اقتصادصحيفة البعث

“طاقتنا المتجددة” ومشاريعها في دائرة الاستهداف؟!

دمشق – البعث 

في السابع عشر من تموز من عام 2019، عُقد في وزارة الكهرباء اجتماع برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وتضمن وضع “رؤية لخلق بيئة تشجيعية للاستفادة من الطاقات المتجددة” من خلال منح التسهيلات والمحفزات للمستثمرين، وتطوير التشريعات والأنظمة، وإعداد مصفوفة مشاريع استراتيجية، واقتراح ما يلزم لتوطين صناعتها، وفي حال تمت الموافقة على هذه الاستراتيجية من قبل المجلس فإن عام 2020 سيكون عام النهوض بالطاقات المتجددة في سورية، اجتماع ذكّرنا مباشرة باجتماع حكومي في الوزارة مؤخراً، حيث تكرر المشهد دون أن نلمس تغيراً يذكر في النتائج، ولا تغييراً فيما يفترض العمل عليه لترجمة الرؤية، حيث لم تتجاوز لغاية اللحظة كمية الكهرباء المولّدة من الطاقات المتجددة في سورية، وتحديداً (من الرياح والشمس)، الـ 150 ميغاواط، الأمر الذي يدل على الاستثمار في هذا القطاع، ومشاريعه لاتزال صغيرة تحبو حبواً، في ظروف اقتصادية إنتاجية تقتضي تأمين كل ما يلزم لإحداث “ثورة” في البنى التحتية للاستثمار في هذه الطاقات المتجددة!.

كانت ولاتزال

وزارة الكهرباء وضعت استراتيجيتها للطاقات المتجددة لغاية عام 2030، وكانت تعد العدة للدعوة لعقد مؤتمر وطني للطاقات المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة، في حال تمت الموافقة على استراتيجيتها هذه، وذلك انسجاماً مع البرنامج الوطني لسورية ما بعد الحرب، بحيث تكون نسبة مساهمة الطاقات المتجددة لا تقل عن 5% من إجمالي الطاقة الأولية عام 2030 (1500 ميغاواط لواقط كهروضوئية، 900 ميغاواط عنفات ريحية، 1.2 مليون سخان شمسي). ولكن لم ينجز شيء وفوق ذلك تم إلغاء صندوق دعم السخان الشمسي، وفقاً لما كشفه لـ “البعث” مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء.

مشبوهة

ولأن النصيحة تقول: “الحكي في الماضي قلة عقل”، فسوف نأخذ بالنصيحة، لكن سنسأل: أين “العقل” المُصلح الذي يخرجنا من دوامة الاجتماعات والوعود الخلبية والتصريحات التي لم تتعد كونها تصريحات جوفاء.

أما الأنكى من كل ذلك فهو المفاجأة التي فجّرها المصدر المسؤول، والتي تقول: إن وزارة التنمية الإدارية طالبت بإلغاء المركز الوطني لبحوث الطاقة، الأمر الذي استدعى اجتماعاً لمناقشة وتدارس قضية إلغاء المركز الذي لولاه لما كان هناك مشروع  واحد في الطاقات المتجددة شهد النور.. واقع “إصلاحي” يبعث الريبة، والشبهة، ويدلل على أن هناك حلقة مفقودة في سلسلة الوصول إلى استكمال متطلبات ومحفزات الاستثمار في الطاقة المتجددة.

مقارنة محزنة

وريثما يصبح الخبر “ببلاش”، حيث التكتم لايزال سيد الموقف من قبل أغلب المسؤولين المعنيين بهذا القطاع، نقتبس قولاً لعالم رياضي ايطالي هو أليكس زناردي: “عندما تضع الأمور في نصابها، حتى الأوقات السيئة يمكن أن تتحول لفرص”، لعل هذا القول يحرّك عجلات الذهنية التي تتحكم بالنهضة والدعم المطلوبين، عاجلاً لا آجلاً لهذا القطاع، حيث الجار (الأردن) الذي لا يقارن ما يملكه مع ما نملكه وهو كثير، وصل إنتاجه من الطاقة المتجددة، وتحديداً (الرياح والشمس)، إلى نحو ثلثي إنتاجنا الحالي من الكهرباء المعتمدة في توليدها على حوامل الطاقة التقليدية من نفط وغاز، أي وصل لنحو 1800 ميغاواط.

لماذا التأخير؟

وإذا ما عدنا لقول العالم الايطالي، فيحق السؤال: هل إلغاء المركز الوطني لبحوث الطاقة الكهربائية التابع لوزارة الكهرباء وتحويله إلى مديرية يندرج في سياق وضع الأمور في نصابها الصحيح؟! هذا أولاً، أما ثانياً وثالثاً و.. إلخ، فنسأل: لماذا لم يتم تنفيذ وتركيب سوى عنفة ريحية واحدة حتى الآن، قام المجمع الأوروبي للصناعات الهندسية المتواجد في منطقة حسياء الصناعية بحمص الذي كان وقّع مع وزارة الكهرباء منذ سنوات عديدة اتفاقية على تركيب العديد من العنفات الريحية، يوم كان سعر صرف الدولار منخفضاً، ولنا من المال والتمويل ما هو مقدور عليه ومتوفر؟!.

من أغنى

لا يعقل وليس من المنطق بشيء أن تظل إمكاناتنا الطاقية النظيفة مهدورة، وقد أنجزنا منذ نحو عقدين أطلسنا الريحي، وحددنا المواقع المجدية استثمارياً لإقامة مشاريع الطاقة الريحية، ومنها العديد في المناطق التي كانت آمنة ولاتزال، علماً أنه وفقاً لتصريحات سابقة أطلقها مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة فإن سورية من أغنى عشر دول حول العالم في تنوع مصادر الطاقات المتجددة، ففيها مساحة 56 ألف كيلومتر مربع تصلح كمصدر لطاقة الشمس، حيث تصل شدة السطوع الشمسي فيها إلى 5 كيلوواط على المتر المربع، وعدد أيام السطوع تتجاوز 312 يوماً في العام، وكذلك لديها مساحة مماثلة كمصدر لطاقة الرياح تمتد من ادلب وحلب ومناطق الغاب والسفوح الشرقية لجبال الساحل، وأكثرها إنتاجية يقع فيما يسمى فتحة حمص، وفي هذه المنطقة تم تركيب أول عنفة ريحية في البلاد عام 2018، لكن هذه اﻷرقام الكبيرة نظرياً تقابلها على أرض الواقع أرقام خجولة جداً، إذ إن مساهمة الطاقة المتجددة ككل: (رياح وشمس ووقود حيوي) في قطاع الطاقة الكلي بسيطة جداً، رغم أن فوائد توطين هذه الطاقات لها من الوفر الاقتصادي والصحي والبيئي ما لا يحتاج لشفاعة أحد، لكن مشكلتنا في “شماعة الأزمة!.

Qassim1965@gmail.com