اقتصادصحيفة البعث

“دمشق الدولي” يحرض الأفكار الاقتصادية المبدعة.. مقترح تشريع برتبة قرار لاستيراد السيارات يرفد الخزينة شهرياً بعشرات ملايين الدولارات..!!

 

يحفل معرض دمشق الدولي في نسخته الـ61 بالعديد من العروض لأنواع السيارات المجمعة محلياً، وهذا (موضوع السيارات)، وبالطرق التشريعية التي تحكمه وبالعائد المالي الذي يحققه طالما أثار عند عدد من الاقتصاديين والمستثمرين والإعلاميين، ممن يفكرون من خارج الصندوق، العديد من إشارات الاستفهام حوله لناحية شفافية وصحيح الأساليب الناظمة له وبالتالي حساباته، لناحية ما لماليتنا العامة من حقوق مالية حقيقية، مقابل ما يحققه بعض المستثمرين في هذا النشاط التجاري من مكاسب، أقل ما يقال فيها: إنها لا تقارن مع ما تحققه خزينتنا، وذلك نتيجة للقرارات “المفصلة تفصيلاً” التي تخدم وتراعي البعض على حساب ما يفترض أن يُجْبى من صحيح الرسوم والضرائب لصالح ماليتنا العامة، ولأن المعرض لا يجب أن يكون فسحة ومكاناً لعرض السلع والمنتجات المادية وعقد الصفقات والترويج لها فقط، بل يجب أن يكون أيضاً منصة للأفكار الاقتصادية المبدعة التي تخدم اقتصادنا الوطني على أسس تشريعية ومالية سليمة، لا تحمل الدولة أعباء مالية، وإنما تعفيها مما لا لزوم له، وفي الوقت نفسه تؤمن لخزينتنا العامة عوائد مجزية وبالقطع الأجنبي..!؟
ولأن المعرض يجب أن يكون كذلك نقول: خلال الأزمات الاقتصادية الكبرى التي تتعرض لها الدول، يتحول تفكير الخبراء الاقتصاديين من ذوي النزعة الأخلاقية الوطنية إلى محاولة اجتراح حلول وتشريعات تصب في خانة رفد الخزينة الوطنية بأموال، لم تكن لتدخل إليها، إلا من خلال هذه التشريعات الجديدة المقترحة، التي لها جوانب إيجابية كبرى، مع تقليل جوانبها السلبية لدرجة تصفيرها (جعلها صفراً).
وفقاً لهذا الفكر الاقتصادي المختلف مع السائد في الشكل والمضمون والنتيجة، يطالعنا الخبير الاقتصادي سامر حلاق، بمقترح لتشريع جديد برتبة قرار، يقضي بالسماح باستيراد السيارات السياحية، لكن هذه المرة استناداً إلى معطيات جديدة وإيجابية جداً تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

هام وعاجل..!؟
بحسب الخبير، يقضي مقترح القرار بأن يتم منح إجازات استيراد السيارات السياحية، بعد تبديل قيمة الإجازة من القطع الأجنبي إلى العملة السورية لدى المصرف المركزي وبسعر الصرف الرسمي؛ مثلاً: إذا كانت قيمة إجازة الاستيراد 3 ملايين دولار، فإن صاحب الإجازة وقبل الحصول عليها يقوم بتبديل الـ3 ملايين دولار بالعملة السورية لدى المصرف المركزي ويحصل مقابلها على مبلغ /1308000/ مليون ليرة، أي إن الخزينة السورية ستكسب فوراً ودون أي مقابل، مبلغ 581 مليون ليرة، أي يتكسب الفارق: بين سعر الدولار في أسواق الدول المجاورة (سعره 633 ليرة بتاريخ 1 أيلول 2019 )، وبين سعره في المصرف المركزي السوري (436 ليرة)؛ ما يعني أن كل إجازة بقيمة 3 ملايين دولار (كمثال) ستكسب منها الخزينة مجاناً مبلغ 581 مليون ليرة، وهذا يعادل أكثر من مليون دولار وثلث المليون دولار وفقاً لسعر صرف المصرف المركزي وهو 436 ليرة لكل دولار.

44% من قيمة الإجازة
ويوضح الخبير قائلاً: إذا دققنا في الوفر المكتسب نراه يعادل حالياً (حسب أسعار صرف الدول المجاورة)، نسبة 44% من قيمة الإجازة، وهذه نسبة عالية جداً تجعل الخزينة الوطنية في ازدهار كبير؛ مبيناً أن قيمة الإجازة بالليرة السورية التي قام صاحبها باستبدالها من المصرف المركزي بسعر المركزي، ستبقى في حوزة صاحب الإجازة (التاجر) بشكل مؤكد وبالمصارف السورية؛ لأنه يحتاجها لتسديد الرسوم الجمركية والضرائب وضريبة الرفاهية والفراغ للسيارات التي استوردها، وذلك بالليرة السورية حكماً.

أكثر من 100%
ويتابع مبيناً، إذا نظرنا للنسبة المئوية (بشكل عام) لقيمة مجموع الرسوم والضرائب والرفاهية والفراغ..إلخ، نراها تصل لأكثر من 100% من قيمة السيارة، وبالتالي فان المستورد سيضطر إلى تسديد مبلغ إضافي عن الذي قام بتبديله في المصرف المركزي (لأن المبلغ الذي قام بتبديله هو أقل من الرسوم والضرائب المذكورة)، ونتيجة لذلك سيدخل إلى الخزينة مبالغ كبيرة من الليرات السورية؛ ما يمنع المضاربة على العملة الوطنية في الأسواق، وهذا بحد ذاته إنجاز داعم لقوة الليرة السورية وتحسين قيمتها.

الشرط الأهم..
أما الأهم فهو في تأكيد حلاق، أن شرط الاستيراد هو تسديد قيمة المستوردات من خارج سورية إلى الشركات الصانعة، أي بأموال من الخارج، وهذا يحقق قوة اقتصادية كبرى تتمثل بمشاركة المغتربين في دعم خزينة بلادهم، وهذا هو الإنجاز الوطني الكبير… وكذلك يمكن المقترح أن يضيف إمكانية الاستيراد عن طريق المناطق الحرة السورية، من أجل تحفيزها وتنشيطها بعد الشلل الذي أصابها خلال الأزمة، ما يفتح المجال لعودة المستثمرين إليها، بعد هجرهم لها.

مزايا مغرية
وللوقوف على صدى هذا المقترح، كان لـ”البعث” لقاء مع رجل الأعمال جهاد الكبة، وهو أحد المستثمرين في المناطق الحرة السورية، في قطاع السيارات والآليات؛ كبة اعتبر أن القرار المقترح يحقق 8 مزايا مباشرة، وهي: أنه يؤدي لدخول فائض كبير من القطع الأجنبي للخزينة السورية، كما يؤدي لربح صافٍ كبير للخزينة ناتج عن تبديل قيمة السيارة بسعر المصرف المركزي، إضافة إلى زيادة دخل الخزينة بسبب الرسوم الجمركية العالية والرفاهية وغيرها، إلى جانب تشغيل يد عاملة معطلة (مرافئ – مخلصين جمركيين – نقل ..إلخ).
ومن مزايا القرار أيضاً، أنه يجعل السوريين في غنى عن شراء سيارات مسجلة في دول الجوار، وما يعني هذا من وهدر أموال تذهب لتلك الدول، إضافة لرسوم تخريج السيارات كل 15 يوماً، وتسديد مبالغ مهدورة؛ ناهيكم عن توفير قطع غيار للسيارات كونها حديثة، وفوق هذا المحافظة على البيئة من خلال سيارات حديثة صديقة للبيئة وأقل ضرراً من القديمة، وليس أخيراً تخفيض سعر السيارات المستعملة القديمة، ما ينعكس إيجاباً على الطبقات الشعبية.

عائد وفير..؟
وأكد المستثمر الكبة، أنه إذا كان معدل الاستيراد هو ألف سيارة شهرياً، وإذا كان معدل سعر السيارة هو 25 ألف دولار، فهذا يعني أن من ميزات هذا المقرح دخول 25 مليون دولار للخزينة لاستبدالها بالليرة السورية، وبسعر 436 ليرة لكل دولار، وبالنتيجة هذا يحقق للخزينة مكسباً مجانياً يعادل 5 مليارات ليرة سورية شهرياً، وستحصل الخزينة على مبلغ إضافي قدره 13 مليار ليرة، لقاء الرسوم الجمركية والضرائب والرفاهية والفراغ.. إلخ، عدا عن المزايا الاجتماعية – الاقتصادية في تشغيل وتحريك العملية الاقتصادية.. وبحساب بسيط فإن الرقم (المثال أعلاه) يحقق شهرياً مجموعاً تقريبياً قدره 18 مليار ليرة سورية، وهو يعادل 40 مليون دولار أميركي وفقاً لتسعيرة المصرف المركزي السوري (436 ليرة لكل دولار)، وهذا المبلغ المكتسب كفيل بدعم الخزينة وسد العجز وتخفيض التضخم مهما كان كبيراً..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com