الصفحة الاولىصحيفة البعث

مادورو لـ”ترامب”: ارفع يديك عن فنزويلا

تدريجياً بدأت تتكشف تفاصيل محاولة الانقلاب الأمريكي على الرئيس الشرعي في فنزويلا نيكولاس مادورو، وذلك وفق اتفاق أعدّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسبّقاً مع زعيم المعارضة اليمينية في البلاد خوان غوايدو، يقوم بموجبه الأخير بإعلان نفسه رئيساً انتقالياً، بينما تتكفل واشنطن بحشد تأييد دولي له، وهو الأمر الذي أكده غوايدو نفسه في حديث مع محطة “سي إن إن” الأمريكية، ما جعل الرئيس مادورو يطلب من ترامب مباشرة رفع يده عن فنزويلا، مؤكداً أنه سيتخذ جميع الإجراءات القانونية والسياسية والتشغيلية للدفاع عن مصالح بلاده، ردّاً على فرضها عقوبات على شركة النفط الوطنية الفنزويلية.

وقال مادورو، في خطاب متلفز خلال حفل ترحيب بدبلوماسيين فنزويليين استُدعوا من واشنطن بعد قرار فنزويلا قطع علاقتها مع الولايات المتحدة: “أعطيت تعليمات محدّدة لرئيس شركة النفط الوطنية الفنزويلية لبدء إجراءات سياسية وقانونية للدفاع عن ممتلكات وأصول شركة سيتغو الأمريكية التابعة لشركة النفط الوطنية الفنزويلية”.

وكانت واشنطن فرضت أمس الأول عقوبات على شركة النفط الوطنية الفنزويلية إلا أن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، قال: إن شركة سيتغو ستواصل أنشطتها شرط أن يتم إيداع عائداتها في حساب مجمّد في الولايات المتحدة.

وأوضح مادورو تعقيباً على القرار الأمريكي أنهم “بهذا الإجراء يحاولون سرقة سيتغو من الشعب الفنزويلي والمملوكة في أغلبيتها لفنزويلا”، مضيفاً: “سنتخذ جميع التدابير القانونية والسياسية والتشغيلية والفنية والتجارية لحماية مصالح فنزويلا في الولايات المتحدة وفي وطننا”.

إلى ذلك دعا مادورو المعارضة اليمينية إلى التحلي بالشجاعة والبدء بحوار وطني، وقال: “أقول مرة أخرى.. أنا مستعد من أجل فنزويلا للبدء بجولة مفاوضات مع المعارضة الفنزويلية بأكملها، حيث يريدون وفي الوقت وبالطريقة التي يريدون”.

وطالب مادورو الرئيس الأمريكي بعدم التدخل في فنزويلا وتركها وشأنها بأمان، وقال: “دونالد ترامب، انقلاب في فنزويلا لا يتم بهذه الطريقة.. لا تتدخل في شؤون فنزويلا وارفع يدك عنها فوراً”، وأشار إلى أن الدبلوماسيين الفنزويليين عادوا إلى بلادهم من الولايات المتحدة بينهم موظفون في قنصليات فنزويلا في المدن الأمريكية، بينما لا يزال سبعة دبلوماسيين أمريكيين في كاراكاس للتفاوض على فتح مكاتب للمصالح المشتركة في كلا البلدين.

وبالتزامن مع ذلك برزت الملاحظة المكتوبة بخطّ اليد على دفتر ملاحظات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي عن “خمسة آلاف جندي إلى كولومبيا”، ما أثار تساؤلات عن تحرّك عسكري محتمل لواشنطن ضد فنزويلا، التي فُرضت عليها في الساعات الماضية عقوبات نفطية جديدة، فيما أعلن المدعي العام الفنزويلي طارق صعب أنه طلب من المحكمة العليا فتح تحقيق مع رئيس البرلمان المعارض خوان غوايدو ومنعه من مغادرة البلاد وتجميد حساباته المصرفية.

إلى ذلك أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الأعمال الرامية لزعزعة استقرار الوضع في فنزويلا يتم تنفيذها انطلاقاً من أراضي كولومبيا.

وكتبت زاخاروفا على موقع فيسبوك تعليقاً على ذلك: “دعوني أذكركم بأن رغبة الغرب في إعادة الديمقراطية المزعومة إلى فنزويلا، ولنسمِّ الأشياء بأسمائها، هي زعزعة استقرار الوضع في هذا البلد، وتتم على وجه التحديد من أراضي كولومبيا”.

وأشارت المتحدثة إلى أن إمكانية التدخل العسكري الأميركي في فنزويلا صدرت بدرجات متفاوتة من الخجل، حيث ألمح إليها الكثيرون في واشنطن من الرئيس إلى ممثلي إدارته.

من جهته، حذّر الكرملين مجدّداً من العواقب السلبية لأي تدخل عسكري أجنبي في شؤون فنزويلا، وقال المتحدّث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف: “أما بالنسبة للتدخل العسكري لبلدان ثالثة في الأزمة الفنزويلية، فقد حذّرنا منذ البداية من النتائج السلبية للغاية حتماً لأي إجراءات متهوّرة من هذا القبيل”.

وفي حديث ثانٍ أكد بيسكوف أن العقوبات الأمريكية على شركات النفط الفنزويلية “غير قانونية، وهي محاولة للتدخل في شؤون هذا البلد”، مشدّداً على أن روسيا ستدافع عن مصالحها في مجال التعاون مع فنزويلا في إطار القانون الدولي والآليات المعمول بها، وأضاف: إن “روسيا لم تستغرب من تواصل رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب مع المعارض خوان غوايدو، لأن الأخير كان على صلة بواشنطن قبل إعلان نفسه رئيساً لفنزويلاً”.

بدوره، ندّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالدعوات الصريحة للتدخّل في فنزويلا التي تطلقها واشنطن، وقال: “لقد قرأت للتو التقارير التي تفيد بأن جون بولتون، الذي كان على ما يبدو يعقد مؤتمراً صحفياً أمس، ترك وفقاً لوسائل الإعلام ملاحظات سرية غير مكشوفة لاحظتها الكاميرات، وقد احتوت على عبارة: “خمسة آلاف جندي في كولومبيا”، وأكد أن تصرفات واشنطن وحلفائها حيال فنزويلا تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، مبيّناً أن عقوبات واشنطن على كراكاس غير شرعية، وتعمّق الأزمة، مشدداً على أن روسيا ستقوم بكل ما بوسعها لدعم السلطة الشرعية في فنزويلا.

وفي الصين، أكد المتحدّث باسم وزارة الخارجية جين شوانغ معارضة بلاده للعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب ضد فنزويلا، مشيراً إلى أن كراكاس شريك تجاري مهم للصين، وأوضح أن الصين ستزيد من التعاون مع فنزويلا في كل المجالات على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، مشيراً إلى أن فنزويلا شريك تجاري واقتصادي مهم لبلاده، وأن التعاون الثنائي لسنوات عديدة يجلب منافع عملية متبادلة لشعبي البلدين.