مجلة البعث الأسبوعية

في سوق التأمين السورية ..مجمعات تأمينية وتعديل لوثيقة التأمين الصحي للعاملين في الدولة

البعث الأسبوعية – بشير فرزان

لم يحقق التأمين الصحي الإداري أهدافه التي وضع من اجلها فقد وأدت العديد من  المنغصات والمخالفات فرحة الآلاف من الموظفين بالأمان الصحي الذي وللأسف لم يكن في متناول اليد رغم كل المحاولات والإجراءات التي اتخذت لتصحيح مسار التأمين الصحي الإداري وتحقيق النقلة النوعية في خدمات شركاته.

ومن المعلوم أن التأمين الصحي عانى من المشكلات المتعلقة بمختلف جوانب العمل بدءاً من الاكتتاب (التسويق والتسعير) ووصولاً إلى إدارة المطالبات وكان هناك تتداخل بين عدة عوامل أدى إلى ضعف جودة خدمة التأمين الصحي منها ما يتعلق بالظروف الاقتصادية والعقوبات الظالمة أحادية الجانب ومنها ما يتعلق بأداء القطاع التأميني ومختلف الجهات ذات الصلة في عملية التأمين الصحي. وفي مقدمتها أن التغطيات (الحدود المالية) لوثيقة التأمين الصحي للعاملين في الدولة كانت تغطيات منخفضة وتثير الكثير من التحديات والتساؤلات حول مدى فاعليتها في سوق الطب الدواء المتصاعدة لناحية الأسعار فقسط التأمين هو 28.000 ليرة سنوياً (يتحمل الموظف منها 6.000 ليرة موزعة على 500 ليرة شهرياً ) وبالتالي فإن الحدود المالية الحالية للبطاقة غير مواكبة للمتغيرات التسعيرية وهذا ما أدى إلى إخفاق التامين الصحي في تحقيق أهدافه.

تشخيص دقيق

لاشك أن التشخيص الدقيق للمشكلات التي يعاني منها التأمين الصحي لموظفي الدولة بمختلف أطرافه بدءاً من الموظف إلى مقدمي الخدمة الطبية ..شكل حسب ماأكده الدكتور رافد محمد مدير عام هيئة الإشراف على التأمين القاعدة الأساسية  لتعديل وثيقة التأمين الصحي للعاملين في الدولة باتجاه زيادة الحدود المالية لتغطيات الوثيقة من 75 ألف خارج المشفى إلى 200 ألف (زيارة طبيب، أدوية، تحاليل مخبرية ،أشعة، أدوية مزمنة) ومن 650 ألف إلى مليوني ليرة داخل المشفى ( ضمنها 800 ألف للبدائل الصناعية) وتخفيض نسب التحمل للموظف من الكلفة الطبية من 25% إلى 15% خارج المشفى وإلغاء التحمل من الكلفة للعمليات الجراحية وعند الأطباء  .

إلا أن الهيئة لا يمكنها اعتماد وجهة النظر هذه حالياً  قبل أن يتم اتخاذ كافة الخطوات الهادفة لضبط هذه الأموال من حيث إنفاقها ووصولها إلى مستحقيها دون هدر أو إساءة استخدام.

ولربما يكون هذا الضبط للنفقات مجالاً لتوفير مبالغ مالية جيدة تسهم في تحسين بعض التغطيات ذات الأولوية عند الموظف، وكذلك زيادة التعرفة الطبية لمقدمي الخدمة الطبية المشتركين في التأمين بما ينعكس على جودة الخدمة.

وأشار إلى أن  التعامل مع مقدمي الخدمة الطبية سيكون على أساس الكلفة الحقيقية للخدمة الطبية مما يسهم في إلغاء فروقات الأسعار الكبيرة جداً  التي يدفعها الموظف حامل البطاقة حالياً عند مقدمي الخدمة وتقارب حالياً هذه الفروقات ثلثي قيمة الخدمة ولايتحمل التأمين سوى الثلث.

 

 

جودة الخدمة

وبرأي مدير هيئة الإشراف على التأمين أن هذا الأمر سيعزز جودة الخدمة ويشجع مقدمي الخدمة الطبية للتعاون مع المؤسسة العامة السورية للتأمين ومع حاملي البطاقة التأمينية ولتغطية هذا التغيير الجوهري وأضاف لقد تم إقرار رفع قسط التأمين السنوي من 28 ألف إلى 60 ألف ليرة سورية  تتولى الحكومة دعمه من خلال الخزينة العامة للدولة  و المؤسسة العامة السورية للتأمين بحوالي 25 ألف ليرة سورية ويتحمل الموظف قرابة 35 ألف ليرة من خلال اقتطاع شهري 3% من راتبه المقطوع.

وأوضح أن وسطي الاقتطاع الشهري 3000 ليرة سورية عوضاً عن 500 ليرة حالياً فالزيادة 2500 ليرة مقابل زيادة كبيرة جداً في التغطيات وإعفاء من سداد فروقات الأسعار الكبيرة عند مقدمي الخدمات وبالتوازي مع ذلك تقوم هيئة الإشراف على التأمين والمؤسسة العامة السورية للتأمين باتخاذ العديد من الخطوات لتعزيز ضوابط العمل في مجال التأمين الصحي بما يؤدي حتماً إلى وصول الخدمة إلى مستحقيها ووفق حاجته المرضية الفعلية.

ومن أهم الخطوات ضبط نفقات التأمين الصحي لضمان وصولها إلى مستحقها ومحتاجها الفعلي وفي الوقت والسرعة المتناسبين.

خاصة مع الاعتراف بسوء استخدام التأمين الصحي من مختلف أطراف العملية التأمينية بدءاً من الشركات إلى مزودي الخدمة الطبية وصولاً إلى حاملي بطاقة التأمين فالاستخدام الصحيح لبطاقة التأمين الصحي وقت حاجتها الفعلية المتعلقة بوجود حالة المرض المشمول بالتأمين  سيسهم في تحسين الجودة التأمينية وتعزيز القيم المالية للتغطية التي أضحى بعضها لا يلبي الاحتياجات المادية للتشخيص والعلاج.

المجمعات التأمينية

وتحدث مدير عام هيئة الإشراف على التأمين الدكتور رافد محمد عن أن الهيئة عملت لدعم دور قطاع التأمين في حماية الاقتصاد وتعزيزاً لقدرته في تأمين الأخطار الكبيرة على إحداث أول مجمع لإعادة التأمين في سورية  ليمثل أول حالة تعاون في تحمل المخاطر بين كافة شركات التأمين السورية بما فيها المؤسسة العامة السورية للتأمين وتحديداً في مجال المصارف .

وبين أن دخول ثقافة وعهد المجمعات يعد نقلة نوعية على مستوى ثقافة العمل في سوق التأمين السورية وهناك العديد من المشاريع الطموحة الأخرى المتمثلة بإحداث مجمع إعادة تأمين الحريق (الممتلكات) والبحري (نقل البضائع)  بما يعزز القدرة على تأمين المنشآت الضخمة.

مزايا حقيقية

وخلال الحديث مع الدكتور رافد محمد كان هناك وقفة مع المزايا التي ستتحقق بأحداث مجمع إعادة تأمين المصارف وفي مقدمتها الاستفادة من القدرة المالية لكافة الشركات العاملة في قطاع التأمين في تغطية هذه الأخطار من خلال مشاركتها جميعاً في تغطية كل خطر (مصرف) والتي يبلغ عددها 11 شركة من أصل 12 شركة تأمين خاصة حيث  أقرّ مجلس إدارة الهيئة في9/6/2021 إحداث المجمع وتم توقيع اتفاقية مجمع الإعادة بين إحدى عشرة شركة تأمين خاصة بالإضافة إلى المؤسسة العامة السورية للتأمين والاتحاد العربي لإعادة التأمين.

ولفت د.محمد إلى أن المجمع يسهم في توفير كتلة جيدة من القطع الأجنبي كانت تسدد لمعيد التأمين الخارجي وهنا أكد د.محمد على أن المجمع أوجد  أول بديل حقيقي عن إعادة التأمين الخارجية بعد انسحاب معظم معيدي التأمين من التعامل مع السوق السورية كما وضع أساس قوي للتعاون بين مكونات قطاع التأمين للتغلب على الظروف التي فرضتها الحرب والعقوبات الاقتصادية (وهذا ما يحصل للمرّة الأولى منذ سنوات).

ومن المزايا أيضاً الاتفاق على أن مجمع المصارف هو الخطوة الأولى لإحداث مجمعات إعادة تأمين الحريق ونقل البضائع (البحري) وهو ما سيعزز قدرة السوق التأمينية على تأمين كافة المنشآت بأقرب وقت ممكن ( وهو الهدف الأكبر لموضوع إحداث المجمعات) إضافة إلى  أن التغطية التأمينية الحقيقية باتت مضمونة وشفافة للقطاع المصرفي السوري وهذا يشكل ممارسة فعالة  وحضوراً للدور الوطني  لقطاع التأمين في حماية مكونات الاقتصاد.

اكتساب الخبرة

وأضاف مدير عام هيئة الإشراف على التأمين أن إحداث المجمعات يؤدي إلى اكتساب خبرة إدارة مجمعات الإعادة والعمل بها في السوق السورية تمهيداً لتطويرها خاصة أن دولاً عديدة كانت سباقة في هذا المجال كما أن مجمعات إعادة التأمين بشكل عام إن لم تغني عن الإعادة الخارجية تماماً  فإنها تؤدي حكماً إلى تحسين شروط الإعادة الخارجية لمصلحة سوق التأمين الوطنية فالمعيد الخارجي أصبح يفاوض سوقاً وطنياً كاملاً من حيث الأقساط والقدرة الفنية والمالية وهو ما يجعل الموقف التفاوضي للسوق (المجمع) قوياً للغاية بخلاف تفاوض كل شركة بمفردها و هذا الأمر بغاية الأهمية لمرحلة ما بعد الحرب.