صحيفة البعثمحليات

بين نقص المستلزمات وضيق مساحة المراعي مربـــــو الأغنـــــام والأبقـــــار فـــــي مهــــب العـــــزوف وبيـــــع القطعـــــان

 

ريف دمشق- عبد الرحمن جاويش

لم يك قطاع الثروة الحيوانية في دمشق وريفها بعيداً عن تبعات الأزمة حيث تعرض لخسائر ليست بقليلة، وخاصة أن هذه الثروة تعد جزءاً من شبكة الأمان الغذائي والاقتصادي للفلاحين ومربي المواشي في سورية، وتمثل فرصة عمل للكثير من سكان الأرياف، فهي تمد الأسواق باللحوم ومنتجات الحليب والبيض والجلود والأسمدة الطبيعية، ولأن الحرب أخلّت بهذه المعادلة، لجأ العاملون في هذا المجال إلى بيع قطعانهم، ومداجنهم والهروب إلى المدن نتيجة صعوبات العمل التي يواجهونها، وارتفاع تكاليف التربية وعدم الأمان والاستقرار، فكيف لمربي ماشية أن يستطيع الاستمرار في عمله ومؤسسة الأعلاف التابعة تعطي كل رأس ماشية لدى المربي 16 كيلو من العلف كل شهرين، وأقل احتياج للرأس هو 30 كيلو خلال هذه المدة، وأيضاً من أسباب تدهور الثروة الحيوانية غلاء المواد الأولية كالأعلاف والأدوية البيطرية وما يدخل في فلكها من احتياجات المهنة، وانخفاض مردودها.
عدد من مربي الثروة الحيوانية يطالبون الجهات المعنية بضرورة الإسراع بتزويد الأعلاف لمربي المواشي بالرحيبة؛ لكونها أكبر مركز لتسمين المواشي، فضلاً عن أنها مزود اللحوم الرئيسي للعاصمة دمشق، ويشتكي العديد من مربي البقر من الارتفاع النشط لكلفة الإنتاج مما أثر سلباً على مردودية قطاع الحليب، يضاف إليه الأثر السلبي لتزايد استيراد مسحوق الحليب على الدعم المخصّص للحليب الطبيعي، ويشتكي مربون من عدم توفر العلاجات الخاصة بتحصين المواشي وعدم وجود كوادر لتعداد الأغنام؛ ما يحرم الكثير من مربي الثروة الحيوانية الإفادة من مادة الأعلاف، ووفق عدد من مربي الثروة الحيوانية راجعوا الأقسام البيطرية عدة مرات لتحصين مواشيهم و تعدادها إلا أنهم لم يستفيدوا بحجة عدم وجود كوادر وترقيم.
ويقول عدد كبير من المربين في البادية 52% من مساحة البادية تتربى فيها الأغنام، ونتيجة خروج هذه الأماكن عن السيطرة بسبب الأزمة تأثرت عملية التربية وتأثر قطاع الثروة الغنمية بمراكز أبحاثه ومشاتله الرعوية، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى مناطق وجود القطيع لتحصينه ضد الأمراض، ونواجه حالياً غلاء أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية واللقاحات وارتفاع تكاليف النقل وصعوبة الانتقال إلى أماكن التربية، ويرون أن الذبح العشوائي للإناث أدى إلى انخفاض أعدادها وخروج عدد كبير من مربي الثروة الغنمية خارج العملية الإنتاجية نتيجة صعوبة تنقل القطعان إلى أماكن التغذية، وصعوبة تسويق المنتجات، وعزوف المستوردين عن استيراد مستلزمات الإنتاج.
وفي تصريحه للبعث قال محمد خلوف رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها: إنه في دوما وحدها نسبة الضرر في هذا القطاع تجاوزت 40%؛ حيث تقلصت أعداد المواشي إلى أقل من النصف، وبهدف إعادة نشاط تربية الثروة الحيوانية تتم متابعة واقع عمل المربين في مناطق عملهم للاطلاع على معاناة المربين والاستماع لمطالبهم حيث شكلنا لجاناً لمتابعة وإحصاء الأضرار، ويحتاج المربي في الوقت الراهن إلى دعم من خلال قروض لتعويض الخسارة في ثروته الحيوانية والبنية التحتية الزراعية. وضرورة استيراد أبقار من النوع الأول تقسيطاً وبأسعار مناسبة، وتسهيل مرور المربين إلى سوق المواشي وتفعيل مراكز البيطرة في البادية، و تأمين اللقاحات اللازمة لما للثروة الحيوانية من أهمية اقتصادية كبيرة، ويعمل بهذا القطاع عدد كبير من المواطنين فهي تؤمن فرص عمل للكثير من المربين والاختصاصين البيطريين، وأصحاب معامل الأعلاف والعاملين في منشآت تصنيع المنتجات الحيوانية والألبان والأجبان ومشتقاتها.
ورأى خلوف أن هناك ضرورة حالياً لدعم الحكومة لمربي الأغنام والأبقار وتأمين الأعلاف بأسعار مقبولة، وتوفير الأدوية التي تستوردها الدولة حصراً، مثل لقاح مرض الحمى القلاعية لتحصين هذه القطعان منعاً للكوارث في حال إصابة أي قطيع؛ لأنه مرض معدٍ ويؤدي إلى نفوق الأغنام والأبقار ولابد من اتباع جملة من التقنيات والأساليب الحديثة في تربية الأغنام والأبقار، كالاعتماد على نظام غذائي مناسب وتقديم الخلطات العلفية الملائمة للأغنام والأبقار بأعمارها المختلفة، والاستمرار بالكشف الطبي البيطري عليها على مدار العام، وتحصينها ضد الأمراض، واستخدام فرازات الحليب وممارسة العمل التعاوني في إنشاء وحدات لتصنيع مشتقات الحليب، واختيار السلالات المحسنة من أصناف الكباش والعجول يضمن كفاءة إنتاجية عالية من الحليب، وكل هذه الإجراءات تسهم في دعم الأمن الغذائي لبلدنا والاكتفاء الذاتي من اللحوم والألبان ومشتقاتها، فهل من إجراءات عملية لتنظيم هذه المهنة التي تعد من المهن الرئيسية في دمشق وريفها، ويعتمد عليها عدد كبير من الأسر كمورد رئيسي في المعيشة.