دراساتصحيفة البعث

استطلاعات رأي: الأميركيون يعارضون تقديم مساعدات للكيان الإسرائيلي

محمد نادر العمري

في ظلّ ما يرتكبه الكيان الإسرائيلي من سياسات عدوانية وعنصرية ضد الشعب الفلسطيني، ومع تغيّر موازين القوى ومعادلات النفوذ، كشف استطلاع حديث أنجزه “المعهد العربي الأميركي” في واشنطن أن معظم الأميركيين وأغلبية كبيرة من الديمقراطيين يعارضون تقديم مساعدات مالية وعسكرية غير مقيدة للكيان الإسرائيلي إن استمر في توسيع المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.

وكشف الاستطلاع أيضاً وجود “انقسام حزبي واضح” في الولايات المتحدة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ففي الوقت الذي أظهر الجمهوريون مزيداً من الدعم للسياسات الإسرائيلية في ملفات متعدّدة، كانت هناك تحفظات من قبل الديمقراطيين.

ووفق الاستطلاع وافق 51% ممن تمّ استطلاعهم على أنه “يجب على الولايات المتحدة ألا تقدّم مساعدات مالية وعسكرية غير مقيدة للحكومة الإسرائيلية إذا استمرت في انتهاك السياسة الأميركية بشأن التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية”.

وترتفع نسبة التأييد هذه إلى 62% بين الديمقراطيين، و75% من المستطلعين الذين يعتبرون أنفسهم “ليبراليين”. في المقابل أظهر الاستطلاع أن 42% معظمهم جمهوريون يقولون “يجب على الولايات المتحدة دائماً، تقديم مساعدات مالية وعسكرية، غير مقيدة، للحكومة الإسرائيلية”.

ومن الجدير ذكره أن الاستطلاع شمل عينات عشوائية، بهامش خطأ يبلغ 3.1%، في 20 أيار الجاري، أي في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن اتفاق غير مشروط لوقف إطلاق النار في غزة بين الكيان وفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي وقت بات العديد من الديمقراطيين التقدميين في الكونغرس يتساءلون عن هدف ومغزى استمرار الدعم غير المشروط لـ “تل أبيب”.

وفي هذا السياق، وخلال الشهر الماضي، قدّمت عضو الكونغرس الديمقراطية بيتي ماكولوم مشروع قانون يهدف لضمان عدم استخدام المساعدات العسكرية الأميركية لـ “إسرائيل” والبالغة 3.8 مليارات دولار سنوياً، في تمويل الانتهاكات ضد الفلسطينيين بما في ذلك سجن الأطفال وهدم المنازل. كما حاول أعضاء بالكونغرس، في وقت سابق من هذا الشهر، بقيادة النائبة ألكساندريا أوكاسيوكورتيز، منع صفقة أسلحة بقيمة 735 مليون دولار لـ “إسرائيل” في وقت كانت الحملة العسكرية على قطاع غزة متواصلة.

وأظهر الاستطلاع أن 52% من الديمقراطيين يدعمون محاولة المشرّعين وقف صفقة البيع البالغة 735 مليون دولار بدلاً من دعم الرئيس بايدن الذي وافق عليها، في حين دعم 43% من عموم المستطلعين (باختلاف انتماءاتهم) المساعي المبذولة لمنع الصفقة.

التباين الصارخ في الإجابات باختلاف الانتماءات الأيديولوجية ظهر أيضاً في ردود الذين شملهم الاستطلاع على سؤال: “هل توافق أو لا توافق على أن الإسرائيليين والفلسطينيين أشخاص متساوون يستحقون حقوقاً متساوية؟”، حيث أجاب 87% من الليبراليين بـ”نعم”، بينما هذه النسبة تراجعت إلى 66% لدى المحافظين، رغم أن أغلبية كبيرة بلغت 73% من عموم المستجوبين ردّت بالإيجاب.

ويرى متابعون للشأن الداخلي الأمريكي أن هذا الاستطلاع الأخير يسلّط الضوء على “التحول المستمر” الذي بات يشهده الرأي العام الأميركي تجاه “إسرائيل” وخاصة في صفوف الديمقراطيين، حيث أظهر استطلاع آخر لمؤسّسة “غالوب” في آذار الماضي أن غالبية الديمقراطيين يدعمون ممارسة المزيد من الضغط على “إسرائيل” من أجل حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويعود هذا الموقف الديمقراطي إلى الخلافات الشخصية التي نشبت في الفترة الأخيرة من ولاية باراك أوباما، ويعتبر الرئيس الحالي جو بايدن أحد أركانها، وهذا الخلاف يعود بشكل أساسي لموقف الحزب الديمقراطي من الاتفاق النووي الإيراني، حيث يعدّ الديمقراطيون “عرّابي” هذا الاتفاق وهم يتمسكون به انطلاقاً من اعتقادهم بأن “إيران لا يمكن احتواء نفوذها في المنطقة إلا من خلال الاتفاق معها عبر تنظيم العلاقات بينها وبين واشنطن، ضمن مسار أولوية الديمقراطيين بالتوجّه نحو جنوب شرق آسيا لاحتواء توسع النفوذ الصيني، واعتبار روسيا هي العدو الأول والأخطر”. كما أن الديمقراطيين يرفعون شعار مناصرة حقوق الإنسان، وما يرتكبه الكيان من استيطان وقتل للأطفال وحجز مصيرهم يشكّل إحراجاً للولايات المتحدة الغارقة في مستنقع العنصرية التي خلفها دونالد ترامب!.