اقتصادصحيفة البعث

 حتى “البالة” ترفعت عن مداعبة مشاعر ذوي الدخل المحدود!

 

دمشق – البعث

يستقبل أغلب السوريين عيد الفطر السعيد بحد أدنى من السعادة..فتدني القدرة الشرائية لدخل بالأساس محدود، لم يعد يقض مضاجع الأسر السورية فحسب، بل بات يطبق الخناق عليها ولاسيما في ظل عجز حكومي واضح تجاه ضبط أسعار مواد ومستلزمات العيد من حلويات ولباس وألعاب أطفال، ويزداد المشهد قتامة إذا ما علمنا أن هجرة السوريين لشراء الجديد من الثياب والاستعاضة عنه بالمستعمل والمصطلح على تسميته بـ”البالة”، لم تعد تؤتي أكلها، بعد أن تبدل وضع الأخيرة عما كانت عليه أيام زمان من “متنفس لبعض الشرائح”.. فبعد أن كانت “البالة” بداية الأزمة ملاذاً لكثير من الشرائح إثر جنوح الأسعار وتحليقها خارج سرب المنطق، أضحت -بنظر المستهلك- أقرب بأسعارها إلى أسواق المدن المركزية..!

وسرعان ما تلاشت فرحة العيد بالتوازي مع تلاشي أمل زيادة الرواتب والأجور، ليترك المستهلك وحيداً يصارع هموم متطلبات العيش الكريم بحدوده الدنيا، دون أن تنتصر له الحكومة وأجهزتها الرقابية المسؤولة عن ضبط الأسعار، والتي لا تزال –وربما ستبقى- نائمة بالعسل، تاركة المستهلك ليس عرضة لنار الأسعار الملتهبة فحسب، بل ليواجه أيضاً مطب تدني مواصفات ومقاييس ما يُقبل على تسوقه، كنتيجة لتركيزه على السعر دون المواصفة بسبب ارتفاع الأسعار..!

يقودنا الحديث عن مسألة “ثقافة الاستهلاك” في مجتمعنا، إلى سبر أغوار العادات الاستهلاكية ومدى تداخل الحاجة اليومية للسلع مع هذه العادات، لنكتشف بشكل أو بآخر أن هذه العادات في مجتمعنا لا تأخذ بعين الاعتبار مدى مطابقة السلعة للمواصفة أو على الأقل الانتباه إلى بطاقة البيان المرفقة معها لمعرفة مكوناتها وحيثياتها، المستهلك يكتفي بأحسن الأحوال بالاطلاع على تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، ما يعني أن المواطن لازال لا يعي حقوقه تجاه ما يشتري ويقتني من سلع ومواد مسنداً هذه المهمة إلى الجهات الرقابية المفترض أن تقوم بحمايته، ما أدى في نهاية المطاف إلى استغلال هذا الوضع من قبل بعض التجار والصناعيين لزج منتجاتهم بأسعار ربما تكون منافسة لكنها للأسف على حساب الجودة والنوعية، ولاسيما أن المستهلك بات أمام ضغط نفقات مستلزمات العيد يبحث عن السعر الأدنى. وهنا يرى الخبير الاقتصادي الدكتور زكوان قريط أهمية العمل على إحداث دائرة للدراسات والأبحاث في كل الشركات الإنتاجية العامة والخاصة، بغية إعداد دراسات تطويرية لمنتجاتها وتغيير مواصفاتها من ناحية الشكل واللون بين الفينة والأخرى بحيث تنمي وعي المستهلك إزاء النوعية وتلبي رغباته، والمواظبة بشكل مستمر على دراسة السوق لمعرفة أذواق المستهلكين والزبائن المحتملين، وقياس أطوار السلع والمنتجات وانسيابها في السوق حسب المستهلك.

وفي سياق متصل أشار قريط إلى أن للعولمة أيضاً دوراً كبيراً في التأثير على العادات الاستهلاكية، معتبراً أن التقليد الأعمى هو سيد الموقف في هذه الحالة، علماً أن مجتمعنا يمكن أن يخط لنفسه نهجاً استهلاكياً – إن صح التعبير – يتناسب مع ثقافته وتراثه، وعلى كافة الشركات الإنتاجية المحلية أن تقوم بدراسة السوق المحلية لمعرفة احتياجاته كخطوة استباقية.

وكل عام وأنتم بخير.