اقتصادصحيفة البعث

بعد أن أسقطت “البطاقة الذكية” تلاعبات ومتاجرة مرحلة الوفرة خبير اقتصادي يقترح آلية تضع حداً لسرقة الموزعين مستحقات العائلات من المازوت!

 

 

نعتقد أن الكثيرين قد عانوا من هذه الظاهرة القديمة الجديدة على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص نحن كشاهدين ومُستحقين للكمية المحددة، نؤكد أنه لم تمر مرة نريد فيها تعبئة مستحقاتنا إلاَّ ونقع في مشادة حول حقيقة الكمية التي يفرغها الموزعون في خزاناتنا.. إنها ظاهرة سرقة المازوت من الحصص المخصصة لكل عائلة، عبر ما يلجأ إليه الموزعون للمادة، من غش وتلاعب بالعدادات والمكاييل.
هذه الظاهرة اليوم، وبعد أن تم إلى حد ما ضبطها بالبطاقة الذكية، أخذت منحىً آخر من الإصرار على السرقة، حتى ولو لبضعة لترات من المادة في كل عملية تعبئة؛ لأنه لم يعد بالإمكان السرقة كما كان، نظراً لانقضاء زمن البحبوحة في المادة، ووداع ما كانت عليه من أسعار، وانقلاب الحال مقلباً أفقد المتلاعبين والمتاجرين بها كثيراً من المداخيل المالية غير المشروعة.
بعد أن وصل..
الآن وبعد أن وصل سعر اللتر الواحد إلى 180 ليرة لكمية الـ400 لتر النظامية، والحر النظامي إلى نحو 300 ليرة، أصبح ربما مجزياً أكثر سرقة ولو لتر نظامي واحد؛ لأن بيعه بالسوق السوداء يعني تحميل فارق سعري “محرز”، هذا على مستوى لتر واحد فما بالكم بآلاف اللترات..!؟
هذا الواقع طرحناه على الخبير الاقتصادي والإداري سامر حلاق، استناداً لتجاربه في العمل المحلي كعضو مجلس محافظة ريف دمشق، حيث تظهر هذه الحالات في الريف بشكل واضح، نتيجة لعدم وجود البطاقة الذكية، والأمر سيان حتى بوجودها، والدليل أن هذه الظاهرة ليست بالخافية في محافظة دمشق..!
طرحنا كان بهدف الوصول لحل يقضي أو يحد كثيراً من هذه الظاهرة، في ظل محدودية عدد عناصر الرقابة التموينية، فكان أن اقترح الطرح أدناه تحت عنوان “بالمبادرات تتطور وتتقدم الأمم”، وإليكم إياها علَّها تلقى استجابة لدى الجهات المعنية بحماية المستهلك.
رقابة قوية
وحيث إن مادة المازوت أصبحت مادة مقننة، وعزيزة الوجود والتوفر، وأن الحصول عليها ليس بالأمر السهل، إلاَّ من استطاع إليها مادياً، فقد لفت حلاق انتباه المجتمع الأهلي، لضرورة الحفاظ على الكمية التي سيحصل عليها من شركة محروقات ريف دمشق، وذلك من خلال رقابة قوية على موزعي المازوت، لمنعهم من التلاعب بالعداد والمكاييل، مبيناً أن كمية الـ200 لتر وصلت إلى أقل من 160 لتراً في كثير من الأحيان..! لذلك وجب على كل مجلس محلي أو مجتمع محلي التصدي لظاهرة التلاعب بالعداد، وذلك من خلال تشكيل مجموعة خبراء موثوقين من المجتمع عينه، لمتابعة هذا الموضوع، من خلال مرافقة موزعي المازوت أثناء التعبئة للأهالي، مبيناً أن سعر الـ200 لتر هي 37 ألف ليرة سورية فقط لا غير، وحين تكون السرقة لحد الـ40 لتراً فقط – كافتراض – هذا يعني أن سعر اللتر أصبح 231 ليرة لكل لتر، أي بزيادة غير مشروعة مقدارها 46 ليرة على كل لتر، وهذا يُعد بمثابة سرقة موصوفة وغش.. إلخ.
المقترح..؟
في ضوء ما تقدم يقترح حلاق إحدى الطرق التي يراها جيدة وفقاً لخبرته، وهي كالآتي باعتبار أن أصغر صهريج مازوت هو بسعة 5000 لتر، أي أنه يقوم بـ50 عملية تعبئة، بمعدل 200 لتر للعائلة، وعليه فإنه وفي حالة التلاعب والسرقة لـ 40 لتراً من أصل الـ 200 لتر ، سيسرق ألف لتر مازوت، وهذه الكمية يصل سعرها بالسوق السوداء لـ 300 ألف ليرة كمعدل وسطي.
أما حين يتم التوزيع بوجود لجنة تدقيق خبيرة بطريقة قمع الغش، فإنها ستحرم السارق (الموزع) من مبلغ 300 ألف ليرة سورية؛ لذا نقترح أن تكون المعادلة الاقتصادية – الاجتماعية على شاكلة “لا يفنى الغنم، وليس مشكلة إذا مات الذئب..!”، بحيث يتم تسديد مبلغ 40 ألف ليرة سورية فقط لقاء الـ 200 لتر، على أن توزع 40 ألفاً على النحو الآتي:
أولا: 39 ألف ليرة ثمن مازوت للموزع لقاء تعبئة 200 لتر فعلياً وحقيقاً وليس وهمياً.
ثانيا: ألف ليرة سورية فقط لا غير لمجموعة الخبراء الموثوقين من المجتمع المرافقة للموزع.
نحن نرضى..!
هكذا يكون الموزع – وفقاً للخبير – قد استلم مبلغاً إضافياً عن السعر الرسمي يعادل 37500 ليرة، لقاء توزيعه الصهريج ذا سعة 5000 لتر..! وهذا مبلغ جيد لكل صهريج، حيث إن الصهريج الواحد وفقاً لسجلات “سادكوب” يقوم بمعدل 20 نقلة شهرياً، الأمر الذي يعني حصوله على 750 ألف ليرة سورية شهرياً..! وهذا مبلغ ممتاز يغطي متطلبات الآلية والعاملين عليها، وهم ليسوا أقل من اثنين، وبالمقابل تكون مجموعة الخبراء الموثوقين قد نالت 25 ألف ليرة سورية خلال 4 ساعات هي مدة التوزيع، أي تأمين فرص عمل مجدية ضمن أزمة جعلت فرص العمل قليلة جداً.!
فهل يرضون..؟
ويؤكد حلاق أن هذه الآلية تجعل جميع أعضاء الحلقة (موزع ومستهلك ومراقب موثوق) مسرورين وراضين، بعيداً عن الغش وحرمان المواطن من حقه في مادة عزيزة وقليلة الوجود…! فهل ترضى الجهات الرسمية بمثل ذلك..؟ خاتماً طرحه بمطالبة المجتمع المحلي والأهالي بالعمل على مكافحة الغش بالعداد والمكاييل، وبكل قواهم؛ لأنها ظاهرة خطيرة جداً اجتماعياً واقتصادياً ووطنياً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com