ثقافة

قصائد وقصص شبابية في أمسية أدبية

مازال الشعر والقصة مزدهران، ومازال الشباب يتجهون إليهما، فهما الأقدر على مواكبة الواقع، وتوثيق بعض الفترات كما يرونها، وللشباب تذوقهم الخاص للأدب على اعتباره وعاء جمالياً يستوعب الكثير من الأفكار الكامنة في مخيلتهم، وفي الأمسية الأدبية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب شارك فيها مجموعة من الأدباء الشباب عبر القصائد والقصص، وقدمت الفعالية سمر تغلبي.

قدم محمد قاقا ثلاثة نصوص هي: الأرملة السوداء، كسرةُ نفس، لا منطق في الحب التي قال فيها:

في بُعدهم نسف النحيبُ صبابتي

وثوى فؤادي في الجوى يتحرّقُ

ناهيك عن طيفِ الأماكن زائراً

من كلِّ ليلٍ في الخيالِ يشوّقُ

هذي العيونُ هدايتي في حبّها

في شهدها وصلي إذ أتمزقُ

“التمثال”

وقرأ سامر منصور ثلاث قصص بعنوان: ليلٌ نبت من الظلال، الواحة، طيران إلى القاع ومنها نقتبس:

“في الفجر التالي اجتمعت الآلهة حول جلمود عظيم وقال قائلٌ منهم، لنجعل هذا في أحسن تقويم، فجعلوا ينحتونه حتى تجلَّى جسداً عظيماً قويماً هائلاً يملأ ما هو فيه من مكان حتى لكأنه يتقعَّرُ نحوه الزمان، لكن الآلهة عجزت عن نحت عيون لهذا التمثال، فما تحت جبهته كان صلباً تكسّرت عليه كل ما في يمينهم، حتى ملّوا المحاولة، وتركوا صنيعتهم العمياء وانبثوا تصدَّى التمثال الضخم الأعمى للشمس، وما عَلتهُ قط، وامتدَّ له ظلٌّ هائلٌ كالليل غشي ما غشي من الأرض، ذبلت في رحابه الحياة ومن بين مزق الغابات ظهرت غاباتٌ أخرى عاليات تناطحُ السحاب، غابات صاخباتٌ من حجرٍ وإسمنتٍ سكنها الظلِّ وسكنتهُ.

حاربتُ الآلهة في أمر التمثال هل هو ثابتٌ أم هو يتحرك قُدماً؟! فالشمس كانت تعلو كلَّ شيءٍ دون أن تعلوه..

مع مضي الزمن ضاقت جلُّ الآلهة ذرعاً بصخب الظل العملاق وفوضاهُ المنظّمة، فسخر إله الرياح على الظل والأصل رياحُهُ العاتيات فما اقتلعهُ ولا استطاع له تحطيماً. وذات مساء تنزّل إلهٌ آخرٌ بالصواعق على الظلَّ والأصل رياحُهُ العاتيات فما اقتلعهُ ولا استطاع له تحطيماً، وذات مساء تنزّل إلهٌ آخرٌ بالصواعق على الظل والأصل فما استطاع لهُ تحطيماً وذات فجر همَّ نبتون يمدُّ أمواجه العاليات الجارفات لتعمل بالتمثال صفعاً وحتّاً فما نال التمثال من فعالهم إلا خدوش سرعان ما تلاشت، وهابت أيريس بالآلهة أن ويحكم دعوه، انظروه كم هو جميلٌ لتُعمل بالتمثال صفعاً وحتّاً فما نال التمثال من فعالهم إلا خدوش سرعان ماتلاشت، وهابت ايريس بالآلهة أن ويحكم دعوه انظروه كم هو جميلٌ بهيّ، وزعمت أن التمثال حيٌّ ويتحرك.

“الجريدة”

وقدم الأديب خضر الماغوط مجموعة قصص: الشجرة، السلطان، كاتب سياسي، حكومة الاقتصاد، آخر الأخبار، جسر المحبة، مشوار رومانسي، البهلوان.

ومن “كاتب سياسي” نقتطف:

لم يقرأ أحدٌ مقالي السياسي الوحيد المنشور في الجريدة.. هكذا عرفتُ بعد أن سألتُ جميع من أعرف، فكان الجوابُ سلبياً، حتى عندي في البيت، مسحوا زجاج النوافذ بأوراق الجريدة، دون أن يقرؤوه، تلك هي قمةُ الخيبة والإحباط، إنما لم تدم خيبتي طويلاً، ولم يدم إحباطي، وعاد لي فرحي بعد أن عرفتُ بأنه يوجد هناك من قرأ المقال، عندما اقتحموا بيتي، وأخذوني.

وفي قصة “البهلوان” نقرأ:

طفح الكيل، بصبر القبعة على سلوك الرأس الذي يعتمرها، إنه يخلعها وينحني لهذا ولذاك ثم يعتمرها ثم يخلعها لينحني من جديد فلا تستقرُّ بها الحال، – لقد أتعبتني وأرهقتني أيها الرأس المنافق؟؟ قال الرأس مبرراً: إنها سياسة ذيل الكلب.

أما “جسر المحبة” فتضمنت:

الحاكم العربي الذي سمع بوجود جسر المحبة على نهر السين في باريس، اشتهى أن يكون في بلاده جسرٌ مثله.. ذلك الجسر، الذي يتواجد عليه العشاق الشباب، ويربطُ كلُّ عاشقين قفلاً على قضبان سياجه الحديدي، ثم يرميان المفتاح في النهر تيمناً بالارتباط الدائم. باشرت الجهات المختصة بإنشاء الجسر العربي، وحين اكتمل المشروع، أقيمتْ المهرجانات والخطابات، احتفاءً بهذا العطاء التاريخي، إنما لم يجد العشاق العرب مكاناً لربط أقفالهم عليه، فقد كان كامل السياج، مغطَّىً بصور الحاكم العربي.

وقرأ نور الدين موعد نصاً طويلاً متنوعاً بين الشعر والنثر قال فيه: من قصتي إنه البحر، أوصته أن يقرأ كالأطفال قبل النوم:

ليس مجرد حكاية خيالية عن جمال نائم ينتظرُ من يوقظه… إنها أسوارُ قلبٍ لا تفتحُ إلا مرةً واحدة كلَّ مئة عام… تشير إلى قلبها: كم عاماً يعيشُ هذا القلب… وفيه حُبك الذي نهضَ بالحياة من أعماقه..؟ إنه الحب الذي لن يجعل القلب يعودُ إلى بحر غيابه، إلا كعروس البحر حين عادت جثةً هامدةً..

*عندما التقتِ الجميلة بالوحش أول مرة، قالت مزهوة:

– أنا فتنة..

أدار الوحش ظهره ومشى، وهو يقول في نفسه:

وربما أنا أيضاً يا عزيزتي، لكنني فتنةٌ جميلة، فهل أنت كذلك..؟

أطالت شعرها، وأحسنت ترتيبه، ليتسلق به فارس أحلامها، ولم تهملْ تربية كلماتها، وإغناء روحها، ليطالا معاً وجه الحب، ويكتمل اللقاء..

جمان بركات