الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

أردوغان يواصل حربه لتصفية “الشعوب الديمقراطي”

يواصل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حربه في “تصفية” سياسية بالتقسيط لحزب الشعوب الديمقراطي، والذي يمثل ثقلا سياسيا وانتخابيا يهدد طموحاته السلطوية.

وضمن جهود أردوغان على ما يبدو لتفكيك الحزب وربما حظره لاحقاً، قدّمت وزارة داخليته طلبات لرفع الحصانات البرلمانية عن تسعة نواب من “الشعوب الديمقراطي”، بما في ذلك الرئيس المشارك بيرفين بولدان، وذلك بسبب دورهم المزعوم في سلسلة من الاحتجاجات في عام 2014.

وقد يواجه نواب حزب الشعوب الديمقراطي، فاطمة كرتولان، وغارو بايلان، وهودا كايا، وميرال دانيش بشتاش، وحكي ساروهان أولوتش، وسربيل كمالباي، وسيزاي تميلي، وبيرو دوندار، وبيرفين بولدان، المحاكمة فيما إذا اكتملت إجراءات رفع الحصانات عنهم من خلال تصويت البرلمان على الطلبات التي تُعتبر أساسية لبدء الإجراءات اللازمة.

والجمعة، أيّدت محكمة النقض التابعة لأردوغان حكما بسجن عضو في البرلمان من حزب الشعوب الديمقراطي، عمر فاروق جرجرلي أوغلو، بتهم “الإرهاب” مما يفتح الطريق أمام إسقاط عضويته البرلمانية.

ويتعرض الحزب لمضايقات منذ أكثر من ثلاث سنوات، ففي العام الماضي تم إسقاط عضوية البرلمان عن اثنين من أعضاء الحزب، وهو ثالث أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان، بعد أن صار حكمان صادران ضدهما نهائيين.

ومنذ آخر انتخابات تشريعية في 2015 وبعد أن انتزع حزب الشعوب الديمقراطي فوزا يعتبر ساحقا بعد 3 سنوات من تأسيس الحزب وتخطيه عتبة الـ10 بالمئة من الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان (حصل حينها على نسبة 13 بالمئة) لأول مرة منذ ما يزيد عن عقد (تقريباً منذ 13 عاما أو اقل بقليل)، أصبح الحزب يمثل كابوسا بالنسبة لأردوغان، فقد حرم فوز الحزب حينها حزب العدالة والتنمية الاسلاموي الحاكم، من الأغلبية البرلمانية المريحة.

ومنذ ذلك التاريخ يتعرض الحزب ونوابه والأعضاء فيه لحملة أمنية شرسة ومعظم الملاحقات القضائية بحقهم تتعلق بتهم الإرهاب أو الدعاية للإرهاب. وهو ما يسلط الضوء على النزعة الانتقامية وعلى تسييس القضايا فقط لإضعاف الشعوب الديمقراطي وإزاحة خصوم أصبحوا يمثلون خطرا على الحزب الحاكم وأردوغان.

يُذكر أنّه في 30 كانون الأول، أعدّ مكتب المدعي العام في أنقرة لائحة اتهام ضدّ 108 من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، بما في ذلك الرئيس المشارك السابق المسجون صلاح الدين دميرطاش والنواب التسعة، بذريعة ارتكاب جرائم مختلفة، منها القتل من الدرجة الأولى، والشروع في القتل، والسرقة، والتحريض على العنف، وانتهاك سلامة الدولة.

ويُشير منتقدو التحقيقات، إلى أنه في الأشهر التي تلت مظاهرات 2014، التقى كبار المسؤولين في حزب الشعوب الديمقراطي والحزب الحاكم في قصر دولما بهجة في أوائل عام 2015 للإعلان عن بروتوكولات للمحادثات.

وبدأت المحنة القانونية لصلاح الدين دميرطاش في 24 تشرين الثاني 2016، عندما اتهم بصلات مزعومة بحزب العمال الكردستاني. ولا يزال خلف القضبان على الرغم من عدّة أوامر قضائية بالإفراج عنه، من قبل المحاكم التركية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ويواجه عقوبة تصل إلى 142 عاماً في السجن.

ودعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 22 تشرين الثاني نظام أردوغان إلى الإفراج الفوري عن دميرطاش وقالت إنه لا يوجد دليل يربط أفعال دميرطاش بالجرائم المزعومة المتعلقة بالإرهاب، والتي تمّ الاستشهاد بها كأساس لاستمرار احتجازه.

وفي 1 شباط، فتحت المحكمة الأوروبية العليا قضية جديدة تتعلق بالاعتقال الثاني لدميرطاش على خلفية احتجاجات 2014، والتي جاءت أثناء وجوده بالفعل في الحبس الاحتياطي.

وطلبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من تركيا تقديم معلومات إضافية حول ظروف اعتقال دميرطاش، وما إذا كان ذلك بناءً على شك معقول ومبرر، وما إذا كانت مدة الاحتجاز معقولة، بحسب محامي دميرطاش رمضان دمير.

وشنت الأجهزة الأمنية التركية في الأيام الأخيرة حملة أمنية اعتقلت خلالها أكثر من 700 مواطناً بعد العملية الأمنية الفاشلة في شمال العراق التي أعدم فيها حزب العمال الكردستاني 13 رهينة تركية أسرى لديه بينهم عسكريون.

ويُرجح على نطاق واسع أن أردوغان يحاول استغلال تداعيات تلك العملية وتوظيفها لجهة تضييق الخناق على معارضيه الذين انتقدوا فشله في تحرير الرهائن الأتراك وأيضا للتغطية على تلك النكسة التي تعتبر ضربة موجعة لأردوغان الذي يكابد لترميم شعبيته المتهاوية.