الصفحة الاولىصحيفة البعث

موسكــــو وطهــــران تشــــددان علـــــى وحـــــدة أراضــــــي سوريـــــة وسيادتهـــــــا ترامب وأردوغان يتبادلان الأدوار .. القوات الأمريكية تبدأ بالانسحاب وعدوان تركي يستهدف تل طويل بالمالكية

 

في سياق تبادل الأدوار والمخططات بين رعاة الإرهاب، أعداء الشعب السوري، أعلنت إدارة ترامب موافقتها الضمنية على شن النظام التركي عدواناً جديداً ضد أبناء الشعب السوري في مناطق الجزيرة، إذ أعلن البيت الأبيض، في بيان نشره، أمس، بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أن النظام التركي سيمضي قريباً في مخططاته في منطقة الجزيرة السورية، وأن القوات الأمريكية لن تدعمها!، فيما أعلن ترامب، وللمرّة الثالثة، سحب قوات بلاده الاحتلالية من الأراضي السورية، قائلاً: “إن الوقت قد حان لإعادة قواته الموجودة في سورية إلى بلدها”!.
وفي سلسلة تغريدات على تويتر برر بها عدم التزامه بوعوده السابقة، قال ترامب: “كان من المفترض منذ عدة سنوات أن تبقى الولايات المتحدة في سورية لمدة 30 يوماً، إلا أننا بقينا وتعمّقنا في المعارك أكثر فأكثر دون هدف منظور”.
وكان ترامب أعلن في شهر شباط الماضي أنه سيسحب قوات بلاده من سورية وأفغانستان مع إبقائها في العراق، كما أعلن في كانون الأول الماضي نيته سحبها من سورية، معترفاً بأن الوجود العسكري الأمريكي “مكلّف ويفيد دولاً أخرى أكثر”، ولكن بقيت وعوده حبراً على ورق.
وفي أعقاب البيان الأمريكي وتصريحات ترامب انتشرت أنباء من مصادر أهلية وإعلامية تؤكّد إخلاء قوات الاحتلال الامريكية مناطق انتشارها على طول الشريط الحدودي، مفسحة المجال أمام قوات النظام التركي للعدوان على الأراضي السورية، ومتخليّة عن وعودها التي قطعتها لأدواتها من ميليشيا “قسد” الانفصالية في تلك المنطقة، والتي استخدمتها طيلة سنوات الحرب الإرهابية ضد سورية وشعبها.
وفي هذا الإطار، وبما يؤكّد تخلي واشنطن عن أدواتها المأجورة، أعلن ترامب أن بلاده دعمت “قسد” ودفعت أموالاً طائلة، وقدّمت كميات كبيرة من المعدات لها في سياق حروبها، وحان الوقت للانسحاب، وقال: “حان الوقت المناسب للخروج من هذه الحروب السخيفة التي لا نهاية لها وإعادة جنودنا إلى البلاد”.
وفي وقت لاحق، أفاد مراسل التلفزيون السوري في الحسكة أن عدواناً تركياً استهدف تل طويل بالمالكية، بريف المحافظة الشمالي الشرقي، وهو أحد مواقع ميليشيات “قسد”، بالتزامن مع بدء الولايات المتحدة سحب قواتها من المنطقة.
وفي ردود الفعل الدولية على العدوان التركي الجديد والمرتقب على الأراضي السورية، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الطريق الوحيد لضمان تركيا أمنها يكون باحترام سيادة سورية ووحدة اراضيها وتطبيق اتفاق “أضنة” بين البلدين، وليس من استباحة الأراضي السورية.
وجدّد ظريف التأكيد على ضرورة احترام وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب فيها، وأوضح، في تغريدة له على “تويتر”، أن إعادة الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في سورية رهن باحترام سيادتها، وأضاف: “أميركا قوة احتلال عابثة في سورية، وأن كسب الإذن منها أو الاعتماد عليها لضمان الأمن أمر عديم الجدوى”.
روسيا، وعلى لسان المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، دعت تركيا إلى الالتزام التام بوحدة الأراضي السورية، مشدّدة على أن وحدة أراضي سورية وسيادتها هي نقطة الانطلاق في إطار الجهود المبذولة لإيجاد تسوية للأزمة في سورية وفي جميع المسائل الأخرى، بما فيها ضمان الأمن لدول الجوار، مجدّدة دعوتها ضرورة مغادرة جميع القوات العسكرية الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية بشكل غير قانوني.
وشدّد بيسكوف على وجوب التزام النظام التركي بالحل السياسي للأزمة في سورية وتجنّب الإجراءات المعرقلة لهذا الحل، ونفى أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع رئيس النظام التركي هاتفياً أي خطط “عسكرية” جديدة لنظامه في سورية، وقال بيسكوف رداً على سؤال: نأمل أن تلتزم تركيا في جميع الظروف بسيادة ووحدة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية والسياسية، مشيراً إلى وجوب مكافحة العناصر الإرهابية انطلاقاً من مبدأ وحدة وسلامة الأراضي الإقليمية والسياسية لسورية.
وكان رؤساء الدول الضامنة لمسار أستانا روسيا وإيران وتركيا جدّدوا خلال اجتماعهم في أنقرة في أيلول الماضي التأكيد على التزامهم الثابت بوحدة سورية وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ومواصلة مكافحة الإرهاب فيها، ورفض الأجندات الانفصالية.
ميليشيا “قسد” الانفصالية، التي ارتمت بأحضان الأمريكي، ونفّذت أوامر واشنطن ومخططاتها في منطقة الجزيرة السورية طيلة السنوات الماضية، اكتفت وفق مصادر أهلية بدعوة “المكوّنات الاجتماعية” في منطقة الجزيرة السورية للتصدي للعدوان التركي، وهي ذاتها التي استمرأت الاعتداء على الأهالي في المنطقة، عبر عمليات الاختطاف المتواصلة والمداهمة والسطو المسلح على الممتلكات والمنازل وغيرها من أساليب الترهيب والتضييق على المدنيين.
تركياً، شدّد انكين آوزكوج نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري على أن أردوغان لم يستخلص الدروس من فشل سياساته في سورية ودوره الكبير بتأجيج الأزمة فيها، ولفت إلى أن التعاون القائم بين أردوغان وترامب فيما يتعلق بإرهابيي “داعش” في المنطقة هو عمل خطير يهدد أمن تركيا، فيما أكد عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري سازكين تانريكولو أن قرار النظام التركي الاعتداء على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة هدفه احتلال ما يسمى “المنطقة الآمنة” وتسليمها لبقايا عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي و”جبهة النصرة” وباقي المجموعات الإرهابية في سورية، وأضاف: “هذا احتلال جديد للأرض السورية”.
بدوره أدان الحزب الشيوعي التركي مخطط النظام التركي الاعتداء على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة بالتواطؤ مع الولايات المتحدة، وقال في بيان: “ما تقوم به أنقرة امتداد لسياستها العدوانية التوسعية في سورية وانتهاك لكل القوانين والأعراف الدولية التي لم تلتزم بها تركيا منذ بداية الأزمة فيها”، ولفت إلى أن ما تقوم به قوات النظام التركي على أراضي الجزيرة السورية عدوان صارخ ضد سيادة الدولة السورية.
وأوضح أن أردوغان يواصل سياساته العدوانية في سورية وليبيا والمنطقة عموماً، ولن يتخلى عن تحالفاته “الخطيرة” مع المجموعات الإرهابية التي تعيث دماراً وفساداً في سورية، وطالب البيان الولايات المتحدة والنظام التركي بوقف اعتداءاتهما على الشعب السوري ورفع أياديهما “القذرة” عن سورية.
من جهته وصف فائق آوزتراك نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري الاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلالان التركي والأمريكي بشأن الاعتداء على الجزيرة السورية بـ “العمل الخطير” الذي يهدف لحماية الإرهابيين من بقايا “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، وأشار إلى أن الدول الامبريالية وحلفاءها في المنطقة استخدمت النظام التركي أداة، وورطت تركيا في سورية، ووضعت أردوغان منذ البداية في مأزق خطير في إدلب وجوارها، وهو الآن يغامر في منطقة الجزيرة السورية، مطالباً إياه بالتخلي عن سياساته العدوانية وعدم القيام بأي عمل عدواني استفزازي ضد سورية خدمة لمصالح الدول الامبريالية.