سقوط أمريكا سيكون أسوأ بكثير من سقوط الاتحاد السوفييتي “Deagel” تتوقع هجرة عالمية هائلة بنسبة 50% إلى 80٪ بحلول العام 2025
“البعث الأسبوعية” ــ سمر سامي السمارة
تتوقع منظمة ديجيل “Deagel” الاستخباراتية، التابعة للإدارة الأمريكية، انحفاضاً عالمياً حاداً بتعداد السكان، بنسبة تتراوح بين 50 – 80٪ بحلول العام 2025. وفي الواقع، قلائل هم الذين يعرفون هذه المنظمة، بل ويقول البعض إنها غير موجودة بصورة شرعية. لكن، وبالرغم من التعتيم على أهميتها، كشفت وثائق ويكيليكس أن تقاربر “ديجيل” تقدم إلى الرئيس الأمريكي خلال إحاطاته في الكونغرس، وقد استخدمت باعتبارها مادة مرجعية في دراسات مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية “ستراتفور” حول القدرات التكنولوجية لجمهورية كوريا الديموقراطية؛ ويعدّ ستراتفور أحد أهمّ المؤسسات الأمريكية الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، وهو يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسّد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأميركية الحكومية.
بحسب موقعها على الإنترنت، تقدم “ديجيل” الأخبار والمعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالطيران العسكري والتقنيات المتقدمة، كما تمد بمعلوماتها دوائر الاستخبارات العالمية، وكذلك الحكومات الغربية؛ ويُظهر موقعها الإلكتروني قائمة جزئية بشركاء وعملاء معروفين تشمل كلاً من وكالة الأمن القومي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ووكالة المشتريات الدفاعية الروسية، وستراتفور، والبنك الدولي والأمم المتحدة.
وتستند توقعات “ديجيل” إلى التوفيق بين التقارير المختلفة المتاحة علناً من مؤسسات مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إي” وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، كما أنها تتضمن بعض البيانات من مصادر متعددة “مصادر الظل”، على الإنترنت. وهنا لابد من الإشارة إلى وجود بعض التغييرات بشأن التوقعات المتعلقة بسرعة انخفاض النمو السكاني، والإنفاق العسكري، وتعادل القوة الشرائية عبر بلدان العالم كافة. إلا أنه منذ العام 2015، لم يتغير أي من التوقعات التي تشير إلى أن الصين ستكون أكبر اقتصاد على هذا الكوكب في العام 2025، وأن الانخفاض العالمي لعدد السكان سيكون هائلاً، إذ ستتراوح نسبته بين 50% و80٪، بحسب “ديجيل”. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنظمة الاستخباراتية توقعت مستقبلاً قاتماً للولايات المتحدة في السنوات القادمة، إذ تتضمن توقعاتها انخفاضاً في تعداد السكان يصل إلى 71٪، بحيث يتناقص من 327 مليون في عام 2017 إلى 100 مليون في عام 2025؛ كما توقعت مصيراً كارثياً مماثلاً للمملكة المتحدة وأستراليا وألمانيا واليابان والدنمارك وحلفاء آخرين للولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، وفقاً لـ “ديجيل”، سينحفض عدد سكان فرنسا من 67 مليون نسمة في عام 2017 إلى 39 مليوناً في عام 2025، وعدد سكان إنجلترة من 66 مليوناً إلى 15 مليوناً، كما سينحفض عدد سكان أستراليا من 23 مليوناً إلى 15 مليوناً، وفي ألمانيا من 81 مليوناً إلى 28 مليوناً، بينما سينخفض عدد سكان كندا من 36 مليوناً في عام 2017 إلى 26 مليوناً في عام 2025.
ما زاد الأمور غرابة أن البيان الذي نشرته المنظمة على صفحة توقعاتها، والذي يزعم أن التحولات السكانية ناتجة عن الانتحار والنزوح، يؤكد لنا أن المنظمة ليست “تاجراً للموت”، ولا تنتمي إلى “عبادة شيطانية”. وللحقيقة، فقد تسببت تغيرات النماذج الاقتصادية تاريخياً بتصاعد الوفيات، لكن، نادراً ما سلط المؤرخون التقليديون الضوء على ذلك؛ فعندما حدث التحول من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى في أوروبا، انتحر العديد من الأشخاص غير القادرين على قبول الأنموذج الجديد، لعوامل نفسية، وعلى الرغم من أن ما حدث لم يكن شائعاً ولكنه وقع؛ إلا أن خطورة الأزمة الجديدة تنبع من كونها تجمع بين النماذج القديمة المعروفة جيداً والنماذج الجديدة.
تشرح “ديجيل” كيف تضع توقعاتها وفقاً للبيانات الاقتصادية والديموغرافية المستخدمة على نطاق واسع، والمتوفرة لدى مؤسسات مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وصندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، وحكومة الولايات المتحدة.. إلخ، والتي تشير إلى أن جزءاً ضئيلاً من البيانات يأتي من مصادر وهمية عديدة، مثل خبراء الإنترنت والتقارير غير الموقعة وغير ذلك؛ لكن كل هذه المصادر تأتي من الإنترنت، وقلة هم من يرونها؛ وعلى سبيل المثال، منذ عدة سنوات، نشرت وكالة التصنيف الصينية “داغونغ” تقريراً يحلل اقتصاديات الدول من خلال مقارنتها باقتصادات الصين وألمانيا واليابان، ويخلص إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يتراوح بين 5 آلاف مليار دولار، و10 آلاف مليار دولار، بدلاً من 15 ألف مليار دولار، كما صرحت الإدارة الأمريكية رسمياً.
لنفترض أن البيانات الرسمية، وخاصة البيانات الاقتصادية التي تنشرها الحكومات، مزيفة إلى حد ما، فإنه من الناحية التاريخية معروف أن الدول الغربية ودولاً أخرى تضع اليوم أرقاماً وهمية لإخفاء الوضع الحقيقي. ويعرف الجميع أن كثيرين يسعهم العثور، في بلدانهم، على إحصاءات حكومية يصعب تصديقها من خلال الخبرة الشخصية، أو قد يتفاءلون بها إذا كانت تخص دولة أخرى. وعلى الرغم من وجود “كم” من البيانات الرقمية، إلا أن هناك أنموذج “جودة” لا يترجم مباشرة إلى بيانات رقمية.
جائحة كورونا
تراوح معدل الوفيات بفيروس أيبولا عام 2014 بين 50% و60% من المصابين، لكن تخيلوا ما كان سيحدث لو أصيب به مئات الآلاف أو ملايين الأشخاص.
حتى الآن، “استفاد” عدد قليل من المصابين بفيروس إيبولا من الرعاية الصحية المركزة بمساعدة مضادات الفيروسات وأجهرة التنفس، ولكن بشكل خاص، بدعم بشري كبير من الأطباء والممرضات. ولكن في سيناريو جائحة كورونا التي أصابت العالم برمته، لن يكون هذا النوع من الرعاية الصحية متاحاً للأعداد الهائلة من المصابين، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في معدل الوفيات بسبب نقص الرعاية الصحية الملائمة. وعليه، فإن عامل “الجودة” هو أن معدل الوفيات يمكن أن يزداد بنسبة تتراح بين 80 – 090% في سيناريو الجائحة، مقارنة بالمعدل المبلّغ عنه، والذي يتراوح 50 – 60٪.
ليس الرقم مهماً بحد ذاته!! ما يهم هو حقيقة أن السيناريو قد يتغير إلى ما هو أبعد من الشروط الأولية للحصيلة الإجمالية من 50٪ إلى أكثر من 90٪. وبالمناسبة، لم يتم تضمين أي وباء، أو حرب نووية، في التوقعات، فالعنصر الأساسي لفهم العملية التي ستدخلها فيها أمريكا خلال العقد القادم هو الهجرة.
في الماضي، وخاصة في القرن العشرين، كان العامل الرئيسي الذي مكّن الولايات المتحدة من تحقيق مكانتها كقوة عملاقة هو الهجرة، مع مزايا التوسع الديمغرافي لصالح التوسع الائتماني وهجرة الأدمغة من بقية العالم إلى الولايات المتحدة. وسيؤدي انهيار النظام المالي في الغرب إلى القضاء على مستوى معيشة سكانه، مع وضع حد لـ “مخططات بونزي”، مثل سوق الأسهم وصناديق التقاعد، لأن السكان سيتضررون بشدة من مجموعة واسعة من الفقاعات المرافقة لمخططات بونزي، عندما يبدأ محرك الهجرة بالعمل في تسارع عكسي، بسبب تأثيرات الهجرة المعاكسة، ما سيؤدي إلى زوال الدول.
سوف يكون لهذا الوضع غير المرئي آثاره غير المسبوقة والمدمرة على الاقتصاد؛ ومن المؤكد أن نقل الوظائف إلى الخارج سينتهي بانتقال العديد من الشركات الأمريكية إلى دول أخرى، لتصبح بالتالي شركات أجنبية..!! وستكون هناك هجرة للكثير من الأمريكيين إلى أمريكا اللاتينية وآسيا، فيما ستكون الهجرة إلى أوروبا – التي يعاني مواطنوها من مرض مماثل – بلا طائل؛ ومع ذلك، سيكون عدد الذين سيلقون حتفهم مروعاً؛ وعندما يرى المتقاعدون مدخراتهم تختفي أمام أعينهم، وتتلاشى الوظائف في القطاع الخدمي، يمكن تخيل ما سيحدث: على الأقل، ستندفع شريحة الشباب للهجرة.. والحقيقة، لم يسبق في تاريخ البشرية أن كان هناك مثل هذا العدد من المعمرين، فعلى مدى القرون الماضية كان المحظوظون فقط يعمرون حتى سن الثلاثينيات أو الأربعينيات.
أزمة ديموغرافية
من المتوقع أن يكون سقوط أمريكا أسوأ بكثير من سقوط الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي، فتضافر الأزمات تأتي بنتيجة مدمرة. لقد امتدت الأزمة الديموغرافية في دول الاتحاد السوفييتي السابق لأكثر من عقدين من الزمن، إذا اعترفنا بأنها انتهت في بداية العقد الماضي “2010”؛ وستضرب الأزمة الديموغرافية العالم في المستقبل القريب، ومن المتوقع لها أن تستمر ما بين ثلاثة إلى ثمانية عقود (أكثر أو أقل!!)؛ إذ يعتمد ذلك على التقدم التكنولوجي والقضايا البيئية. وستكون النتيجة، على الأرجح، صورة قاتمة مع ثبات عدد السكان، دون زيادة أو نقصان، لفترة طويلة جداً من الزمن. وعليه، ستحرص بلدان العالم على أن تعكس أعداد سكانها كلاً من الولادات والوفيات، وكذلك حركات الهجرة، وستشهد بلدان عديدة زيادة فظيعة في تعداد سكانها بسبب الهجرة، مقابل انخفاض تعداد سكانها الأصليين.
على مدى الألفي عام الماضية، شهدنا كيف انتقلت الحضارة الغربية المشادة حول البحر الأبيض المتوسط إلى شمال أوروبا، لتنتقل في منتصف القرن العشرين إلى المحور الأطلسي، لتتركز أخيراً على الولايات المتحدة؛ وستشهد الخطوة التالية تركز الحضارة في آسيا مع روسيا والصين في القمة. تاريخياً، أدى التحول في الأنموذج الاقتصادي إلى ارتفاع عدد الموتى، وعندما حدث الانتقال من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى في أوروبا انتحر أناس كثيرون كانوا غير قادرين على قبول الأنموذج الجديد., كان انتحارهم بسبب عوامل نفسية، لذا لابد من التذكير بأن هناك أزمة جديدة ستجمع بين النماذج القديمة والمعروفة جيداً، والنماذج الجديدة.