ثقافةصحيفة البعث

“تطور صناعة الكتاب”.. ختام فعاليات معرض الكتاب

جاء ختام الندوات المرافقة لمعرض الكتاب الواحد والثلاثين مسكاً مع ندوة” تطور صناعة الكتاب” التي أضاءت في الأمس بكل وضوح وشفافية على جوانب مهمة من واقع الكتاب في سورية والتحديات التي تواجهها صناعة النشر ودور النشر السورية مع طرح مجموعة من الحلول والمقترحات، حيث قدم د ثائر زين الدين مدير الهيئة العامة للكتاب محاضرته تحت عنوان”دور الهيئة العامة السورية للكتاب في صناعة الكتاب الورقي والإلكتروني” قائلاً: مرت الكتابة وهي أهم اختراعات الإنسان في أربعة أنظمة كتابية هي الكتابة السومرية والمصرية والفينيقية التي تأتي تتويجاً لما سبق، والمؤلفة من حروف لكل منها صوت معين وامتازت بسهولة كتابتها وأصبحت فيما بعد أساساً للكتابة في شرق العالم القديم وغربه، لكن القفزة الكبيرة في مجال الكتابة  تمثلت في اختراع الطباعة الميكانيكية على يد الصينيين عام ٢٠٠م، وصناعة آلة الطباعة على يد الألماني جوتنبرغ  التي أدت إلى تطور حضاري كبير نشر المعارف والعلوم على أوسع مدى ورفع الوعي الإنساني فقد جعلت الطباعة العلاقة بين الإنسان والكتاب علاقة حميمة طيبة فيها الكثير من الألفة، وبين  زين الدين أنه مع تعدد وتنوع وسائل المعرفة من سمعية وبصرية ظل الكتاب هو الأكثر قرباً من الإنسان والمفضل له كأداة ووسيلة للمعرفة، لكن من المؤلم اليوم أن العلاقة ما بين الكتاب والإنسان في الوطن العربي ازدادت تأزماً وتشهد تراجعاً واضحاً، ولعله بإمكاننا أن نختصر أشكال ومظاهر تلك الأزمة بالنقاط التالية: قلة عدد الكتب التي تطبع في الدول العربية بصورة واضحة، ضعف حركة الترجمة وطباعة الكتب المترجمة في الوطن العربي، عدد النسخ من الكتاب المطبوع في البلدان العربية وسطيا ألف أو ألفي نسخة، بينما يتجاوز العدد ٥٠ ألف نسخة في كثير من دول الغرب، سوء توزيع الكتاب وضعفه في البلدان العربية بالرغم من كثرة معارض الكتاب وأسواقه.

النشر الخاص

كما ركزت عبير عقل في محاضرتها على “أهمية دور النشر الخاصة في صناعة الكتاب” وأهمية النشر الخاص في موازاة النشر الحكومي لا باعتباره بديلاً للنشر الحكومي وإنما باعتباره خطاً موازياً ومؤازراً، موضحة أن أهمية  النشر الخاص تعود أولاً إلى فكرة تعزيز دور المجتمع المدني في بناء الحراك الثقافي والوعي المجتمعي، فالنشر الخاص يخلق مساحة عمل مستقلة للأفراد مما يؤول إلى دعم استقلالية المجتمع المدني في حراكه الثقافي، وثانياً أن وجود نشر خاص هو أبرز العوامل في إثراء ساحات الفكر والثقافة في أي مجتمع إذ تعتبر دور النشر الخاصة المغذي الأكبر  لها، وغيابها يؤدي إلى  انحسار الثقافة في المشهد العام، ثالثاً المرونة، فالقطاع الخاص لا يواجه الروتين والبيروقراطية التي قد تعاني منها مؤسسات الدولة. رابعاً: في الحرية إذ باستطاعة النشر الخاص إعفاء الدولة من تحمل تبعات آراء المثقفين ومواقفهم، خامساً: النشر الخاص يؤمن فرصة كبيرة للانتشار والتسويق  لأصحاب النصوص، وسادساً: القطاع الخاص أقل تأثرا بالأزمات الدولية، سابعاً خلق حالة  تنافس إيجابي، وفيما يخص معايير النشر لدى دور النشر بينت عقل بأنه ينطلق من عدة أصعدة هي النقاط الناظمة لمحاور عمل دور النشر في إنتاج المعرفة وتسويقها وتقويمها وإدارتها وهي:( التخصص، جودة المحتوى المعرفي والتعامل مع صاحب النص،التميز،التنوع…وغيرها)، كما تطرقت إلى التحديات التي تواجه دور النشر الخاصة.

صناعة النشر

من جانبه قدم رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم الحافظ محاضرته”صناعة النشر في سورية، الواقع والآفاق” موضحاً أنه عند البحث عن تاريخ صناعة النشر في سورية لا نجد معلومات كافية ففهي ليست منضبطة تحت وقائع حقيقية، أما واقع النشر في سورية فيمكن القول أنه واقع مقبول وجيد فهناك عدد من الناشرين السوريين هم من كبار الناشرين العرب ولديهم صدارة عربية، منهم مقيم في سورية ومنهم خارجها وهذه إشكالية لأنه يجب استقطاب أولئك الناشرين الذين يحملون صفة ناشر سوري وإنتاج سوري إلى داخل الوطن، كما فرّق الحافظ بين المكتبات التي توزع وتبيع الكتب وبين دور النشر التي تنتج الكتب، لافتاً أنه عندما أريد تطوير صناعة النشر يجب أن أطلع على إحصائيات عن النشر في العالم، مبيناً أنه سيتكلم عن دور النشر من جانب استثماري فقط لأنه قطاع صناعة مهمة جداً يعود بالنفع على الوطن  ويؤدي إلى دخل قومي، والاستثمار في حقيقته ليس فقط لدعم الكاتب  بل لدعم القارئ أيضاَ، لأنه يخفض سعر الكتاب وهذه الصناعة هي قطاع مهم جداً في  كل أنحاء العالم، ودعا إلى تأسيس دور نشر قوية مادياً فهي ليست فقط علم ومعرفة وثقافة، بل استثمار اقتصادي نحمي من خلاله الثقافة، فبالإضافة إلى تحقيق رغبات المعرفة والنهوض بالسوق يجب أن تحقق أرباحا مادية، وفيما يخص الواقع الحقيقي لدور النشر السورية وتوزعها في سورية رأى الحافظ أن هناك إشكالية  حيث يتركز 90% منها في دمشق، لذا يجب تعزيزها في باقي المحافظات، ونوه إلى ضرورة اندماج الناشر السوري مع الكتب التعليمية والكتاب المدرسي والكتاب المساعد.

لوردا فوزي