في يوم الترجمة العالمي.. هيئة الكتاب تُعنى بالترجمة في المرتبة الأولى
“البعث الأسبوعية” ــ علا أحمد
تحتل الترجمة أهمية كبيرة في حياة الشعوب والأمم، فاللغة أداة تواصل بين الناس تعبر عن حاجاتهم وتعكس تقدمهم ورقيهم في شتى مجالات المعرفة، ودور الترجمة يأتي بنقل حضارة كل شعب إلى آخر. ويُختصر عمل المترجمين إلى أنه مهما اختلفت ثقافتنا فإننا جميعاً ننتمي إلى عالم واحد، فالمترجمون رسل الشعوب إلى الشعوب وأساس التواصل العالمي، ولأهمية ونبل هذا العمل تم اختيار يوم 30 أيلول من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للترجمة، والذي يرعاه الاتحاد الدولي للمترجمين الذي تم تأسيسه عام 1953، ويأتي الهدف من هذا اليوم لإظهار تعاضد المترجمين في جميع أنحاء العالم ولتعزيز مهنة الترجمة في مختلف الدول، وتعتبر الاحتفالية فرصة لعرض مزايا هذه “المهنة” التي تزداد أهميتها في عصر العولمة.
العبء على الهيئة
في سورية، وبالرغم من ظروف الحرب والأزمة التي طالت معظم جوانب الحياة، إلا أن حركة الترجمة ما زالت مستمرة، وتعنى بها بالدرجة الأولى الهيئة العامة السورية للكتاب، التي أولت منذ تأسيسها عام 2006 مسألة الترجمة اهتماماً خاصساً، وأطلقت في عام 2017 مشروعها الوطني للترجمة، حيث بدأت في وضع خطط تنفيذية لهذا المشروع كل عام.
عن ذلك، يقول د. ثائر زين الدين، مدير عام الهيئة: “تُكلّف الهيئة لجنةً من كبار المترجمين والباحثين بوضع مفردات الخطة للعام نفسه. وبالتالي في كل عام، يتم اختيار مجموعة من الكتب التي قد يبلغ عددها 60 أو 70 عنواناً، من مختلف حضارات وثقافات العالم، حتى إننا في إحدى السنوات طرحنا نحو 200 كتاب، وأردنا أن نشرك الجهات المختلفة التي تُعنى بقضايا الترجمة في سورية، كاتحاد الكتّاب العرب ودور النشر الخاصة ومعهد الترجمة، في هذا الأمر؛ وطرحنا العنوانات التي اخترناها، وقدمت وزارة الثقافة كثيراً من التسهيلات، غير أن ذلك لم يُكتب له النجاح وبقي العبء الأكبر على هيئة الكتاب”.
ويتابع د. زين الدين في عرضه لخطة الترجمة لعام 2021: “منذ الشهر الأخير من العام الفائت وُضعت الخطة التنفيذية للمشروع الوطني للترجمة، والتي تضمنت نحو 67 كتاباً، أنجز منها – طباعةً – حتى الآن نحو 20 كتاباً، وتركّز الهيئة في كتبها المترجمة على مجالات شتى، فهي لا تقف في ترجماتها على الأدب فقط، بل تُصدر كذلك كتباً في الفكر، والفلسفة، والسياسة، والمسرح، والفن التشكيلي، والموسيقا، وسوى ذلك، إضافة إلى الكتب العلمية غير المغرقة في التخصص بحيث يمكن للقارئ العام الاستفادة منها، كالكتب التي نشرناها عن الأمراض، والفيتامينات، وهندسة النانو، وغيرها.
ضغوطات وصعوبات
وبالرغم من الصعوبات المختلفة التي تواجهها الهيئة في تأمين مواد الطباعة، إلى جانب توقفها عن العمل لفترة معينة بسبب الحجر الذي فُرض نتيجة جائحة كورونا، يشير د. زين الدين إلى أن الهيئة قد أصدرت نحو 50 كتاباً وكتيباً في مجال الترجمة، إضافة إلى نحو 50 كتاباً مترجماً وجاهزاً بانتظار دفعها إلى الطباعة، إضافة إلى تجربة نشر الكتاب الناطق، والكتب التي صدرت عنه في مجال الترجمة. يُضاف إلى ذلك ما ينشره موقع الهيئة الإلكتروني من كتب إلكترونية مؤلفة ومترجمة، إلى جانب المجلات والدوريات، وبينهما مجلة مهمة متخصصة بالترجمة، هي مجلة “جسور ثقافية”، بحيث يُتاح للقرّاء في شتى أنحاء المعمورة الاطلاع على كتب الهيئة وإصداراتها.
تقصير ولقاءات
ويعترف رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية د. محمد الحوراني بأن هناك تقصيراً في مجال طباعة الكتب المترجمة في اتحاد الكتاب العرب خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا يعود لكثير من الأسباب، منها التراجع في طباعة الكتاب عموماً والمترجم خصوصاً، بسبب أزمة “كورونا” والضغوطات الاقتصادية، لكن هذا التقصير لم يمنع القائمين على وضع خطة طباعة من أجل التعويض. يقول د. الحوراني: ثمة خطة لطباعة بعض الترجمات في مجالات مختلفة، وقد تم طباعة كتاب “طائر الزرزور والتفاحة” ضمن سلسلة أدب الأطفال، وهو مترجم عن الفارسية، وثمة بعض الكتب التي ستطبع قريباً، منها كتاب “التنسيب الأدبي”، ترجمة الناقد والمترجم حنا عبود، وكتاب آخر عن “الدور الأمريكي في صناعة الإرهاب”، وكتب أخرى في مجالات مختلفة. من جهة أخرى، تم استئناف طباعة مجلة “الآداب العالمية” وهي مجلة فصلية تعنى بنشر المواد المترجمة من الأدب العالمي في مجالات الدراسة والنقد والشعر والقصة والمسرح وغيرها، وكذلك المواد التي تتناول الأدب العالمي في مجالات الدراسة والنقد والبحث الأدبي، وقد تم إصدار الأعداد ١٨٥ و١٨٦ و١٨٧ خلال هذا العام؛ كما يتم التحضير لإصدار عدد خاص عن الأدب المقارن يتناول ملفات مختلفة في هذا المجال؛ كما أن اتحاد الكتاب أخذ على عاتقه الاهتمام بالأدب الأفريقي وأدب بلاد جنوب شرق آسيا وفي هذا الاتجاه، تم عقد لقاء مع سفير جنوب أفريقيا في سورية، وكذلك مع السفير الهندي في سورية، بهدف العمل على ترجمة أدب هذه الدول إلى العربية، لأن ثمة تقصيراً في ترجمة هذه آداب هذه اللغات إلى العربية، فمعظم الترجمات تكون عن الانكليزية والفرنسية والروسية”.
المترجم السوري
في يوم الترجمة، يجب أن لا يُغفل الدور الكبير للمترجم ولجهوده الجبارة في هذا المجال؛ وعن هذا يقول د. حوراني: تقديراً لجهود المترجم السوري فقد اعتمد اتحاد الكتاب إقامة ندوات عن بعض المترجمين حيث أقامت جمعية الترجمة ندوة عن المترجم والأديب عبد المعين الملوحي في مدينة حمص بمشاركة عدد من المترجمين، مثل: د. ثائر زين الدين ود. ممدوح أبو الوي ود. نزار عيون السود والدكتور باسل المسالمة والأساتذة: حسام خضور ومحمد الدنيا وشاهر الملوحي، ونجل الفقيد الدكتور منقذ الملوحي، مع قصيدة للشاعر مظهر الحجي، وستقام لاحقاً ندوة عن المترجم والناقد صياح الجهيم في محافظة السويداء، وهذا يأتي في إطار تكريم المترجمين والأدباء السوريين.
في الختام
في الحقيقة، اليوم العالمي للترجمة هو فرصة لتكريم المتخصصين في اللغة، والتأكيد على أهمية عملهم في توحيد الأمم، وتسهيل الحوار، وتمكين التفاهم والتعاون، وتعزيز التنمية والسلام والأمن في العالم. وبالتأكيد يلعب المترجمون دوراً رئيسياً في تطوير الأعمال والتجارة والعلوم والطب والأدب، وجميع المجالات التي يتم فيها إنتاج الكتابة كنشاط لنقل المفاهيم الأدبية والعلمية والتقنية من لغة إلى أخرى، فشكراً لأولئك الذين بفضلهم أصبح لدينا نصوص لشكسبير وغوته وفولتير وتولستوي وغيرهم.