اقتصادصحيفة البعث

خارج التغطية

حسن النابلسي

لم ترتقِ الخدمات المقدمة للمواطن السوري إلى مستوى يدلّ على احترام مقدّميها له، سواء من ناحية الجودة، أم من ناحية توافرها على مدار الساعة رغم أن أسعار معظمها ليست بالقليلة، وبالتالي يفترض أن تكون بسوية ما يدفع للحصول عليها، فشركات النقل الداخلي الخاصة تستهتر بالراكب وتتحكم براحته ووقته، وشركتا الخليوي لا تأبهان لجودة الشبكة وما يترتب عليها من انقطاعات في أوقات تكون الاتصالات فيها مهمة في كثير من الأوقات، ولا المصارف تكترث بصرافاتها الإلكترونية التي لا تزال محدودة العدد ومتدنية الأداء وشعارها شبه الدائم “الصراف خارج الخدمة”.. إلخ.

أوَليس من حق المواطن المتكبّد تكلفة الخدمة المراد الحصول عليها بأي ثمن، أن يلقى أثر ما يدفعه من أموال لأصحاب الإمبراطوريات المالية؟ أم أن المهم لهؤلاء الأباطرة الحصول على المال بأي وسيلة بغض النظر – أو بتجاهل – مستوى ما يزعمون تقديمه من خدمات يفترض أنها ذات مستوى جيد؟

لقد أصبح المواطن يتحسّر على أيام خلت كان مستوى الخدمة فيها يوازي ما يدفعه لقاء الحصول عليها، وفي الوقت نفسه كان بغنى عن خدمات ظاهرها حضاري وجوهرها أجوف كالصرافات غير المفعّلة على مدار الساعة التي أصبحت منافذ لقبض الرواتب والأجور وما نجم عنها – نتيجة سوء الخدمة – من طوابير تضاف إلى نظيراتها الموجودة على محطات الوقود ومنافذ السورية للتجارة، وأيضاً على منافذ الأفران، كذلك الأمر بالنسبة لباصات النقل الداخلي ذات الألوان الزاهية شكلاً، والمتشحة مضموناً بهموم ركابها المكتظين كتفاً بكتفٍ دونما أدنى مراعاة لإنسانيتهم المفقودة مع زمن “السرافيس”!

مع إقرارنا بما تتعرض له بلادنا من ضغوط وعقوبات دولية ليست بالقليلة، ومع عدم إنكارنا لتداعياتها على مستويات عدة أثرت فيما تقدمه الجهات الآنفة الذكر من خدمات وسلع، إلا أن ذلك لا يشفع للجهات الحكومية والخاصة المعنية بتقديم هذه الخدمات والسلع، تقصيرها بهذا الاتجاه، إذ من المفترض أن تكون لديها خطط بديلة لمواجهة أي طارئ، فكان يجب على إدارات المصارف – على سبيل المثال – تدريب كوادر محلية لصيانة الصرافات، والاستعانة بالدول الصديقة لتأمين قطع الغيار، والأمر ذاته بالنسبة لشركات النقل الداخلي ومحطات الوقود والأفران.. إلخ.

ربما لا نبالغ بالقول: إن المواطن السوري يشعر أنه يتعلق بقشور انفتاح يواسي به نفسه أمام شعوب سبقته إليه بسنوات، علّه يقتنع بمواكبته لتطور لا بد منه، وأنه ليس خارج نطاق تغطية الحداثة، لكنه في حقيقة الأمر ما زال بعيداً عن ذلك…!

hasanla@yahoo.com