صحيفة البعثمحليات

“خطر الموت”

 

لطالما حذرنا من الواقع الخطر للأبنية المتصدعة والآيلة للسقوط في حلب، وطالبنا غير مرة بضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة وفورية لضمان السلامة العامة، تجنباً لوقوع حوادث بشرية وكوارث إنسانية مفجعة والتي لم يكن أولها انهيار مبنى سكني في حي المعادي فوق رؤوس قاطنيه قبل أيام قليلة والذي راح ضحيته 12 مواطناً بريئاً، وخلف إصابات وأضراراً جسدية عدة، إلا أنه وللأسف بقي هذا الملف الساخن على أهميته مؤجلاً ومرحلاً من عام إلى عام، ومركوناً في الأدراج دون أي شعور بالمسؤولية والتي تتطلب من المعنيين إعلان حالة الطوارئ، واتخاذ خطوات استباقية لإبعاد شبح الموت عن المواطنين الأبرياء والفقراء الذين دفعهم العوز والحاجة إلى الاحتماء بجدران متصدعة والالتحاف بأسقف متهالكة وآيلة للسقوط في أي لحظة.
لا شك أن فاجعة انهيار المبنى السكني، وما سبقها من حوادث مشابهة خلال السنوات السابقة في عدد من أحياء حلب القديمة وما نتج عنها من خسائر بشرية مؤلمة، يفتح الباب مجدداً على مصراعيه أمام الكثير من الأسئلة غير المفهومة حول طبيعة المهام المنوطة بمجلسي المحافظة والمدينة، وبلجنة السلامة العامة، فالحديث على لسان أحد المعنيين بوجود أكثر من 10200 مبنى سكني مهدد بالانهيار في أي لحظة زرع الخوف والهلع في نفوس وقلوب المواطنين؛ ما يستدعي تدخلاً حكومياً وعلى أعلى مستوى لوقف هذا النزيف المتزايد في الأرواح، وهنا نجدد مطالبتنا بضرورة الإسراع بإجراء تقييم دقيق للمناطق والأبنية المتضررة والمهددة بالانهيار، خاصة في المناطق التي تضررت جراء الإرهاب، والقيام بعملية إخلاء فورية للسكان القاطنين في هذه المناطق، وتأمين سكن بديل مؤقت لهم لحين إجراء عمليات الترميم والتأهيل، وبما يكفل لاحقاً إزالة الأخطار المحدقة، ومنع تكرار وقوع مثل هذه الحوادث المؤلمة التي خلفت الكثير من الألم والحزن والأسى فى نفوس الجميع.
مما تقدم نرى لزاماً أن يأخذ هذا الملف صفة الاستعجال ويتصدر اهتمامات المعنيين، وأن يكون في مقدمة الأولويات ولائحة المهام المطلوب تنفيذها حالياً ومستقبلاً، وهو ما نحيله إلى مجلس المحافظة تحديداً، والمطلوب منه تشخيص الواقع الراهن وتحديد المسؤوليات وتوظيف كل الدعم والإمكانات المتاحة لمعالجة هذه القضية الإنسانية والأكثر إلحاحاً من غيرها.
والمسؤولية أيضاً تقع على عاتق مجلس المدينة ومديرياته الخدمية التي غالباً ما يقتصر دورها على إزالة الأنقاض بعد وقوع الفاجعة والمحظور.
وقد يكون المهم بل الأهم هو التحلي بالمسؤولية الوطنية تجاه قضايا المواطنين، ومد يد العون والمساعدة لهم، وتلمس همومهم ومشكلاتهم، والعمل على تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم، ونعتقد أن حلب التي تستعد للاحتفال بالذكرى الثالثة لتطهيرها من الإرهاب تستحق اهتماماً ورعاية أفضل لتعود أفضل مما كانت، فهل نفعل.؟!
معن الغادري