دراساتصحيفة البعث

الولايات المتحدة تفقد مكانتها في المؤسسات متعددة الأطراف

ترجمة: عائدة أسعد

 

وفقاً لتقرير جديد صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية  CSIS فقدت الولايات المتحدة نفوذها في المنظمات متعددة الأطراف على مدار الثلاثين عاماً الماضية، حيث قدم دانيال اف روند مدير المركز بحثاً يشير إلى أن الولايات المتحدة فقدت القدرة على المنافسة في سباقات القيادة وتعيين ممثّلين مؤهلين في المناصب العليا، وأشار روند في بحثه إلى أن الولايات المتحدة تقود حالياً وكالة واحدة فقط من بين 15 وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، بينما تترأس الصين ثلاثاً، وفي السنوات الثلاث المقبلة سيكون هناك انتقال للقيادة في العديد من المؤسسات متعددة الأطراف، وسكرتير الأمم المتحدة، وبنوك التنمية، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، بحسب ما أوضحه البحث.

يؤكد التقرير أن المنظمات دعمت الولايات المتحدة وحلفاءها والدول النامية بطرق عديدة على مدار الـ 75 عاماً الماضية، ومازالت مستمرة في تقديم المزيد من المساعدات، وهي تلعب دوراً حيوياً في مواجهة التحديات العالمية الناشئة، لكن السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شكّلت خروجاً حاداً عن التعددية على الطريقة الأمريكية التي دافعت عنها الولايات المتحدة لمدة 70 عاماً، ونظراً لقلة قيمة التحالفات، ورفض المؤسسات متعددة الأطراف، انسحب ترامب من سلسلة من الاتفاقيات الدولية القائمة، بما في ذلك اتفاقية باريس بشأن المناخ، والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والشراكة عبر المحيط الهادئ، وهذه التحركات دفعت خليفته جو بايدن إلى التصريح بسياسته الخارجية بأن “الولايات المتحدة عادت”.

وأشار التقرير إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة قد عادت بالفعل فإنها بحاجة إلى إعادة بناء نفوذها في المنظمات متعددة الأطراف، والعمل مع الحلفاء والشركاء ذوي التفكير المماثل، ولذلك حاول بايدن طمأنة قادة العالم في أول خطاب رئاسي له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أيلول الماضي بأن الولايات المتحدة مستعدة مرة أخرى لتبني الدبلوماسية متعددة الأطراف بعد فترة ولاية ترامب المضطربة، وسياسة أمريكا أولاً.

وذكر التقرير أن العوائق العديدة التي تعرقل انخراط الولايات المتحدة في النظام متعدد الأطراف على المستوى العملي تتلخص في غياب الجهد المركزي من الحكومة الأمريكية لمراقبة انتخابات القيادة المقبلة، وتقديم أفضل المرشّحين، كما أن الأنظمة التي تدعم الأمريكيين في المناصب المتوسطة والمبتدئة غير منسّقة.

ولفت التقرير في هذا السياق إلى براعة الصين، فعلى المستوى المهني أنشأت الصين برنامج تدريب داخلي للمنظمة الدولية من خلال مجلس المنح الدراسية التابع لها من أجل تنسيق جهود البرنامج المهني المبتدئ (JPO) والمبادرات المماثلة، وهذا البرنامج يعمل على بناء شراكات مع تسع منظمات دولية، وقد رعى 32 موظفاً صينياً مبتدئاً، و590 موظفاً محترفاً آخر منذ عام 2015، في حين أن هذه الأرقام أقل من تلك الخاصة بالدول الأعضاء، كما وظّفت الأمم المتحدة 1336 مواطناً صينياً، بزيادة قدرها 68 بالمئة على مدى 10 سنوات، كما ذكر التقرير أن علاقة الحكومة بالمنظمات متعددة الأطراف يمكن أن تشكّل تحدياً إذا لم تتوافق الأجندات السياسية، ففي عام 2020 تزامنت الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع انتخابات 7 تشرين الثاني المهمة لمنصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية (WTO) ولم تتقدم الولايات المتحدة أو تصادق على أي مرشّح.

إن المؤسسات متعددة الأطراف هي قنوات مهمة للتنمية البشرية، ووضع المعايير، وتوفر منفعة عالمية عامة، وهي منتدى دبلوماسي لقضايا السلام والأمن، ولا يمكن للولايات المتحدة ولا ينبغي لها أن تكون الصوت المهيمن لجميع القضايا في جميع المنظمات.