مؤشرات على تجاوز “التأمينات” مرحلة الاهتزازات المالية
دمشق – حياه عيسى
تجزم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بأنها تجاوزت مرحلة الاهتزازات المالية، ودليل الإثبات – من وجهة نظرها – تقديمها مئات المليارات خلال فترة الحرب، في وقت ضمنت كافة التزاماتها تجاه المؤمن عليهم والمتقاعدين وورثتهم بشكل دائم ومستمر. ولأن “التأمينات” عانت من ضغوط هائلة نتيجة تشرد الآلاف من أصحاب المعاشات التقاعدية وأسرهم وفقدان الوثائق والمستندات اللازمة وخروج بعض الفروع عن الخدمة كلياً كالرقة وادلب، وجزئياً كحلب وحمص ودرعا والقامشلي، فإن المقلق بالنسبة للمؤسسة – وعلى لسان مديرها يحيى أحمد – هو فقدان مئات آلاف العمال لوظائفهم, الأمر الذي شكل خسارة مزدوجة للمؤسسة، من حيث ضياع الاشتراكات الشهرية عن هؤلاء العمال من جهة، وتقديم المستحقات التأمينية لهم (المعاشات وتعويضات) في الوقت نفسه، ما سبب ضغطاً غير مسبوق على صناديقها من الناحية المالية. ومع ذلك، فإن الضغوط لم تمنع المؤسسة من ممارسة عملها والاستمرار بالدعم والخدمات، حيث تقدم حالياً حوالي 18 مليار ليرة شهرياً، لأكثر من نصف مليون صاحب معاش ومستحق من خلال فروعها العاملة في المحافظات.
وتطرق أحمد في تصريح خاص لـ “البعث” إلى الخطة الاستثمارية للمؤسسة، والتي بلغت نسبة تنفيذها العام الحالي 99%، وقيمة المعاشات والتعويضات في العام المنصرم حوالي 147 مليار ليرة، في حين بلغ إجمالي المعاشات والتعويضات لغاية تموز لعام 2020 حوالي 124 مليار ليرة، وقيمة الإيرادات المحصلة في عام 2019 مبلغ 120 مليار ليرة, في حين تمكنت المؤسسة من تحقيق نتائج ممتازة وغير مسبوقة من حيث الوصول إلى العمال المسجلين في المؤسسة لنهاية 2019، والذين بلغ عددهم 1,894,350 عاملا: منهم 852272 عاملاً لصالح القطاع الخاص و1,042,033 عاملاً لصالح القطاع العام, علماً أن القانون رقم 28 لعام 2014 سمح لأي عامل أو صاحب عمل بالاشتراك عن نفسه في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة مقابل اشتراك بنسبة 21% من الأجر الذي يثبته، كما سمح لكل عامل من أبناء القطر في الخارج الاشتراك لدى المؤسسة بالاستفادة من تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة مقابل اشتراك 21,1% لتسهيل إجراءات تحويل القطع الأجنبي بهدف احتضان الدولة لأبنائها كافة ضمن القطر وخارجه.
وحول الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة لمعالجة مشكلة الديون على القطاع العام، أكد مدير المؤسسة مطالبة كافة الجهات العامة بسداد الاشتراكات المترتبة عليها، وإنجاز المطابقات المالية مع الجهات العامة بنسبة 75%، حيث بلغت قيمة الديون على القطاع العام لنهاية 2019 حوالي 217 مليار ليرة، كما تمت مخاطبة الجهات والوزارات المعنية وتوجيه فروع المؤسسة بالمحافظات للقيام بكل ما يلزم لتحصيل الديون، مبيناً أنه تم عقد اجتماع بين كل من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل و وزارة المالية وحاكم مصرف سورية المركزي والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية – بتوجيه من رئاسة الحكومة – لتوقيع اتفاقية تدفع بموجبها وزارة المالية 2 مليار ليرة شهرياً لسداد الديون المتراكمة، حيث بدأ العمل بها منذ نهاية 2017. وبناء على ما سبق، تم تشكيل لجنة لدراسة الوضع المالي للمؤسسة في ظل الإيرادات والنفقات المترتبة ومدى التزام أصحاب العمل بسداد الاشتراكات وتقديم الاقتراحات للمعالجة بما يسهم في تعزيز المركز المالي للمؤسسة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، حيث انتهت اللجنة إلى العديد من المقترحات أهمها بالنسبة للجهات التي يتم رصد اعتمادات لها من قبل وزارة المالية (القطاع الإداري) التزام وزارة المالية برصد الاعتمادات اللازمة لحصة صاحب العمل بواقع 17,1% من كتلة الراتب والأجور وتحويلها شهرياً إلى حساب المؤسسة دفعة واحدة مع قائمة بالجهات المسدد عنها، ومبالغ كل منها بالنسبة للجهات التي يتم رصد اعتمادات لها من وزارة المالية، دون إدخال المؤسسة بآلاف التحويلات عن طريق مديرياتها وعدم توفر السيولة اللازمة، اعتباراً من تاريخ معين، وتقوم المؤسسة بإيقاف مطابقاتها عند ذلك التاريخ تمهيداً لجدولة تلك الديون أصولاً على دفعات شهرية، إضافة إلى التزام “المالية” برصد الاعتمادات اللازمة لسداد الاشتراكات التأمينية لتلك الجهات اعتباراً من تاريخ منح الزيادة بموجب المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2019، والترفع الإداري اعتباراً من 1/ 1/ 2020 بنسبة 9% من الأجر، وتحويلها فوراً إلى المؤسسة، مع رفع الأقساط الشهرية التي تسددها وزارة المالية على حساب المديونية من 2 مليار إلى 8 مليار ليرة.
وأوضح مدير المؤسسة أنه بالنسبة للجهات التي لا يتم رصد اعتمادات لها من قبل وزارة المالية (القطاع الاقتصادي)، فقد اقترحت المؤسسة أن تقوم وزارة المالية بدفع قيمة الاشتراكات عن تلك الجهات شهرياً، ويتم إجراء التسوية لاحقاً بين الجهات والوزارة، كونهم غير ملتزمين بسداد الاشتراكات التأمينية الشهرية لعدم توفر السيولة، وبالتالي تراكم الديون المترتبة لصالح المؤسسة, إضافة إلى عدم قدرة المؤسسة على تحمل زيادة تلك الديون واستنزاف أرصدتها السريع.