تحقيقاتصحيفة البعث

في رسالة الماجستير الطالبة هدى محمد.. تحدت إعاقتها السمعية وقدمت الحلول لذوي الإعاقة

إن مرحلة الطفولة من المراحل الهامة والأساسية التي يجب على الأهل صب الاهتمام فيها على طفلهم لزيادة توافقه مع محيطه، وتحاشي أية سلبيات تنجم عن عدم تحقق ذلك، فكيف إذا كان الطفل مصاباً بالإعاقة السمعية، وكيف نساعد الأهل في تفهم مشاكله النفسية والسلوكية بالشكل الأمثل؟ اليوم ستكون مادتنا مختلفة، لأن القائمة بالدراسة من ذوي هذه الإعاقة، عاشت الحالة بحذافيرها، واختارت طلاب المدرسة التي درست فيها سابقاً مجالاً لدراستها، وانطلقت من وجهات نظر المعلمين والأهل للإجابة عن تساؤلات كثيرة تتعلق برسالة ماجستير أعدتها، الطالبة هدى هيثم محمد، أول طالبة من ذوي الإعاقة السمعية في قسم علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة دمشق، تحصل على شهادة الماجستير بدرجة امتياز.

متميزة بنجاحها

نسمع العديد من قصص النجاح لذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديهم لواقعهم الصعب، وتحقيقهم لإنجازات علمية، أو رياضية، أو أدبية، وهذه النجاحات المتكررة تجعل الإنسان السليم القانط يعيد ترتيب نفسه للبحث عن الأمل، والنجاح مهما كانت رؤيته ضبابية، أو سوداء للواقع، فالإنسان وفق أحدث الدراسات لا يستخدم سوى واحد في المليون من ملكاته العقلية، ناهيك عن قدراته العضلية الجسدية، فهي أيضاً غير مستثمرة بشكلها الأمثل من قبل الكثيرين، وهذا كله يدفعنا لتخطيط حياتنا بصورة أجمل مع إشراقة شمس، وفق ما أكدته لنا الطالبة هدى هيثم محمد التي ساعدها والداها على إعادة تأهيلها للتغلب على إعاقتها من خلال تسجيلها في روضات ومدارس لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد زرع ذلك الإرادة والتصميم في نفسها بحسب ما كتبت لنا، واتبعت أيضاً دورات في شتى المجالات لتنمية كل مواهبها، واستثمار أوقات فراغها بمواكبة كل مستجدات هذا العصر، ولتحقيق التميز في المجتمع، حيث حازت على شهادة قيادة حواسب، وشهادات دورات في الرسم، والفنون النسوية المتنوعة، وكانت الأولى على دفعتها في الشهادتين الإعدادية والثانوية (الفرع الأدبي)، وأكدت هدى محمد أنها تطمح دائماً لتوظيف علمها ودراستها في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن تكون قدوة لهم في التغلب على الإعاقة، والمساهمة في الحياة الاجتماعية دون أية انطواءات، لقد اجتهدت الطالبة محمد في الدراسة التي أجرتها على تركيز اهتمام الأهل على طفلهم المعوق سمعياً، سواء كانت إعاقته كاملة، أو جزئية، ورفع مستوى وعيهم لحالته بشكل يضيف قيماً خاصة وجديدة للمجتمع بأسره، وخاصة أن الدراسات المتعلقة بذوي الإعاقة عموماً، والسمعية خصوصاً، نادرة جداً على مستوى عالمنا العربي، وبشكل يؤدي لثغرات وقصور في علم التعامل مع هؤلاء الأشخاص، ونوّهت محمد بأهمية الكشف المبكر للمشكلات النفسية والسلوكية لهم، وعلاجها السريع، وخطورة عدم الانتباه إلى ذلك من قبل ذويهم، كما أكدت محمد على ضرورة تصميم البرامج الإرشادية والعلاجية، وتطويرها لتخفيف مشاكلهم، بل وإقامة دورات إرشادية للأهل أيضاً، واستنتجت في رسالتها أن مستوى المعلم التعليمي، وسنوات خبرته يلعبان معاً أكبر الدور في الإشراف على هؤلاء الطلاب، وسبر احتياجاتهم الخاصة، والتعامل معها بالشكل الأمثل، وذلك بعد تباين الإجابات في استطلاعات الرأي التي شملت مجموعة من المعلمين، وخلصت الطالبة محمد إلى هذه النتيجة، وتبنتها في دراستها، مستبعدة أية عوامل أخرى، وكانت أهم المشكلات النفسية التي يعانيها الطلاب: الكذب، والسرقة، والتكيف الاجتماعي، والانحراف، وحاولت وضع أدق التوصيفات، واجتراح الحلول للتغلب على تلك المشكلات بعد أن قامت باستبيانات رأي بواسطة المعلمين وأهالي الطلاب، مع التركيز على دورهم في حل تلك المشكلات.

بشار محي الدين المحمد