دراساتصحيفة البعث

الأمم المتحدة تبيّض الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

تقرير إخباري 

تستعدّ الأمم المتحدة لاحتمال نزوح مزيد من المدنيين في أفغانستان بعد انسحاب “التحالف الأمريكي” في شهر أيلول القادم، وفق ما قاله المفوّض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.

هذا الوهم الصادر عن منظمة دولية لا يصبّ إلا في صفحة التغطية على الانسحاب المخزي للقوات الأمريكية، أو تبييض الفشل الذريع الذي لحق بسمعة أمريكا الدولية. لذلك فإن الوضع الأمني لن يتعقد كما تروّج له المنظمة الدولية بعد الانسحاب، وهذا التخويف لا يصبّ في مصلحة خطاب الأمم المتحدة التي يفترض منها أن تكون أداة لمنع عقلية الاحتلال التي تسيطر على الدول الاستعمارية القديمة، والولايات المتحدة خاصة، وأن يكون خطابها حول إحلال السلام في العالم، ورفض أشكال الاحتلال الذي تسير فيه الولايات المتحدة وغيرها.

وبدلاً من استعمال لغة التخويف هذه، يفترض بالمنظمة الأممية أن تمنع الولايات المتحدة من إقامة قواعد عسكرية في دول جوار أفغانستان، وهو الذي تردّد مؤخراً في أوساط البنتاغون، وتمّت مناقشته بجدية. أي أن الفراغ الأمني في أفغانستان ستتأثر به الولايات المتحدة أولاً. والخطوة التي يناقشها البنتاغون – نشر قواعد في دول جوار أفغانستان – ما هي إلا إعادة انتشار بالمعنى التكتيكي لمحاصرة روسيا والصين.

لذلك فإن خطوة الانسحاب من أفغانستان، وإعادة التموضع هي لمواجهة الصين القادمة بقوة، أي أن السيناريو الذي تمّ تطبيقه لمواجهة الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان، يعاد صياغته بلغة أخرى وبقواعد عسكرية جديدة لمواجهة الصين. وعليه، فإن خوف الأمم المتحدة في غير محله وهو للتغطية على المخططات الأمريكية الجديدة في آسيا التي أقرّتها وثيقة الأمن القومي الأمريكية، والتي ركزت في جزء كبير منها على آسيا وبحر الصين.

إذن، من حق المنظمة أن تضع خطط طوارئ تحسباً لأي حركة نزوح داخل أفغانستان، وكذلك في الدول المجاورة في حال عبور المواطنين الحدود، ومن حقها أيضاً أن تدعو إلى ضرورة دعم دولي لمحادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان، وأن يحلّ العمل السياسي محل الصراع، ولكن ليس من حقها أن تستخدم اللغة الإنسانية لتوظيفها لأهداف سياسية تخصّ بلداً معيناً على حساب أمم بأكملها.