ثقافةصحيفة البعث

“علمتني الحياة”.. بأقلام نخبة من الشرق والغرب

 

 

موضوعات كتاب “علمتني الحياة” إشراف د. أحمد أمين وإعداد واختيار مالك صقور، ما هي إلا موجز لفكرة بسيطة أساسية هي على ما يبدو هدف كثير من الناس حتى أنه استجاب لها كل من سنحت له الفرصة للاستماع إليها أو قراءتها أو التفكير فيها، وهذه الفكرة هي ما تعلمه الحياة للناس وما تعطيهم من دروس مختلفة، يعتمد الكتاب على عرض فلسفة وخلاصة تجارب حياة عدد من الرجال والنساء من الشرق والغرب هم مجموعة من رجال أعمال ومحامين وأطباء وكتاب ومربين ورياضيين وممثلين رجالاً ونساءً ومن مختلف الأجناس والألوان والعقائد معروفين وغير معروفين، يمثلون مختلف نواحي النشاط يشترط فيهم النجاح بما يقومون به من أعمال بالإضافة إلى استقرار يلائم بينهم وبين ظروف حياتهم.
الكتاب يحتوي على نحو مئة مقالة كل منها نحو خمسمئة كلمة تسبقها ترجمة لحياة كاتبها وتمت ترجمة ثلاثين مقالة منها بالإضافة إلى أربعة وعشرون كاتباً من العرب فهي فكرة لطيفة يفرح بها الناقد العربي لمعرفة الفروق بين كتابة الشرقيين وكتابة الغربيين وتتيح للشرقيين أن يفهموا كيف يفكر الغربيون، ويمكن ملاحظة أن الكتابة العربية رصينة بحكم أنها كتبت باللغة العربية بادئ ذي بدء، أما الأخرى فمترجمة ومهما يكن من قوة المترجم فلابد أن يكون على المقالات المترجمة ظل ولو قليل من أثر الترجمة، ونلاحظ في الكتابات الغربية الإيمان بالإنسان والفرح بالحياة وحب الاستمتاع بها، بينما نلاحظ على الشرقيين العكس، ومن مجموع هذه المقالات يتألف كتاب “علمتني الحياة” الذي عليك قراءته لتتعرف على هدفه وقيمته العملية وكيف يستطيع أن يحقق أهدافك الخاصة ومن الواضح أن أهم ما يشغل بال الإنسان هو تسيير دفة حياته، والواقع إن كل فرد مسؤول عن تنمية مواهبه ومعارفه وإدراكه حتى يتمكن من المساهمة في النشاط الحيوي الدائر حوله بقدر مناسب، ولكن فيما عدا دائرة هذا النشاط تتركز حياة المرء على ما يدين به من معتقدات هي نسيج الشخصية الإنسانية ومكوناتها وتلك المعتقدات لا ينبغي أن تكون دينية فقط أو خاضعة لسلطان الدين في مجموعها، رغم إن تلك المعتقدات هي قوام الحياة اليومية لأغلب الناس وهي التي نستطيع استناداً إليها أن نجيب عن هذا السؤال كيف أستطيع توجيه جهودي ابتغاء تحقيق حياة كاملة سعيدة تبعث على القناعة والرضا، حيث إن مئات من الناس ذوي الخلق الكريم بحثوا في خفايا أنفسهم ثم حاولوا أن يصارحوك بحقيقة هذه الخفايا في هذا الكتاب، مع العلم أن هناك مئات الكتب تدور حول حقيقة موقف الإنسان في الحياة والتزاماته ولماذا يجب أن نعيش وكيف نعيش، وما جاء في هذا الكتاب لا يعدو أن يكون لوناً من ألوان التعليم أو النصح أو عرضاً لوجهة النظر التي تقول: “عليك أن تفعل هذا أو ذاك”، أما كتاب “علمتني الحياة” فإنه لا يطلب منك شيئاً وإنما يثير فيك اليقظة ويقدم لك المساعدة، فهو مادة للقراءة ومادة للتأمل في نفس الوقت وهدفه إثارة ذهنك وحملك على تصوير معتقداتك، فهو يدعو إلى الإيمان بالإنسان وبالله والتفاؤل بالحياة كما يدعو إلى التمسك بأهداف الفضائل كما تؤكد صفحاته بأنه ليس كالحياة معلم يستفيد منه الإنسان في الدروس واستيعاب الحقائق والعبر فـالحياة مدرسة قائمة بذاتها، وهي مسرح يجرب فيه الإنسان عقله وشعوره وعاطفته وحسه وذوقه فيهتدي كل يوم إلى أمور جديدة لأن الحياة غير ثابتة ففي كل عصر مذاهب جديدة في كل ناحية من نواحي الفكر في الفلسفة والأدب والعلم والاجتماع والاقتصاد وما شابه ذلك، وعلى هذا الشكل تتسلسل آثار العقول فيؤدي كل عصر نتائج ما يهتدي إليه العصر الذي يليه والإنسان يحتاج دائماً التعديل على ما تعلمه وجربه مع الاعتماد على عدم التسليم في رأي والتعامل معه أنه حقيقة غير قابلة للتعديل، فسنة الحياة الأولى النمو والتجدد فكن دائماً منفتح الذهن مستعداً لتقبل كل رأي جديد لأن الحياة خضم واسع ومدرسة عظيمة لا تنتهي دروسها ولا تقف عند حد وكلما تعلمت منها أشياء احتجت إلى تعلم أشياء جديدة حيث يروى لنا عن الأمم المختلفة أقوال حكيمة كثيرة كل له طابعه الخاص مما يدل على أن كل أمة جربت في الحياة ما بطبيعتها واستفادت من بيئتها وأن كل أمة كانت تنظر إلى الحياة من زاوية وكلها تعبر عن الحقيقة بأسلوب يخالف أسلوب الآخر، باختصار الحياة جديرة بأن نتعلم منها ونحياها.

القسم الثقافي