دراساتصحيفة البعث

المدنيون والأسلحة المتفجرة في تقرير

ترجمة وإعداد: سمر سامي السمارة

حثّت منظمة مكافحة العنف المسلح مؤخراً الدول على الالتزام سياسياً والامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان. وقد كشفت المنظمة في أعقاب القصف الصهيوني الأخير على قطاع غزة، أن عدد المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا جراء استخدام الأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة بالسكان في جميع أنحاء العالم بين عامي 2011 و2020 وصل إلى 91٪.

ويستند تقرير المنظمة إلى البيانات التي جمعتها كجزء من مشروع رصد العنف الناجم عن استخدام المتفجرات، مؤكداً أن البيانات المستمدة من التقارير الإعلامية باللغة الإنكليزية غير كافية.

ومع ذلك، يطرح التقرير رؤية متعمّقة حول الآثار المدمرة لاستخدام الأسلحة المتفجرة -بما في ذلك القنابل التي تُلقى من الطائرات، والقصف المدفعي، والعبوات الناسفة وقذائف الهاون- في المناطق المكتظة بالسكان ويطالب بتنفيذ التزامات عالمية لإنهاء هذا العنف.

يقول التقرير: “منذ بداية الرصد سجلنا المعاناة الكبيرة التي تسبّبها الأسلحة الثقيلة والبدائية في جميع أنحاء العالم، فالأضرار التي تمّ تسجيلها على مدار السنوات العشر الماضية، تبرز الحاجة الملحة لإصدار بيان سياسي يدرج هذا الالتزام”. وكما هو مفصّل في التقرير، كان المدنيون أكثر عرضة للخطر عند استخدام الأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة.

من جهته، أكد المدير التنفيذي لـلمنظمة إيان أوفرتون لصحيفة “الغارديان” أن التقرير يثبت بصورة جليّة أنه عند استخدام أسلحة متفجرة في البلدات والمدن، سيتعرّض المدنيون للأذى، وأن هذا الاستنتاج صحيح وهذا ما حدث في غزة، وكما كان يحدث قبل عقد من الزمان في العراق وغيره. وكشف التقرير أنه تمّ تسجيل أعلى عدد من القتلى والإصابات في صفوف المدنيين، إذ بلغ عدد من لقوا حتفهم في العراق 56316 مدنياً، وأفغانستان 28424، وباكستان 20719، واليمن 16645.

على الرغم من أن غزة ولبنان احتلتا المرتبتين التاسعة والثالثة عشرة من حيث عدد الخسائر في صفوف المدنيين، إلا أنهما سجلتا أعلى نسبة للقتلى والمصابين التي تعرض لها المدنيون 90٪ و91٪ على التوالي، إذ تسبّبت العبوات الناسفة بمقتل وإصابة  52٪، بينما تسبّبت الأسلحة المتفجرة  بقتل وإصابة 47٪، وفي أحداث أخرى، تم استخدام كلا النوعين.

وتشير المنظمة إلى أن عواقب مثل هذه الحوادث لا تقتصر على الوفيات والإصابات الفورية، وتسلّط الضوء على أن “المزيد من الإصابات قد نتج عن الآثار التي خلفتها”. كما يوضح التقرير أن “المتفجرات من مخلفات الحرب تلوث الأراضي، وتشكل خطراً على المدنيين يستمر لأجيال، وفي كثير من الأحيان تحول دون عودة السكان المحليين أو استخدام الأرض لكسب رزقهم”.

ويؤكد التقرير أن إصلاح البنية التحتية المدنية التي تمّ تدميرها لسنوات يحول دون إمكانية الوصول إلى مياه الشرب النظيفة ومرافق الصرف الصحي، أو يمنع الوصول إلى الخدمات مثل الرعاية الصحية، وقد يودي بحياة المزيد من الأرواح  وزيادة في الفقر والمرض.

في محاولة لمنع وقوع المزيد من الضحايا وأضرار في المستقبل، قدمت أيرلندا في كانون الثاني الماضي مشروع إعلان سياسي بشأن تعزيز حماية المدنيين من الأضرار الإنسانية الناجمة عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. وبدورها أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أنه من وجهة نظر، يوفر المشروع المنقح، أساساً متيناً للمزيد من العمل على التزام سياسي واضح وملموس، لتعزيز حماية المدنيين من الضرر الذي تسبّبه هذه الأسلحة.

وذكرت صحيفة “الغارديان” أنه على الرغم من أن المسودة حظيت بدعم بلجيكا، وسيتمّ النظر فيها في اجتماع للأمم المتحدة في جنيف في وقت لاحق من هذا العام، تتحفظ دول من بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا حياله.

ويرى التقرير أنه بالنسبة للمدنيين الذين يعيشون في مناطق النزاع، سيكون هذا الإعلان متأخراً، ويتعيّن على الدول والمجتمع المدني أن يكفلا عدم تخفيف المعايير القوية من قبل الدول التي ترفض وضع القيود.

في وقت سابق من هذا الشهر، تسبب العدوان “الإسرائيلي” على غزة – والذي تضمن تدمير منشآت طبية ومبانٍ سكنية، أحدها يضمّ مكاتب إعلامية دولية – باستشهاد 248 فلسطينياً على الأقل، بينهم 66 طفلاً، وإصابة أكثر من 1900 آخرين.