دراساتصحيفة البعث

استراتيجية اليابان في الشرق الأوسط

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع انفيستسج اكشن 3/8/2019

كانت مواضيع النقاش عديدة بعد قمة مجموعة العشرين الأخيرة في أوساكا باليابان، وكان للشرق الأوسط نصيب كبير في هذه النقاشات، وهو الأمر الذي يسلّط الضوء على دور اليابان في الشرق الأوسط.

تعتبر احتياجات اليابان من الطاقة هي المحرك الرئيسي لتزايد مشاركتها في الشرق الأوسط، فقد ازداد اعتماد اليابان على الطاقة بعد قرارها بإنهاء برنامجها القومي للطاقة النووية في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية عام 2011، وهي أسوأ حادث نووي في العالم منذ كارثة تشيرنوبيل في عام 1986. منذ ذلك الحين، استحوذ الشرق الأوسط على ما يقرب من 90٪ من واردات اليابان من النفط، ومعظمهم من السعودية والإمارات.

لكن النفط الإيراني يكلّف أقل، وبالتالي فهو ذو أهمية كبيرة للمشترين اليابانيين، خاصةً أن الصفقة النووية الإيرانية لعام 2015 عرضت النفط الإيراني وفرص العمل في سوق اليابان الناشئة، لذلك ليس من المستغرب أن يكون قرار ترامب بالتخلي عن الصفقة النووية وإعادة فرض العقوبات مصدر قلق في اليابان.

تعتبر علاقة اليابان بالولايات المتحدة حجر الزاوية في أمنها. ومع ذلك، فإن سياسات ترامب التي لا يمكن التنبؤ بها في كثير من الأحيان تثبط طوكيو، ذلك أن الانفتاح الدبلوماسي الذي أجراه ترامب تجاه كوريا الديمقراطية، وتصريحاته حول ضرورة وحدة اليابان وكوريا الجنوبية في مجال الدفاع، ومطالبته بوضع مدة زمنية للمناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، هما الآخران أثارا امتعاض طوكيو.

وفي الوقت نفسه، تراقب طوكيو الصين التي تستثمر أكثر فأكثر في الشرق الأوسط. ولمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد، تسعى اليابان لاستخدام قوتها الناعمة، فخلافاً للولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، لم ترث اليابان هيمنة على المنطقة كقوة عظمى أو إمبراطورية استعمارية، وهي ليست سوى مزرعة صغيرة مقارنةً بالصين. وفي الوقت الذي تمتلك اليابان عاصمتها الثقافية وحسن نيّتها، فإن الصين قوة عالمية تمتلك جيشاً كبيراً ولا يثبطها الحظر الدستوري المتعلق بالنشر الهجومي للقوات العسكرية، ولديها ترسانة نووية، ولها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، ولديها أيضاً المزيد من رأس المال. في عام 2018 وحده، تعهدت بكين بتقديم 23 مليار دولار كمساعدات وقروض و28 مليار دولار إضافية في مشاريع البنية التحتية والبناء الموقعة، كما فتحت بكين قاعدة عسكرية في جيبوتي في خليج عدن.

أظهر تطور الوضع في الأشهر الأخيرة حدود النفوذ الياباني في الشرق الأوسط وقدرته على التوسط في النزاعات. في الشهر الماضي تمّ الهجوم على  ناقلتين قبالة سواحل عمان -إحداهما يابانية- بينما قامت الولايات المتحدة مؤخراً بنشر حاملة طائرات في المنطقة، ما دفع رئيس الوزراء آبي لمحاولة الوساطة بين واشنطن وطهران ولكن دون جدوى. لذلك، قد يكون من الحكمة أن تقبل طوكيو حدود نفوذها، لأنه في الوقت الحالي ليست طوكيو في وضع يمكّنها من لعب دور قيادي أو دور وساطة في أي صراع، ناهيك عن مواجهة تأثير الصين. ومع ذلك، هذا لا يعني أن طوكيو يجب أن تنسحب من الشرق الأوسط، إذ ستكون الخبرة اليابانية والتجارة والاستثمار موضع ترحيب في المنطقة. ومن شأن ذلك أن يساهم في تعزيز النوايا الحسنة وتكثيف التبادلات وتأمين المناقصات الناجحة.