اقتصادصحيفة البعث

نسمة اقتصادية

يمكن إدراج ما يرشح عن التحضيرات الجارية للنسخة ستين لمعرض دمشق الدولي ضمن سياق المؤشرات المرجحة لنجاح استثنائي منتظر لهذا الحدث الاقتصادي ذي الأبعاد الاجتماعية والثقافية والسياحية.

وبعيداً عن لغة الاقتصاد المفعمة عادة بأرقام وبيانات وما يكتنفها من مؤشرات قد تكون صادمة، نشير إلى أن ثمة ترقباً شعبياً لانطلاق المعرض، ربما مرده أن الأخير بات يشكل متنفساً لعامة المجتمع ولاسيما أصحاب الدخل المحدود خاصة في ظل ما يعيشه هؤلاء من ضغط معيشي استهلك قواهم الشرائية نتيجة تزامن مواسم “العيد والمدارس والمؤونة الشتوية”..!

لقد أضحى معرض دمشق الدولي فسحة لتلاقي السوريين عبر عقود من الزمن، وفرصة للاطلاع على منتجات العالم وما تعكسه من ثقافة منتجيها، قبل أن يكون نافذة للتسوق الشعبي وما يعد به من أسعار منافسة، ولعل هذا النقطة على غاية من الأهمية كونها تصب باتجاه تغذية الروح الإنسانية المتعطشة دائماً إلى المعرفة والاطلاع، وبالتالي صقلها بما يتواءم مع التطلعات السامية التي تصبو إليها البشرية جمعاء.

ونعتقد أن هذا الأمر يشكل تحدياً ليس بالسهل على الفعاليات المحلية المشاركة في المعرض العامة منها والخاصة، الخدمية والإنتاجية والثقافية، لجهة إظهار ما بجعبتها من منتجات حالية، وما تصبو إلى تحقيقه من رؤى وأفكار تساهم بإغناء الإرث الإنساني العالمي، وهذا يحتم الانتقاء المحكم لما سيعرض من قبل هذه الفعاليات، لتعكس أرقى ما في جعبتها التراثية والاقتصادية، وعرضها بشكل ينم عن حضارة سورية الضاربة في القِدم.

كما تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن أحد الأسباب الدافعة بكثير من الدول وبعض المنظمات الدولية التي تتأهب لأن يكون لها دور في إعمار سورية هو مراهنتها على الغنى الطبيعي لهذا البلد في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياحية، وأغلب الظن أن هذه المراهنة لم تأتِ إلا بعد دراسات لمقومات سورية الطبيعية أفضت بالنتيجة إلى شبه قناعة بنجاح رهانها..!

طالما ارتبط أواخر الصيف بهذا الحدث، فبمجرد هبوب نسائم الأول يستشعر السوري عفوياً قرب انطلاق الثاني، وذلك قبل أن يرى إعلان الهوية البصرية لدورة المعرض، ما يرجح عراقة هذا الحدث الذي يحمل في كل نسخة كل جديد من جهة، وتطلع السوري لإغناء معرفته وصقل ثقافته العامة من جهة ثانية.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com