ثقافةصحيفة البعث

معرض الخريف السنوي.. قفزة نوعية عن المعارض السابقة

ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري، افتتح في خان أسعد باشا بدمشق القديمة معرض الخريف للفن التشكيلي السوري في دورته هذا العام بحضور أسماء كبيرة وعريقة واستخدام أساليب جديدة، وفي تصريحه قال معاون وزير الثقافة توفيق الإمام: حجم المشاركات كبير وتم اختيار 215 لوحة من قبل لجنة فنية مؤلفة من كلية الفنون الجميلة واتحاد الفنانين التشكيليين، وتعود جمالية هذا المعرض أنه استمر إلى هذه اللحظة منذ خمسينيات القرن الماضي، واللوحات معبرة وجميلة جداً وتشارك المحافظات السورية كافة من خلال الفنانين تم اختيار لوحاتهم الفنية.

روح الشباب

المعرض فيه روح جديدة وهي الشباب، وهو شيء هام جداً، وعن معرض الخريف قال د.طلال معلا: في المعرض أسماء محفوظة في الحركة التشكيلية، نتابع أحاسسيهم وتطورهم في تجربتهم، وتكرار وجودهم هو إغناء للحركة التشكيلية لكن نحن ننتظر المزيد منهم وأن يكونوا على رأس التغيير، والفن التشكيلي السوري مازال بشكله التقليدي، وليس مهمة الشباب التغيير، إنما الجيل الموجود اليوم يجب أن يكونوا رعاة هذا التغيير سواء كان عبر كلية الفنون أو الاتحاد أو الجهات الرسمية في وزارة الثقافة لأن البينة التحتية مفقودة لذلك يوجد صعوبات في التغيير، فاليوم نحن ننتظر مشاركات مميزة لمثل هذا المعرض، وتذهب إلى أماكن أخرى مثل الملتقيات الدولية في الوقت الذي سورية هي أرض هذه الملتقيات، والحرب والظروف القاسية التي مررنا بها أعادت هذا الشيء، لكن اليوم نحن أمام تحديات جديدة على كافة المستويات وهنا الإبداع، ونحن أبناء زمن لم يعبر فيه أحد عن الزمن الذي نعيش فيه، وهو الشيء المفقود في هذا المعرض الذي يعبر عن جماليات الفن، وهي منطلقات وليست خصائص معينة للمرحلة، بالتأكيد الأعمال المميزة وأنا أقدر لجنة الاختيار وتنظيم المعرض، لكن الكثير من الأعمال غير المميزة أذت بتجاورها أعمالاً أخرى كان يمكن تنسيقها، وفي النهاية نحن لسنا بحاجة إلى مئات الأعمال لنعبر عن المحترف السوري، نحن بحاجة إلى معرض يعبر عن المتغير في الفن السوري وخاصة أن المعرض السنوي هو معرض مختبر لإمكانات التغيير في الفن السوري.

جدية العرض

يمتاز معرض هذا العام –كما قال الفنان وليد الآغا- بعملية الانتقاء الذي كان أفضل بكثير من العام الماضي، والأهم في الموضوع هو جدية العرض وخاصة من الفنان الذي واجه ظروف الحرب، وأصبح متفرغاً للمعرض ويعنيه أكثر، وقدم المعرض تجربة الفنان وهذه ميزة واضحة، وبحكم وجودي مع اللجنة هناك بعض الأعمال تستحق أن تعطى جدية أكثر ولاتكون مجرد تقديم عمل، فالموضوع تطور وأصبح المشاهد يحكم، وكنت أتمنى من الفنانين وهم شباب التعاطي بجدية أكبر مع اللوحة، وأنا أعزي هذا الموضوع إلى أن التجربة لم تكتمل بعد.

وأضاف: يحقق المعرض السنوي المعادلة الحقيقية بفرض جماليته وكل مايخص الجمال من فن وعطاءات وندوات، ومعرض الخريف هو دليل على وجود النبض الذي نتواجد فيه على كل الصعد، وليس نوعاً من المغالاة بالكلام وإنما حقيقة، وكل المعارض والملتقيات التي تحدث خارج سورية تكون اللوحة السورية موجودة  وبحضور مميز لأنه يوجد تاريخ وأصالة وجدية متوارثة، وتطبع بصيغ جمالية معاصرة وهذا شيء مهم في رأيي.

تظاهرة اجتماعية

بدوره قال الفنان بديع جحجاح: معرض الخريف من أهم النشاطات فهو عبارة عن تمازج بين مجموعة كبيرة من التجارب المحترفة والناس تسعى لتكون بين بوتقة الفن والفنانين القادمين، وهذا التمازج يسمح للجميع بالتعارف على بعضهم وعلى جملة التقنيات المستخدمة في سطح اللوحة، ويعيد الألفة والعلاقات بين الناس، ويمكن وصفه بالتظاهرة الاجتماعية الملونة ومكثفة العناصر، ورغم الأزمة والحرب الإرهابية لكن تبقى الثقافة تجمع النوع الإنساني والفن يعكسها من خلال الحب والحرفة والمواضيع المختلفة، فكل لوحة فيها قصة وكل قصة تحمل مشاعر وأحاسيس مختلفة، فكل مزيج هو عصارة تحول مهمة بالجسد السوري وخصوصاً بالجسد التشكيلي.

تحية لعلي السرميني

من جهته قال الفنان محمود جوابرة: إنه معرض نوعي، وأنا شاهدت فيه أعمالاً وتجارب جديدة بالقياس مع أعمال السنوات السابقة، والمعرض أخذ منحى تكريم وتحية للدكتور علي السرميني الذي رحل عن عالمنا. هذه التظاهرة تحتوي على أكثر من 175 عملاً فنياً منوعاً بين التصوير والنحت والحفر والغرافيك، وكل هذه الأعمال هي وجه سورية الفني والحضاري والثقافي، ونحن من خلال هذه الأعمال والسوية المطروحة والتجارب والرؤى الجديدة شكّل المعرض خليطاً بين الفنانين الخريفيين المتجاوزين سن الـ40 وبعض التجارب الشابة الذين دخلوا وقدموا أعمالاً مهمة كثيراً، وأنا رأيت أن سوية المعرض جيدة والباب مفتوح لأي تجربة تضيف للحركة التشكيلية السورية إبداعاً جديداً.

بانوراما

ويصف د.محمد غنوم معرض الخريف بالبانوراما التشكيلية للفن السوري المعاصر، إذ قال: إن كانت بعض الأسماء لا تشارك أحياناً لأسباب متعددة، لكن المعرض بشكل عام يعطي صورة عريضة للفن التشكيلي السوري خلال عام، وهذا العام مهم بكل المقاييس والسبب وجود أجيال ومدارس مختلفة تشارك فيه، وبالنسبة للمعرض هذا العام هو أفضل من بقية المعارض التي كانت خلال الأزمة لأنها تعافت كما سورية، وهناك لوحات تدل على أن الفنان التشكيلي بقي يرسم ويصنع الجمال رغم كل الحرب وتأثره بها دون أدنى شك.

ظاهرة صحية

ويشارك الفنان محمد أبو خالد في معرض الخريف بعمل نحتي عبارة عن امرأة، وهي تقريباً عمل واقعي مبسط من البيئة المحلية، وقال الفنان أحمد أبو زينة: أنا كفنان تجريدي من الصعب إعطاء عنوان للوحة، وهي عبارة عن ألوان وفيها فرح وإضاءة، والمعرض جميل ومميز بمشاركة فنانين من الصف الأول وهذه ظاهرة صحية ولها تقدير من كل الفنانين المشاركين.

جمان بركات