ثقافةصحيفة البعث

“أورسولا الرسولة.. أختنا في التراب” في كنيسة اللاتين

وقع الكاتب محمد منذر زريق كتابه “أورسولا الرسولة.. أختنا في التراب” الصادر عن دار دلمون الجديدة، في كنيسة اللاتين في باب توما وجمعت عدداً من المثقفين والتشكيليين ورجال الدين في الدير ومحبي أورسولا باهر التي ناصرت القضايا الإنسانية العادلة، ليس فقط بالحرب الإرهابية على سورية وإنما بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين وفضح جرائم الصهاينة.

وقبل التوقيع ألقى د. نضال الصالح رئيس اتحاد كتّاب العرب كلمة بدعوة من مديرة دار دلمون تحدث فيها عن مناقب أورسولا الإنسانية التي تبعد عن سورية آلاف الكيلو مترات بالجسد إلا أنها شعرت بعدالة قضيتنا وانتصرت لها وانحازت إليها، متسائلاً عن هذه السيدة المبدعة من أي كوكب بل من أي جمان ومرجان وزمرد تلك المرأة التي أحبت دمشق حتى تمنت أن تغادر إلى العالم الآخر وهي فيها.

وتابع عن تداعياته بتكريم أورسولا والاحتفاء بها والتي سرعان ما تحققت بزيارتها وإقامة معرضها في الأوبرا، ليخصها بمقال كتبه بعنوان”أورسولا الرسولة”. وأنهى حديثه بالإشادة من المقام الرسولي في الكنيسة بأهمية الكتاب الذي قدمه زريق وبما تقدمه دار دلمون من كتب هادفة.

كما تم تكريم الكاتب منذر زريق من قبل دار دلمون بتسليمه درع الدار من قبل مديرة الدار السيدة عفراء هدبا.

شاهدة حيّة

رئيس طائفة اللاتين في دمشق الأب بهجت قرقاش أوضح بأن الكنيسة هي المكان الذي نتعلم فيه القيم الإنسانية وأورسولا شاهدة حيّة على قيم الحق والعدل، ونحن اليوم لسنا بحاجة إلى أشخاص يعظون، بل إلى أشخاص يعطون بمجانية دون مقابل كما فعلت أورسولا، فهي تنتمي إلى مكان بعيد عنا لايعاني من الحرب التي عشناها، ورغم وضعها الصحي الصعب خاطرت وقدمت إلى سورية تحمل رسالتها الإنسانية، بأن حياة الإنسان تكون ذات قيمة حينما يبذلها لخدمة المبادئ والقيم.

ونوّه الكاتب منذر زريق إلى عنوان الكتاب “أورسولا الرسولة” المستمد من عنوان مقالة كتبها د. نضال الصالح، أما الجزء الثاني من العنوان أختنا بالتراب فإشارة إلى مسلسل إخوة التراب الذي كتبه حسن م يوسف، وتابع بأن المصدر الأساسي للكتاب كان من خلال صداقته مع أورسولا وحواراته معها ومع زوجها مارسيل وأصدقائهما المشتركين في ألمانيا، مبيّناً بأن الكتاب يحمل رسالة إنسانية من خلال أورسولا.

ومما أغرى مديرة دار دلمون عفراء هدبا بإصدار كتاب أورسولا أنها أظهرت من خلال مواقفها ولوحاتها مساندتها للجيش العربي السوري، وأحست بآلام الشعب السوري في مواجهة الهجمة الشرسة على سورية، وعبّرت عن ذلك من خلال أعمالها الفنية التي أظهرت حقيقة ما جرى على أرض سورية بكل شفافية وصدق.

وتحدث د. علي السرميني عن أورسولا كحالة إنسانية لاينظر إلى أعمالها كإبداعات فنية فقط وإنما كأنسانة من أجل تحقيق قيم الخير والحق والجمال، واقترح أن يستوحى من الكتاب ومن مسيرة حياتها سيناريو يبيّن تعاطفها مع القضايا الإنسانية والتآخي.

توثيق الحرب

وأشادت التشكيلية نهى جبارة بالتوثيق الدقيق الذي وثّقته أرسولا بلوحاتها لمجريات الحرب من خلال متابعتها الأخبار، والمألوف أن فناني البلد هم الذين يوثقون الحرب كونهم يعيشون الحدث، لكن الغريب ما قامت به أورسولا الألمانية بأن تنقل الحرب الإرهابية على سورية والتي كانت ضدها إلى لوحاتها، وهذا ما جعلنا نشعر أنها فعلاً أختنا بالتراب.

بصمة بالتشكيل السوري

ولامس التشكيلي بشير بشير إنسانية أرسولا فهي لاتميز بين الأديان والطوائف، وعملت على توظيف ريشتها وألوانها وفكرها بتكويناتها وبالحركات الموجودة ضمن العمل الفني لخدمة مشروعها الإنساني وتركت بصمة بالمشهد التشكيلي السوري.

الاسترجاع والتوثيق

وفي الكتاب هيمن السارد بضمير المتكلم على السرد بما يشبه أسلوب استحضار الذكريات التي امتدت لتطال المحيط العام حيناً، ولتوحد بينه وبين أورسولا حتى غدت جزءاً من ذكرياته الخاصة مثل رسائل زوجته له أثناء غربته، والمدفأة القديمة وولادة ابنه “أورسولا صارت جزءاً من تلك الذكريات، بل جزء من روحي وكياني”، كما تضمن بعض القصائد التي كتبها لأورسولا.

كتميمة القمر المسجى في عيون العاشقين/وقصائد الشمس العتيقة في شفاه الياسمين

كذلك حفل الكتاب بجانب توثيقي لأعمال الفنانة التي جمعت بين الطابع السياسي والإنساني متوقفاً عند لوحاتها التي فضحت التحالف بين الغرب وأدواته في شرقنا، وللأيام التي أمضتها في سورية قبل وفاتها، وأفرد مساحة لمعرضها الذي أقيم في الأوبرا بعنوان النهوض من الرماد وأورد أهم لوحاتها مثل لوحة تدمر البانورامية، كما أقحم السارد بعض الفعاليات التي حضرتها مثل المعرض الذي نظمه سعد يكن عن الأطفال السوريين المقيمين في لبنان في المركز الثقافي –أبو رمانة- والأمسية الموسيقية “شرق غرب” للفرقة السيمفونية بقيادة ميساك باغبودريان في المركز الوطني للفنون البصرية.

ووثّق اهتمام وزارتي الثقافة والسياحة بمعرضها الذي أقيم بالأوبرا ومن ثم بمراسم دفنها، إضافة إلى ماكتبه عنها الأديب حسن م يوسف: “لقد كرّست أورسولا سنوات عمرها لكي تعبّر عن قضايانا” وما كتبه التشكيليون مثل أديب مخزوم”أورسولا تجاوزت الصياغة الواقعية التقليدية، ودخلت في إطار البحث التشكيلي والتقني”

جمع الكتاب بين اللوحات والسرد فضم عدداً من الصور الملونة للوحات أورسولا ولبعض الاسكتشات التي رسمتها مباشرة في سورية، مع لوحة الفنان عزام الشعراني الذي رسمها فيها، لتبقى اللوحة الأكثر تأثيراً هي اللوحة التي رسمت فيها أورسولا نفسها وهي مريضة في أيامها الأخيرة في المشفى ووصلت إلى حافة اليأس وتلاشي حلمها بزيارة سورية، إلا أن دعوات القديسة إليزابيث كانت إيحاء بوميض أمل طفيف خافت، إذ أن الأقدار حققت حلم أورسولا بافتتاح معرضها”النهوض من الرماد” في الأوبرا وعاشت لحظاتها الأخيرة في سورية التي عشقتها وتحققت وصيتها بدفنها فيها.

جاء الكتاب بخمس وسبعين صفحة من القطع المتوسط، وكتبت المقدمة له بوجدانية الإعلامية هيام حموي.

ملده شويكاني