مجلة البعث الأسبوعية

تعويل على نجاح محاولات توطين “الذهب الأحمر”.. 2021 عام الانتشار الأوسع لزراعة الزعفران

” البعث الأسبوعية ” ميس خليل

عاماً بعد عام، تتطور وتتوسع زراعة الزعفران في سورية، فالتجربة التي انطلقت منذ خمسة عشر عاماً في مركز جوسيه الخراب بريف القصير في محافظة حمص، بدأت تأخذ منحاً جدياً لأن يتم توطينها بشكل دائم وعدم الاكتفاء بالمحاولات لمعرفة نجاح زراعته من عدمها، إذ تعمل وزارة الزراعة ممثلة بهيئة البحوث العلمية الزراعية على تعميم زراعة النوع المصنف ضمن أغلى الزراعات المنتجة للتوابل في العالم بشكل واسع وجعله رافداً مهماً للاقتصاد الوطني في ظل الظروف المناخية التي تتمتع بها سورية وتساهم بأن يكون لدينا إنتاجاً وفيراً منه، خاصة وأن الزعفران يعد في دولاً عديدة محصولاً إستراتيجياً يدّر مليارات الدولارات على الخزينة العامة والمثال إيران التي تنتج 800 طن سنوياً.

المشروع انطلق

الدكتور وسيم محسن رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية في السويداء وعضو اللجنة الوطنية لنشر زراعة الزعفران في سورية أوضح أن وزارة الزراعة والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية أولت هذا النبات أهمية كبيرة من خلال إجراء التجارب العلمية المتعلقة بهذا المنتج، إذ قامت بزراعة نبات الزعفران منذ فترة طويلة في مركز بحوث حمص ونفذت العديد من التجارب والدراسات العلمية الهامة، كما وعملت على تشكيل لجنة وزارية خاصة بنشر واعتماد زراعته في سورية، ووجهت مديريات الزراعة في المحافظات بأن تقوم بدعم هذا النبات وتأمين كل مستلزمات نجاح زراعته، وبالفعل انطلق المشروع عام 2018 وتم زراعة أبصال الزعفران في عدة مراكز بحثية كتجارب أولية لدراسة مدى نجاح هذه الزراعة في سورية، ثم تشكلت اللجنة الوطنية لنشر زراعة الزعفران في سورية (لجنة القرار 3109/و – لا – تاريخ 15/8/2018) مهمتها دراسة هذا النبات من كافة جوانبه، مضيفاً أن عدة محافظات تقوم حالياً عن طريق مراكز البحوث المنتشرة فيها ومديريات الزراعة بزراعة حقول تجريبية لدراسة وتحديد إمكانية نجاح زراعة نبات الزعفران فيها، حيث تم زراعته في محافظات ريف دمشق والسويداء وحمص واللاذقية خلال المواسم 2018 وحتى 2020 وتقوم اللجنة حاليا للتحضير لزراعته خلال الموسم الزراعي 2020-2021.

تجربة إكثار

وأوضح محسن أنه تم زراعة الزعفران في محافظة السويداء بمركز البحوث العلمية الزراعية في ثلاث مواقع بيئية مختلفة وهي محطة بحوث حوط على ارتفاع 1100 م ومنطقة ظهر الجبل على ارتفاع 1550م وموقع الطبنة الخامسة على ارتفاع 1600م

ودلت النتائج الأولية على نجاح هذه الزراعة في المواقع المذكورة وبنجاح كبير، إلى جانب ذلك أطلق مركز بحوث السويداء تجارب إكثار وحفظ نبات الزعفران باستخدام تقانة زراعة الأنسجة النباتية في مخبر زراعة الأنسجة النباتية, إضافة لقيام المركز بتجارب التحسين الوراثي للأنواع البرية باستخدام معاملات التطفير الكيميائي وهذه التجارب ما تزال قيد الدراسة والتجريب حالياً.

عام الانتشار

وأوضح محسن أن العمل حالياً يتركز على إكثار الزعفران وتوفير أكبر عدد ممكن من الكورمات بحيث يكون عام 2021 عام الانتشار الأوسع لزراعة الزعفران في سورية، فمن المقرر أن يتم دعم هذه الزراعة من خلال الوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية، وذلك للوصول إلى المرحلة الثانية من توسيع انتشار الذهب الأحمر في سورية وبداية تحقيق الإنتاج الفعلي.

موسم شتوي

ويعد المحصول بحسب محسن محصولاً شتوياً بامتياز شرطه الأول لنجاحه ارتفاع المكان عن سطح البحر بما لا يقل عن 600 متر، مع الإشارة إلى أنه يتحمل الحرارة المنخفضة حتى 10 درجات مئوية تحت الصفر والحرارة المرتفعة حتى 40 درجة مئوية، وكلما كان الجو بارداً كانت زهور الزعفران أفضل ورائحتها أقوى وتويجاتها أكثر صلابة، وهو نبات لا يتطلب الري إلا خلال شهر الزراعة أيلول، ويزهر الزعفران أوائل شهر تشرين الثاني وتستمر فترة الإزهار في الحقل لمدة 20 يوم، وتعطي الكورمة (بصلة قطرها 2-5 سم) الواحدة 3 أزهار وكل زهرة يقطف منها 3 مياسم، وفي نهاية الموسم تشكل كل بصلة أم حوالي 3-4 كورمات جديدة، ويمكن أن تمكث الأبصال في نفس الحقل لمدة بين 3-7 سنوات وبحسب محسن فإنه لجمع كيلو غرام واحد من الزعفران الجاف يلزمنا قطف 130.000 زهرة من الصنف نفسه.

صعوبات

تحتاج زراعة الزعفران إلى الكثير من العناية والمراقبة ولاسيما من الحيوانات القارضة كما يقول أحد المزارعين الذين تواصلنا معه هاتفياً، إذ يؤكد أن الأرانب البرية وحيوان الخلد تشكل تهديداً كبيراً له، وعليه يجب أن نلحظ ذلك تماماً عندما نريد البدء بإنشاء وزراعة حقول الزعفران وإيجاد طرائق خاصة لمكافحة انتشارهما في الحقول، كما أن عملية قطافه ولاسيما قطف المياسم من الزهرات تحتاج إلى عناية كبيرة وصبر في جمع المحصول وطريقة خاصة في جمع المياسم كي لا تتلف نتيجة تكديسها فوق بعضها البعض.

دور داعم

عقد المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) ندوة بحثية خلال شهر حزيران لأكثر من 30 مهندساً وباحثاً حيث تمّت مناقشة نتائج بحوث تقانات إنتاج الزعفران، ومدى ملاءمة المناطق البيئية السورية لإنتاجه، إضافة إلى تحديد الأنواع البرية للزعفران، وإمكانات تحسينها وراثياً بطرائق الزراعة النسيجية والطفرات الاصطناعية، وكذلك، إمكانية رفع معدلات إكثار الكورمات اللازمة للتوسع بزراعته لتلبية طلبات المزارعين الراغبين في إنتاج الزعفران، لأنه من أكثر التوابل غلاءً في العالم، ما جعل الناس يطلقون عليه لقب الذهب الأحمر.

فوائد طبية

للزعفران فوائد طبية هائلة أبرزها أنه يوقف شهية الطعام، ويستعمل للحمية وتخفيض الوزن ومعرق، ويساعد على تخفيض الحرارة وعلى بدء الطمث، ومنشط للطاقة الجنسية، كما أنه مفيد في معالجة السعال والتهابات القصبة الهوائية، وفي معالجة البشرة الجافة، ويمكن مزج الزعفران مع الزنجبيل لتحسين الأداء والنتائج، وإعطاء البشرة الطراوة اللازمة.

فإذا ما قدر النجاح للأبحاث والمشاريع التي تقوم وزارة الزراعة وأكساد على تطويرها وبات الزعفران ينتج بكميات معقولة فإننا نستطيع القول أن سورية قد دخلت فعليا في بورصة الذهب الأحمر التي أنشأتها إيران لهذا المحصول الإستراتيجي وأصبح يؤمن موردا مهما للخزينة العامة .