ثقافةصحيفة البعث

عبد الهادي الصباغ بين “حارة القبة” و”سوق الحرير”

لحضوره نكهة خاصة، وهو أحد الفنانين الذين أصبحوا قاسماً مشتركاً في أغلب الأعمال الدرامية. واليوم يشارك في مسلسل “سوق الحرير” إخراج المثنى صبح، وكان عبد الهادي الصباغ صرّح أن “سوق الحرير” بجزأيه الأول والثاني من أهم الأعمال التي صوّرت البيئة الشامية بقالب مختلف، حيث يجسّد فيه دور أبو عزو الذي ارتدّ عن بخله في الجزء الثاني، في حين يجسّد في مسلسل “حارة القبة” إخراج رشا شربتجي دور أب توفيت زوجته وتركت له ثلاثة شبان، ذهب أحدهم إلى حرب السفر برلك وانقطعت أخباره وكان خاطباً، وعندما فُقِد الأمل من عودته تزوج شقيقه من خطيبته، وتدور الأيام ويعود مبتور الرجل ليجد خطيبته وقد أصبحت زوجة شقيقه.

وكان عبد الهادي الصباغ قد اعتذر عن عدم المشاركة في الجزء الثاني من مسلسل “بروكار” إخراج محمد زهير رجب والذي كان يؤدي فيه شخصية الزعيم أبو النور ليحلّ مكانه الفنان جمال قبش.

أدوار متنوعة

يتذكر المشاهدون جيداً العديد من الأدوار المهمّة التي أداها الصباغ، ولاسيما شخصيته في مسلسل “ولادة من الخاصرة”، وكذلك دوره في مسلسل “غداً نلتقي” إخراج رامي حنا الشخصية المركبة والتي كان قد وصفها بأنها “شخصية لم تكن سهلة وتتطلب النفس المنكسرة من جهة، والمرحة من جهة أخرى. كانت صعبة جداً، ونهايتها مؤلمة للغاية” وكان قد جسّد فيها شخصية لاجئ ينام في غرفة واحدة مع زوجته وأولاده وشقيقه، ويحلم بالسفر، فتطرأ على شخصيته نتيجة الحرب تحولات كثيرة، لتكون نهايته مأساوية، وحين شبَّه البعض هذه الشخصية بالشخصية التي أداها في “ولادة من الخاصرة” وهي شخصية مساعد أول متقاعد من الجيش يحاول تطبيق حياته العسكرية داخل منزله رغم الفقر الذي يعيش فيه رفض هذا التشبيه قائلاً: “على الأقل هناك اختلاف جذري في النهاية والمكان الذي تعيش فيه الشخصية.. لا شيء يشبه شيئاً، وشخصيتي في ولادة من الخاصرة لها حالتها النفسية المختلفة، ولو أن التوتر أصاب النفسية في الشخصيتين معاً”.

أما في المسلسل الشامي “سلاسل دهب” فكان يؤدي دور أبو خالد وهو رجل متزوج من امرأتين، واحدة تصغره بسنوات كثيرة وتملك جمالاً كبيراً، والثانية تمثّل له حالة من النكد المتواصل، وحين يتعرّض للنصب يبحث عن حلول غير متوقعة ويدافع باستماتة عن نفسه ومصالحه، في حين جسّد في “الحرملك” شخصية رجل مرتزق ومنتفع ممن حوله، يُصدم بهروب زوجته من بيته، في حين جسَّد في مسلسل “أثر الفراشة” إخراج زهير قنوع دور طبيب يعيش حالة استقرار مع عائلته، ينتبه لوجود رجل كانت تجمعه بزوجته أيّام صباها علاقة حبّ، فيفاجئ الجميع بتفهمه للأمر، أما في مسلسل “هوا أصفر” إخراج أحمد إبراهيم أحمد فيؤدي دور رجل مافيا شعبي يسيطر على طرق التهريب الجبليّة بين سورية ولبنان.

المسرح أولاً

شغف عبد الهادي الصباغ بالفن منذ طفولته، حيث اعتاد على مرافقة أخيه الهاوي للتمثيل المسرحي إلى البروفات والعروض المسرحية التي كانت تقدّمها إحدى الفرق الهاوية “ندوة نهضة الفن”. وفي المرحلة الابتدائية والإعدادية مارس التمثيل من خلال الأنشطة المدرسية والمشاركة في العروض المسرحية، وفي عمر الرابعة عشرة قرّر الفنان عبد اللطيف فتحي الذي برع الصباغ في تقليده ضمّه لفرقته بعد أن شاهده في بعض العروض المسرحية، إلا أن عائلته رفضت ذلك. وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة كان حلمه أن يذهب إلى السويد للدراسة في معهد السينما، حيث كان يحلم بدراسة الإخراج السينمائي على يد المخرج القدير إنغمار بيرغمان الذي كان مدرّساً في المعهد ذاته، إلا أن عدم رغبة عائلته بسفر ابنها حالَ دون تحقيق حلمه، ليلتحق بخدمة العلم عام 1973 وقد تمّ انتدابه إلى المسرح العسكري حينها، حيث شارك في عدة أعمال مسرحية فيه، أولها دور الراوي في مسرحية “ليلة مصرع غيفارا” التي عُرضت عام 1973 وحين سُرّح من الخدمة العسكرية التحق بفرقة الفنان محمود جبر، حيث شارك في بطولة مسرحيته “ليش هيك صار معنا” وكانت أول وقوف له مع ممثلين محترفين، وفي العام 1976 كانت له مشاركة بارزة في مسرحية “غربة” إخراج دريد لحام، ثم اختاره علاء الدين كوكش للمشاركة في مسرحية “حفلة سمر من أجل خمسة حزيران”.

السينما

المتتبع لمسيرة الصباغ يلمس أن وقوفه على خشبة المسرح لم يطل كثيراً، ويبدو أن دخوله عالم السينما أولاً والتلفزيون ثانياً جعله يبتعد عن المسرح الذي بدأ من خلاله، وهو الذي شارك في أول فيلم سينمائي بعمر الرابعة والعشرين وكان بعنوان “الثعلب” ومن ثم فيلم “كفر قاسم” وفيلم “الاتجاه المعاكس” عام 1979 و”حبيبتي يا حب التوت” و”المصيدة”، كما ظهر عام 1982 في فيلم “إمبراطورية غوار” وفي العام التالي في فيلم “لعبة الحب والقتل”، وشارك الصباغ في السنوات الأخيرة بدور بطولة في الفيلم اللبناني “خلص بكفي وجع” إخراج عمار نحاس وهو يحكي عما تتركه الحروب من انعكاسات على الأطفال، آخذاً من أطفال سورية ولبنان نموذجاً، حيث لعب دور رجل ثري جارت عليه الحياة ليصبح رجلاً فقيراً يعتاش على ما يتلقاه من جمعيات الإغاثة، كما شارك في فيلم “روز” إخراج رشا شربتجي بطولة سوزان نجم الدين وباسم ياخور ومنى واصف، وحصل الفيلم على جائزتين ضمن فعاليات مهرجان الاسكندرية السينمائي عام ٢٠١٨ وكان الصباغ قد أعلن اعتذاره في السنوات الأخيرة عن عدم المشاركة في أفلام سينمائية كانت قد عُرضت عليه.

مسيرة تلفزيونية غنية

بدأ عبد الهادي الصباغ مسيرته التلفزيونية عام 1980 من خلال مشاركته في مسلسل “الدروب الضيقة”، ومنذ ذلك الوقت شارك في الكثير من المسلسلات، كما أنتج بعضها مثل مسلسل “أيام الهم” وكان حضوره لافتاً في أعمال البيئة الشامية، حيث شارك في مسلسلات “أهل الراية، جرن الشاويش، باب الحارة، سلاسل دهب، سوق الحرير، بروكار، حارة القبة”، ومن الصعب رصد كل الأعمال التي شارك فيها الصباغ وهي كثيرة ومن أهمها “الشمس تشرق من جديد، آخر الفرسان، البحث عن صلاح الدين، ظل امرأة، الوصية، نساء صغيرات، أسرار المدينة، كوم الحجر، أيام الغضب، خان الحرير، رجال تحت الطربوش، قوس قزح، يوم ممطر آخر”.

أمينة عباس