مجلة البعث الأسبوعية

“ميركاتو” دوري سلة السيدات بمئات الملايين.. وكثرة الأموال تثير الاستغراب!

البعث الأسبوعية – عماد درويش

تشهد السّاحةُ الرياضية جنونًا في أرقام التعاقدات ورواتب اللاعبات في دوري الدرجة الأولى لكرة السلة ،في ظل عدم وجود قانون احتراف حقيقي يوقف هدر الأموال ويحد من الأرقام الخيالية التي تدفع للاعبات دون حسيب أو رقيب.

الموسم السلوي الذي ستنطلق مبارياته في الثلاثين من الشهر الجاري فوجئت بعض الأندية المشاركة فيه بمبالغ كبيرة تطلبها اللاعبات للتعاقد معهن أو لتجديد عقودهن في ظل أزمة مالية تعاني منها أغلب الأندية، لكن ما فجر المفاجأة أكثر هو تحقيق وقبول تلك الطلبات والشروط من قبل بعض الأندية الكبيرة والتي تمتلك المال، في حين الأندية الفقيرة لم تستطع تأمين الأموال للتعاقدات خسرت لاعبات من الصف الأول لمصلحة أندية أخرى، وما زاد من معاناة تلك الأندية النسبة الكبيرة التي سيتقاضاها اتحاد السلة من تلك العقود والتي تصل لـ50% من قيمة أي عقد.

نشاط كبير

الميركاتو شهد هذا الموسم نشاطاً كبيراً من حيث التعاقدات أو الانتقالات ما بين اللاعبات بين الفرق المشاركة، وحتى الآن لم تعتمد الأندية القوائم النهائية لها، فالثورة بطل الدوري والكأس فقد عملاقته ماري عبد الله التي تعاقدت مع نادي تشرين، وهناك نية لمغادرة الفريق جيسيكا حكيمة لأحد الأندية في دمشق، ونادي تشرين تعاقد أيضاً مع جيهان ملوك وسلاف خليل من الوحدة ورشا السكران من الجلاء، وفي طريقه للتعاقد مع لاعبة الاتحاد سنا جلبي وهناك معلومات تشير لاقتراب لاعبة الثورة جيسيكا حكيمة من اللعب معه وكذلك ضم يانا عفيف من التضامن، وبالنسبة للجلاء فلم تسمح الأمور بالتعاقد مع أي لاعبة، أما بقية الأندية فأحدثت بعضها نقلة نوعية مثل قاسيون الذي ضم عددا من المخضرمات، والساحل الذي ضم آية شما القادمة من تشرين وبقية الأندية حافظت على أغلب عناصرها.

دوافع وغايات

سوق الانتقالات “الميركاتو” الحالي دخل في أجوائه رجال أعمال عبر دعمٍ لبعض الأندية لم تظهر غايته الخفيّة التي تثير الاستغراب نوعاً ما كونها غير معروفة الأسباب وإذا ما كانت أبعادها رياضية محضة، أم أن هناك دوافع وغايات أخرى مجهولة، فدفع رجال الأعمال الملايين من الليرات في غير محلها قد يؤدي إلى شرخ كبير بين الأندية وبالتالي سيتأثر المستوى الفني للعبة ككل.

فناديا الوحدة وتشرين كان لهما الحصة الأكبر بتعاقدهما مع لاعبات دوليات وبأرقام جيدة محلياً تجاوزت الـ50 مليون ليرة، على الرغم أن الاستثمارات في الناديين لا تغطي قيمة التعاقدات حيث يغطى رجال الأعمال معظم تلك العقود.

ولغة الأرقام هنا تحتاج إلى بيانات وتأكيدات لأنها الأساس لتحديد المصداقية، وإذا كانت قيم العقود المقدمة لاتحاد كرة السلة هي المعيار الحقيقي في ذلك فإننا نسأل لماذا يحاول رؤساء الأندية المعنية التقليل من حجم التعاقدات التي أجروها، إلا إذا كانوا لا يريدون الإفصاح عن الرقم الحقيقي كي لا يدفعوا لاتحاد السلة الحصص المالية المنصوص عليها في القانون.

تباين آراء

ردود الأفعال بين كوادر اللعبة انقسمت بين مؤيد ومعارض لمثل هذه التعاقدات “الخيالية” ، فمنهم من عارَضها بحجة أنه كانَ من الأفضل توزيع هذه الأموال على الأندية الفقيرة لتستمر بممارسة الرياضة، أما القسم الآخر، وهو المُحب للرياضة وكرة السلة على وجه الخصوص  شجع على مثل هذه التعاقدات حتى ولو وصلت إلى الـمليارات كونها تجذب الجماهير للمتابعة.

الأمر الأخير يتمثل بأن أغلب اللاعبات اللواتي تعاقدن مع الأندية قبل انطلاق الموسم السلوي لم يتقاضين مستحقات متميزة سواء من كان عقدها تحت الرعاية (تحت 21 سنة)، أم من انتهى عقودهن ، ومنهم على سبيل المثال لاعبة منتخبنا الوطني للناشئات يانا عفيف التي انتقلت من نادي التضامن إلى نادي الوحدة(عقدها رعاية) وبمبلغ 15 مليون ليرة تم دفعها من قبل إدارة الوحدة للتضامن، لكنها لم تتقاضى أي مبلغ أو حتى راتب حتى الآن، مع العلم أنه تم تقديم الوعد لها أنها ستحصل على مبلغ مليون ليرة كمقدم للعقد.

وجهة نظر

مدرب سيدات بردى السابق أمين خوري أشار لـ”البعث الأسبوعية” إلى أن ما يجري حالياً من عقود خيالية للاعبات يضر بكرة السلة الأنثوية، فالأندية التي تمتلك المال لايهمها تطوير اللعبة بل كل سعيها لنيل لقب الدوري بأي طريقة كانت حتى لو فرغت الأندية الفقيرة من اللاعبات، وبالتالي سيفقد الدوري نكهته من حيث التنافس والارتقاء بالمستوى الفني، وهذا ما يحدث حالياً مع ناديي تشرين والوحدة اللذين تعاقدا مع عدد من اللاعبات من الطراز الأول وبعقود مالية كبيرة تتضمن مقدم للعقد ورواتب شهرية عالية وتأمين سكن للاعبات، لكن يبدو أن إدارات هذه الأندية غاب عن تفكيرها أن أي لاعبة ( تم التعاقد معها) معرضة للإصابة(لا قدر الله) وبالتالي قد تغيب عن كامل الموسم عندها سيخسر النادي اللاعبة والأموال معاً وسيخسر فرصة الفوز باللقب.

وأضاف خوري: يجب على اتحاد كرة السلة وضع ضوابط لمثل هذه الحالات، على سبيل المثال يجب دعم الأندية الفقيرة مادياً بتأمين الدعم لها للحفاظ على لاعباتها في وجه الإغراءات المالية، وبالتالي يبقى النادي ضمن الفرق المنافسة وهذا من شأنه أن يرفع المستوى الفني للدوري.

من جهته مساعد مدرب منتخب الناشئات (بطل غرب آسيا) موسى الفحل كشف أن هذا الموضوع له سلبيات وايجابيات، فمن سلبياته أنه يضر باللعبة كون اللاعبات المميزات سيتواجدن في ناد أو اثنين، وستنحصر المنافسة على اللقب بينهما فقط، وهذا سيؤثر على المستوى الفني للأندية وسينعكس سلباً على منتخبنا الوطني فالدوري القوي ينتج منتخب قوي، ومن إيجابياته إعطاء اللاعبات فرصة أكثر للعب بالمباريات، فبعض اللاعبات لا تأخذ فرصة للعب مع ناديها لوجود لاعبات من الصف الأول بالمركز التي تلعب فيه، وعند انتقالها لناد آخر تكون فرصتها باللعب لأوقات أطول وهذا يحسن المستوى الفني للاعبة، لكن يجب أن يكون توزع اللاعبات على الأندية كافة لا أن ينحصر وجود كافة اللاعبات المميزات بناد واحد أو اثنين فقط.