ثقافةصحيفة البعث

“حفيدة السماء” قصة مدينة دمشق

 

بدأ الكاتب الشاب محمود أرمنازي كتابة القصص القصيرة بعمر ثماني سنوات، وانتقل إلى كتابة الأفلام القصيرة عام 2010، وأبصرت أولى تجاربه النور في عيد الأم العام الماضي بفيلم “ساعات بتمحي الأيام” للمخرج طارق زياد عائشة. ويرسل أرمنازي عبر أفلامه رسائل إنسانية كبيرة من وحي الواقع، فهو الموهوب في التأليف والشعر وعن آخر إنجازاته قال:

كتبت قصة بعنوان “حفيدة السماء” تحكي عن بلدي سورية وما مرّ بها من حزن ودمار، أحداثها تدور حول فتاة صغيرة تحاول إعادة بناء بلدها حيث يتم وصفها بالقول:

سرحت الفتاة الصغيرة “الحفيدة” بالشام في الصباح، وقالت: أيها المدى الآتي من بعيد، يكفيك غياب وألم، الأولاد تفرقوا، ماذا بك؟ قالت شام “العفو” ولكن الهم كبر، وسال دم القربى، والحيطان تمزقت والبيوت تشققت، والأصوات صارت تنهيدات والأضواء احترقت في العتم، قالت: اهدأ أيها المدى وتعال معي نبدأ بالغناء من أجل دم الشهداء فمازالت بذرة الخير موجودة في قلوب الناس ومازال الأمل بهم كبير. فقالت بضحكة ملونة: لكيّ لا تنحني الشام سأبقى حتى أيامي تفل، مازال الباب يشتكي ويقول يكفي الكلام، وانسوا كل السنوات المريرة التي فرقت الجميع وأبعدتهم عن أصولهم، أنا لا أقول من على صواب أو خطأ فالحروف تغيرت من لغة الكلام، والنقاط تبدلت وأصبح فرح الشام جرح سام، وصار الأب ينادي لولده يا فرحتي عد من الغربة لنبدأ من جديد فالبعد طال كثيراً، وعرس العاشقين ضاع، ودمعة المسافر مازالت متكئة على خده، والدمع نام وانتهى الكلام، وبقيت الصورة والنقش على كتف الطريق أما الطفولة فبقيت مرتبكة من الجدايل المكللة بالورود، والقبلات المزروعة فوق الخدود والقلب الرقيق المملوء بالعشق، تعالي يا شام نتذكر سوية الأماكن التي كبرنا فيها واللحظات التي جمعتنا سوية وأيام الحب التي غمرتنا، لن أنسى هذه اللحظات أبداً غفيت فيها كثيراً، واليوم أقول ما أصعب هذا الانتظار والحرمان، أحاول النسيان ولكن شامي تناديني لأشم رائحتها من ورودها، الغصة تكبر ولم أعد أجد فرصة لأتكلم عنك، لم يحبك أحد مثلي وأسرارنا الدافئة على أطراف المدينة تسأل بيني وبينك “لو تهديني يا شام وردة” ونحكي سوية عن الغرام الذي يجمعنا، ومهما مرت الأيام لا يمكن نسيانها، هيا عودي يا شام كما كنت، روحي تدمع والحرب قتلت قلبي وحبك لا أقدر على إخفائه، أهلي غادروا ورغم ذلك مازلت أدعو لك وأصلي لكي أنسى كل تعبي، لا أريد بناءها بالأوهام ولا أغني أغنية أنساها وأنام، أريد أن أعيد دفء هذا البيت وأبقى بقربك بلا كلمة “ياريت”.

في حلب، التقينا صدفة وفتيل العنب ينزل علينا، تكلمنا كثيراً عن حلم صغير، وفي لحظة نادوا بعضهم بهدوء عاد الصدى بصوت يقول “بدأ القهر من عندنا وأصبح كبيراً”، والشام توجعت فينا اسمع منها صراخاً ساكتاً يقول “ضاعت المدينة” حتى ورود الزينة لم تشتك وإنما ابتسمت وقالت: ستبقى دمشق، زهرة عشق نرويها بالحب ونفديها بالروح وسنبقى نسميها “حفيدة السماء”.

ويستعد صاحب الفيلم القصير “بكرا أحلى” حالياً لتصوير فيلم من تأليفه بعنوان “دمعتي أطفأت شمعتي” في النمسا والعمل يحمل في جوهره قضايا إنسانية، وحالياً بدأ كتابة مسلسل لشركة الإنتاج الفني قبنض، بالإضافة إلى عدة سيناريوهات لمشروع أفلام الدقيقة الواحدة.

جمان بركات