دراساتصحيفة البعث

مأساة فلويد تكرر نفسها

تقرير إخباري

صادف يوم 25 أيار الذكرى السنوية الأولى لمقتل جورج فلويد، فما الذي تغيّر ولم يتغيّر في الولايات المتحدة؟ لقد دفعت الاحتجاجات، التي حملت عنوان “حياة السود مهمة”، إدارة بايدن إلى التعهّد بإصلاح قوانين الشرطة الأمريكية. ودعا بايدن نفسه الكونغرس إلى تمرير مشروع قانون رئيسي بهذا الشأن، لكن مفاوضات الكونغرس لا تزال بعيدة عن تحقيق أية نتائج ملموسة، ولذلك فإن مأساة فلويد لاتزال تكرّر نفسها. فقد أثار مقتل لينداني ميني قبل أسابيع، الغضب مرة أخرى، وقد قُتل ميني، لاعب الركبي الجنوب أفريقي البالغ من العمر 29 عاماً، برصاص الشرطة في هاواي، تاركاً زوجته الأمريكية وطفليه دون أحد يعتني بهم، ليكشف مقتله مرة أخرى عن العنصرية المنهجية وعميقة الجذور في الولايات المتحدة. ومن المفارقة أن جميع وسائل الإعلام الأمريكية تقريباً التزمت الصمت بشأن وفاة ميني، رغم أن شعب جنوب أفريقيا يطالب بالعدالة لميني، لأن القضية تذكّر بإرث الفصل العنصري.

لقد كانت التقاليد العنصرية متجذّرة بشدة في التأسيس الأولي لنظام الشرطة الأمريكي، ففي الأيام الأولى لتأسيس البلاد، كانت الشرطة “دوريات عبيد” تشمل واجباتها مطاردة العبيد الأفارقة الهاربين وقمع التمرد العمالي. ومنذ البداية، عملت الشرطة الأمريكية كأداة لمالكي العبيد، ما أضفى الطابع المؤسّسي على نظام عنصري وفرض قوانين متحيزة عنصرياً. وأدى اقتصاد العبيد والاضطراب الاجتماعي الناجم عن العمل الجبري إلى ظهور النسخة الأولى من الشرطة الأمريكية. بهذا المعنى، كان التمييز العنصري متأصلاً في نظام الشرطة الأمريكي.

واليوم، لا يزال الأمريكيون من أصل أفريقي عرضة بشكل غير متناسب لعنف الشرطة في جميع أنحاء البلاد، حيث يمثل الأمريكيون من أصل أفريقي 13% فقط من سكان الولايات المتحدة، ومع ذلك يشكلون 57% من حالات تفتيش الشرطة، وما لا يقلّ عن 28% من جميع الضحايا الذين قتلوا برصاص الشرطة في عام 2020 كانوا من السود. ووفقاً لما سجلته قاعدة بيانات “مابينغ بوليس فيولنس” فإن احتمال مقتل الأمريكيين السود على يد الشرطة أعلى بثلاث مرات من احتمال قتل البيض. والمفارقة اللافتة أنه من الصعب للغاية توجيه اتهامات ضد عناصر الشرطة المتورطين في أعمال العنف، فمن بين أكثر من 98% من حوادث إطلاق النار المميتة على أيدي الشرطة في الفترة من 2013 إلى 2020، لم يتمّ توجيه تهم بارتكاب أي جريمة. علاوة على ذلك، فإن اللوائح الأمريكية الغامضة لحيازة الضابط واستخدامه للأسلحة النارية تزيد من تعقيد القضية.

إن إدانة الضابط ديريك شوفين، المتسبّب بوفاة فلويد، نجاح نادر تحقّق بفعل الغضب العام والاحتجاجات في جميع أنحاء العالم. ولاتزال إدارة بايدن تقلّل من أهمية الأهداف السياسية التي تمّ التعبير عنها بصوت عالٍ، وتتعامل مع الأمر دون جدية حقيقية رغم كل طروحات الإدارة الديمقراطية.

عناية ناصر