دراساتصحيفة البعث

ترامب فتح الباب لاحتلال أراضي الغير

متابعات- البعث
قرار ترامب بضم الجولان السوري إلى الكيان الصهيوني أوجد ضجة كبيرة في الأوساط العالمية، وليس غريباً أن يقاتل العالم كله الخطوة الأمريكية الناقصة إلى درجة الانتفاء بكل ضجيجها وصخبها ورعاية نتنياهو لها مؤيداً ومبتهجاً بما قد تؤمنه له من نصر، أوروبا كلها رافضة بما فيها كبريات دولها، روسيا، وانكلترا، وألمانيا، وفرنسا، وقبل هؤلاء جميعاً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن وجميع المنظمات الدولية مليء بالقرارات التي تؤكد على أن الجولان سورية عربية الأصل والفعل والانتماء وأن “إسرائيل” كيان غاصب.
إن قرار ترامب بإعطاء الجولان لـ”إسرائيل” فتح الباب أمام أي دولة احتلت أرضاً ليس لها أن تمضي في التجاوزات وفي تعزيز نفوذها وضرب القانون الدولي بعرض الحائط، وجعل المناطق المتنازع عليها عرضة لتغييرات كثيرة مخالفة للمعادلة القائمة بين الأطراف المتخاصمة فيما بينها، نعم إعلان ترامب سيجعل كل دولة محتلة ومغتصبة لأرض غيرها تندفع أكثر في تشديد قبضتها على هذه الأرض، وسيمتن أكثر المبادرة الفردية للدول على فرض حلولها في المناطق المتنازع عليها، فلا تعود الحلول تستند إلى القانون الدولي ولا يعود العدل والشرعية الدولية والانتظام الدولي معيار لفض النزاعات، ذلك أن إعلان ترامب أن الجولان تابع لـ “إسرائيل” سيجعل كل صراع في كل أنحاء العالم أكثر تعقيداً وأكثر حدة وسيزيد من شراسة الأطراف المختلفة على أحقية المنطقة التي تطالب بها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قد يشهد الصراع الكامن بين تركيا واليونان على جزيرة قبرص تبدلات في المدى المنظور ولا تعود المنطقة العازلة تابعة للحلف الأطلسي بل ربما قد تحدث احتكاكات عسكرية من الجانب التركي واليوناني للمزيد من التوسع داخل الجزيرة، أما جزيرة روكال المتنازع عليها بين إيسلندا وبريطانيا وإيرلندا والدانمارك قد تشهد أيضاً تغييراً في المعادلة القائمة حيث لم يعد هناك مانع من أن تقوم إحدى هذه الدول بقطع الطريق على الدول الأخرى في هذا الصراع وبسط نفوذها على الجزيرة للحصول على المزيد من الثروة السمكية واحتياطات الغاز والنفط في الجزيرة طالما أصبح الاحتكام الدولي أو قرارات مجلس الأمن لا يحترمان ولا يطبقان من قبل الولايات المتحدة، كما يمكن لإسبانيا أن تعلن أن جبل طارق يدخل ضمن سيادتها وتبشر عن وجودها في شبه الجزيرة من دون الرجوع إلى الأمم المتحدة، فتنسف المفاوضات كلها وتصنف جبل طارق ملكاً لها وغير تابع للتاج البريطاني، ومن بين المناطق المتنازع عليها أيضاً، منطقة “بئر طويل” حيث تدعي كل من مصر والسودان امتلاكها.
أمثلة كثيرة لصراعات مزمنة بين دول يمكن سردها التي لا تزال دولها تتفاوض فيما بينها للتوصل إلى حل تحت سقف القانون الدولي، أما ما فعله “ترامب” بإهداء القدس لـ “إسرائيل” ثم الجولان فهو عمل وقح وغير قانوني وتجاري وظالم وغاصب والأسوأ من كل ذلك أنه قرار يصب الزيت على النار في منطقة مضطربة تعاني من أمراض مزمنة بأن علاجها مستعصياً وكل ذلك بسبب سياسة أمريكا الظالمة.