشويق والإثارة؟؟ وهل تسويق العمل وبيعه هو الهدف الأول؟ أم محاولة لإيجاد مداخل جديدة لدراما البيئة الشامية؟ وهل كانت مقبولة رغم نجاح العمل بالمشاهدة وفي الوقت ذاته رفض مضمونه القائم على الافتراض والذي يكرّس نوازع الشر.

ملده شويكاني