اقتصادصحيفة البعث

تدني واقع الصناعة السورية يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها..! الهيئة العليا للبحث العلمي على خطا جسر الثقة مع الصناعيين

 

يحضرنا الحديث مجدداً عن واقع الصناعة الوطنية، الذي على ما يبدو لا يزال يراوح بمكانه، بعدما شهدنا عدداً من المعارض المتخصصة بعرض مستلزمات الصناعة وخطوط الإنتاج، إذ عكست هذه المعارض تدني مستوى الصناعة السورية من خلال تصدر آلات التوضيب والتغليف لأجنحة هذه المعارض..!

عدم الجدية
ولعل ما أورده تقرير السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار في الجمهورية العربية السورية الصادر عن الهيئة العليا للبحث العلمي، من مخاطر تحيق بالقطاع الصناعي شخّص عدم جدية التعاطي الحقيقي لقطاع الأعمال مع الصناعة كركن أساسي وقاطرة حقيقية للتنمية، إذ أشار التقرير صراحة إلى استمرار التأخر في تحديث الصناعة وتوفير مستلزمات ذلك، وضعف تجاوب القطاع الخاص مع متطلبات التحديث والتطوير على مستوى المنشأة، وغياب العلاقة بين الصناعة السورية، والمنظومة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار، والاعتماد على قوانين حماية المنتج الوطني من حيث السعر والاستيراد، وضعف البيئة الاستثمارية وانخفاض مستويات الاستثمار الصناعي، وعدم توجيه المستثمرين باتجاهات مستندة إلى قواعد بيانات موثقة وموثوقة عن الاحتياجات الفعلية وحجم الطاقات المطلوبة…!

انحسار
نعتقد أن سبب هذا الواقع المرير يعود إلى انحسار شريحة قطاع الأعمال المؤصلين ذوي الخبرة العملية التي اكتسبوها عبر مسيرتهم الاقتصادية مراعين أدبيات التعاطي مع الشأن الاقتصادي بكل أبعاده، وبروز نظراء لهم استسهلوا جمع المال وصناعته، بالتوازي مع تدني مستوى المواءمة بين الزراعة والصناعة؛ ما حال بالنتيجة دون إنشاء عناقيد صناعية للتصنيع الغذائي الزراعي، عوضاً عن الاستثمارات الريعية ذات النجوم المتلألئة والموجهة للطبقة المخملية هذا من جهة..!

نأي
ومن جهة ثانية لا تخفي مصادر الهيئة العليا للبحث العلمي نأي الصناعيين عن البحث العلمي لاعتبارات تتعلق بالدرجة الأولى بانعدام الثقة بانعكاساته على تطوير إنتاجهم، إلى جانب ما يكتنفهم من هواجس زيادة تكاليف الإنتاج، نتيجة عدم امتلاك كل طرف الصورة الإيجابية عن الطرف الآخر، فأصحاب المؤسسات الإنتاجية والخدمية ينظرون للباحثين على أنهم مجرد أكاديميين يعملون بأمور نظرية لا تمس الواقع، أما الباحثون فينظرون لأصحاب الفعاليات الاقتصادية بأن همهم الأول جمع المال والبحث عن الربح السريع؛ لذلك تحاول الهيئة أن تكون وسيطاً بين الطرفين لبناء علاقة إيجابية وترسيخ الثقة بينهما، لأن هذه المسألة تعتبر غاية في الأهمية بالنسبة للاقتصاد السوري خاصة في ظل الانفتاح الاقتصادي وعصر العولمة حيث لا مجال للصناعيين الاعتماد على حماية الدولة لهم، فكل دول العالم تعتمد حالياً على فتح الأبواب وتحرير الاقتصاد؛ لذلك على كلا الطرفين القيام بمبادرة تجاه الآخر..!

واقع مرير
ما يحز بالنفس فعلاً هو أن الاستثمار في سورية لا يزال بكراً في العديد من المطارح التي لم تكتشف آفاقها بعد، وعندما نتعمق في الدراسة وفي التحليل في هذا المجال سنجد أن إمكانية الربح في سورية أعلى من أي اقتصاد في العالم، خاصة بعد تخفيض معدل الضريبة في السنوات الأخيرة إلى أدنى مستوياتها مقارنة بكثير من دول العالم، إضافة إلى أن مؤشرات البنك الدولي إيجابية جداً، وتبين أن هناك مزايا كبيرة للمستثمر في سورية سواء ما له علاقة بالموارد، أم بقوة العمل، أم بالفرص الكبيرة.. والأنكى من هذا وذاك تأخر دخول استثمارات جديدة إلى السوق السورية سواء المغتربون السوريون أم نظراؤهم، والذين أبدوا –وبأكثر من مناسبة – رغبة حقيقة بالاستثمار بسورية؛ ما يشي بشكل أو بآخر بوجود سد من نوع خاص يحول دون دخول أية توظيفات رأسمالية جديدة في الأقنية التنموية..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com