الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

الفوضى تضرب أمريكا وترامب يصب “الزيت على النار”!

أكثر من أربعة آلاف معتقل، والحرس الوطني انتشر في أكثر من ولاية، وفرض حظر التجوّل، ولكنّ كلّ ذلك لم يمنع من مواصلة الاحتجاجات على جريمة قتل شاب أميركي من أصول إفريقية على أيدي الشرطة في مينيابوليس. وأدت مقاربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأحداث مينيابوليس إلى تطوّر الأوضاع في اتجاه معاكس لما يشتهيه، إذ اختار الناس التحدّي، ومواصلة الاحتجاجات، والتي أصابت عدواها مجموعة كبيرة من المدن، وتخللتها اشتباكات بين الشرطة الأميركية والمتظاهرين، وخاصة أمام البيت الأبيض في واشنطن، إثر إضرام بعضهم النيران في منطقة قريبة منه.

واستُخدم الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل والقنابل الغازية لتفريق حشود الناس، الذين تجمعوا خارج أسوار البيت الأبيض وهم يهتفون ويشعلون النيران ويحملون لافتات احتجاجية، فيما أبلغ البيت الأبيض موظفيه عبر البريد الإلكتروني بتجنب الحضور بسبب الاحتجاجات المستمرة، وبأنه لا يزال في حالة تأهّب أمنيّ، بينما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلاً عن مصادر، وصفتها بالمطلعة، أن موظفي الخدمة السرية في البيت الأبيض نقلوا ترامب إلى مخبأ تحت الأرض، وذلك بعد تصاعد التوتر خارج أسوار البيت الأبيض بين الشرطة والمحتجين.

واشتكى مستشارو ترامب من تغريداته، معترفين بأنها تصبُّ الوقود على الوضع الحارق  بالفعل، كما أوضحت الصحيفة أن مساعدي ترامب حاولوا مراراً وتكراراً أن يشرحوا له أن “الاحتجاجات لم تكن تتعلق بشخص الرئيس فحسب، بل كانت تتعلق بقضايا أوسع نطاقاً حيث تتعلق بالعرق”.

كما دارت مواجهات في أكثر من عشرين مدينة أمريكية، بينها لوس أنجلوس وشيكاغو وأتلانتا، ما دفع السلطات في هذه المدن إلى فرض حظر تجول، في حين استدعت ولايات عدة قوات الحرس الوطني للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات الأهلية، التي لم تشهد الولايات المتحدة مثيلاً لها منذ سنوات عدة.

بالتزامن، أعلن حاكم ولاية أريزونا فرض حظر للتجوال لمدة أسبوع، كما أعلن حاكم ولاية فرجينيا حالة الطوارئ واستدعاء الحرس الوطني، فيما أكدت شرطة لوس أنجلوس اعتقال نحو 400 شخص بتهم مختلفة، فيما ذكرت شبكة “سي. إن. إن” الأميركية أن عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة الأميركية منذ الـ26 من أيار المنصرم، أي بعد يوم من مقتل جورج فلويد، تجاوز الأربعة آلاف شخص في مختلف المدن والولايات.

وفي هذا السياق، قتل متظاهر برصاص الشرطة في مدينة لويزفيل بولاية كنتاكي وذلك بعد يوم من مقتل متظاهر وإصابة 3 آخرين بإطلاق الشرطة النار على متظاهرين بمدينة إنديانا بوليس. وأقر رئيس شرطة لويزفيل ستيف كونراد بمقتل شخص برصاص الشرطة، زاعماً أن هؤلاء ردوا على إطلاق نار خلال إخلائهم حشداً كبيراً تجمهر في سوق دينو بالمدينة، لافتاً إلى أن عناصر من شرطة لويزفيل ووحدات الحرس الوطني شاركوا في العملية.

وحاولت شاحنة صهريج شق طريقها بين آلاف المتظاهرين على جسر في وسط مينيابوليس بولاية مينيسوتا، وهو الأمر الذي استدعى تدخل عدد كبير من عناصر الشرطة، وقالت الشرطة المحلية في بيان إنّه لم تسجل على الأرجح إصابات في صفوف المتظاهرين، واصفة ما حصل بأنه واقعة مزعجة جداً.

كما فجر تسجيل فيديو يظهر سيارة تابعة لقسم شرطة مدينة نيويورك تدهس حشداً من المتظاهرين المزيد من الغضب الشعبي في الولايات المتحدة المتأجج أصلاً.

وكشف التسجيل ومدته 27 دقيقة، والذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، عن قيام سيارة دفع رباعي تابعة لقسم شرطة نيويورك بإسقاط حاجز معدني يفصل بينها وبين حشد من المتظاهرين والانطلاق بسرعة نحو حشود المتظاهرين والاصطدام بهم، الأمر الذي أطلق صيحات وصراخا ًبين الحشود دون توضيح عدد الإصابات أو القتلى جراء هذه الجريمة الجديدة، وادعى رئيس بلدية مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو أن الحادث قيد التحقيق محاولاً تبريره.

وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر تغريدة له على “تويتر” اتهم فيها وسائل إعلام أميركية ببث أخبار مضللة أكثر من أي دولة أجنبية، كما أعاد نشر تغريدة هدد فيها باستخدام القوّة العسكرية إذا لم يكن حكام الولايات أكثر حزماً في القيام بعملهم.

وسعياً منه لحرف اللوم عن سوء إدارته للبلاد ومسؤوليتها عن الغضب الشعبي، الذي أشعل مظاهرات واسعة في أنحاء الولايات المتحدة، هدد أيضاً بوضع حركة “أنتيفا” اليسارية المناهضة للتمييز على قائمة الإرهاب بزعم إثارتها للاحتجاجات. في محاولة لإيصال رسائل إلى قاعدته الانتخابية المؤلّفة من الأميركيين البيض واليمينيين المتطرّفين، الذين يرون في المنظمة اليسارية عدواً لطالما خرّب جزءاً كبيراً من حياتهم وأنشطتهم.

إلى ذلك، فيما قال وزير العدل الأميركيّ وليام بار إنه تم اختطاف أصوات الاحتجاجات السلمية والمشروعة من قبل عناصر متطرفين، مؤكّداً أنه سيتمُّ توجيه الأجهزة الفيدرالية لاعتقال المحرضين واتّهامهم بانتهاك القانون الفيدرالي.

خارجياً، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن ما يجري في الولايات المتحدة أثبت زيف الادعاءات الأمريكية حول الحرية وحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الرئيس ترامب يدير حكومة قائمة على التمييز العنصري، وقال المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي: إن الإدارة الأمريكية تتبع العنف والبلطجة داخل وخارج الولايات المتحدة في ذات الوقت، ونأسف لمشاهد العنف التي تقوم بها الشرطة الأمريكية هذه الأيام أمام أعين شعوب العالم، وهي تقمع بلا هوادة وعنف كبير مواطنيها الذين يطالبون بالاحترام وإنهاء العنف بسلمية، داعياً الحكومة والشرطة الأمريكية إلى إيقاف العنف ضد شعبهما، مشدداً على أن الإدارة الأمريكية التي تتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان والحرية تقتل شعبها، لافتاً إلى أن ترامب فشل في إدارة بلاده والسيطرة على فيروس كورونا ويدير حكومة قائمة على التمييز العنصري ومن الطبيعي أن يشعر الشعب لذلك باليأس ويتظاهر كما أنه من الطبيعي أن يبدأ ترامب بالإسقاط ويطلق اتهامات عشوائية ضد الدول الأخرى، مشدداً على أن إيران ترفض تهمة التدخل في الشؤون الداخلية الأمريكية.

وكان جورج فلويد 46 عاماً قتل في الخامس والعشرين من الشهر الجاري في مدينة مينابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية بعد أن خنقه ضابط شرطة من خلال الضغط بركبته على عنقه لأكثر من ثماني دقائق في أحدث حادثة من سلسلة حوادث القتل التي تستهدف أشخاصاً من أصول إفريقية على أيدي الشرطة في الولايات المتحدة.