دراساتصحيفة البعث

التطرف الأحمق في الإدارة الأمريكية

ترجمة: علاء العطار

عن موقع “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 12/9/2019

يواصل ترامب حصاره الجائر على إيران غير عابئ بالمآسي التي تصيب الإيرانيين جراء الجوع ونقص الأدوية وما إلى ذلك، ظناً منه أن ذلك سيكسر شوكة الشعب الإيراني، لكن ذلك لم يجدِ نفعاً، بل جعل الإيرانيين صفاً واحداً صامدين في وجه العقوبات الأمريكية، وهذا يُعدّ نجاحاً باهراً للقيادة السياسية الإيرانية وشعبها.

يحثّ محررو موقع بلومبيرغ ترامب على التمسّك بتطرفه الأحمق تجاه إيران: “بدل أن يدفع ترامب باتجاه زوال تدريجي، يستحسن عليه التمسّك بإنهاء النشاطات النووية الإيرانية بشكل كامل ووضع حدّ لتهديداتها الأخرى، كبرنامج الصواريخ الباليستية ودعمها للتنظيمات المناوئة لإسرائيل في الشرق الأوسط، مقابل إعادة إدخالها الاقتصاد العالمي، وقد لا تسنح هذه الفرصة مرة أخرى”.

تُعدّ النصيحة الأخيرة التي أسداها موقع بلومبيرغ لترامب بخصوص إيران نصيحة فظيعة كالمعتاد، لكنها تشكّل نافذة مفيدةً تُمكّننا من فهم طريقة رؤية المتشدّدين المناهضين لإيران للأمور، فهم يعتبرون العام المقبل أفضل فرصة للعمل على تحقيق مطالبهم المتطرفة، ويخشون من احتمال أن يستقر ترامب على شيء أقل من قائمة أمنياتهم السخيفة، وإن فعل ترامب ما يريدون و”صمد” حتى تستسلم إيران، فسيطول انتظاره، ولم تجدِ سياسته إلا في زيادة التوترات ووضع الإيرانيين على شفير الفاقة والموت، وهذا التصرف سيتكفل بحدوث الأمر نفسه، والطريف في الأمر أن “الزوال التدريجي” الذي يهزؤون به هو هدف غير واقعي بالفعل، ويصرّون على أن يسعى الرئيس إلى تحقيق مجموعة أهداف أكثر طموحاً وليس هنالك أي فرصة للوصول إليها، وكما هي الحال دائماً، يتجاهل المتشدّدون سيادة ومصالح الحكومة الأخرى، ويفترضون أنها مجرد مسألة كسر إرادة لإجبارها على الخضوع.

وافتتاحية بلومبيرغ سخيفة من نواحٍ عدة، ولكن هناك مثالاً واحداً آخر سيكفي، إذ تقول في إحدى الفقرات: “لا ريب أن إيران تريد أسلحة نووية”، ربما لا يعتري أولئك الأيديولوجيين والمتعصبين أي ريب في ذلك، لكن هذا غير صحيح، لو كانت إيران تريد أسلحة نووية، لكان بإمكانها السعي وراء هذا الهدف وتحقيقه بحلول هذا الوقت، لكنها تخلّت عن هذا الهدف ووافقت على اتفاقية عدم انتشارٍ أكثر صرامة من أي اتفاقية أخرى تمّ التفاوض عليها، لتثبت أنها لن تسعى لامتلاك هذه الأسلحة، بيد أن إدارة ترامب اختارت أن تعاقبها على تعاونها، ولم تقم إيران بأي من الأشياء التي قامت بها الدول التي تمتلك أسلحة نووية، فلم تترك معاهدة حظر الانتشار النووي، بل على العكس، وافقت على الالتزام ببروتوكول إضافي ذي معايير أكثر صرامة، وهي لا تخصب اليورانيوم إلى المستويات اللازمة لصنع أسلحة نووية، ومن المؤكد أنها لم تصنع أو تختبر أي أسلحة نووية.

وافقت إيران على العديد من القيود لتثبت أن برنامجها النووي سلمي وسيظل سلمياً، وتمّ التحقق من امتثالها لذلك أكثر من عشر مرات، لكن المتشدّدين هنا وفي إسرائيل يرفضون الموافقة، ذلك لأنهم لا يهتمون حقاً بمخاطر الانتشار، بل يسعون إلى استخدام القضية النووية كذريعة لتبرير الإجراءات العقابية ضد إيران دون نهاية، وهم لا يرغبون في حلّ الأزمة مع إيران، بل يأملون إدامتها عبر تحديد أهداف لا يمكن الوصول إليها والإصرار على استمرار العقوبات أبد الدهر.