صحيفة البعثمحليات

في بازار الزواج … مهر فتاة 5000 ليرة ذهبية ومُؤجل 10000 ليرة ذهبية..!

دمشق _ لينا عدره

مفارقات عجيبة تحدث في المجتمع السوري وتناقضاتٌ غريبة، تحمل دلالات ومؤشرات غير مطمئنة، بين من تتعرض وهي في مقتبل العمر، لمختلف أنواع التعنيف على يد زوجها وعائلته من دون أن تتمكن من البوح أو الاحتجاج أو طلب المساعدة حتى من أقرب الناس إليها لتُقتل بدمٍ بارد في مجتمع لا يُجرم التعنيف الأسري، لا بل يعتبره البعض حق مشروع للزوج يمارس من خلاله سلطته عليها لتأديبها وتربيتها، وبين من يطالبن بمهورٍ بأرقامٍ فلكية، ليتحول الأمر لبازار أو سوق نخاسة في أقدس مؤسسةٍ اجتماعية هي “مؤسسة الزواج”.
ما يجعلنا نجزم أن مجتمعنا لن يتغير أو يتطور قيد أنملة، طالما أن البعض ما زال ينظر للفتاة على أنها عبء عليهم التخلص منه بتزويجها لأول عابر سبيلٍ بغض النظر عن أية اعتباراتٍ أخرى، واعتبار زواجها صفقة تجارية، يُحَدد ربحها بما يُطلب من مهرٍ، لا بل تُحَدد قيمتها هي نفسها من قيمة المهر الذي ستطلبه، مجتمعٍ وصلت فيه نسبة العزوف عن الزواج بسبب الأزمات الاقتصادية والوضع المادي السيئ عند غالبية الشبان والشابات لمستوىً مخيف!!
ليُسجل فيه أغرب مهرٍ بأرقامٍ فلكية ما يعكس بوضوح شدة التناقض الحاصل فيه، مهرٍ وصل مقدمه لـ 5000 ليرة ذهبية، ومؤجله لـ 10000 ليرة ذهبية لفتاةٍ سورية وشاب يحمل الجنسية العراقية، حسب ما أكد القاضي الشرعي الأول في دمشق مازن ياسين القطيفاني في تصريحٍ خاص لـ”البعث” الأمر الذي أثار استغرابه ودهشته، ليدفعه شعور الدهشة تلك، ومن باب المزاح لسؤال الشاب “شو حابين تكونوا ترند على الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي ليجيبه الشاب ماعندي مشكلة”.
وقال القطيفاني: أثناء حديثي مع الشاب عن طبيعة عمله، وعن مدى ثقته بالخطوة التي سيقدم عليها وما قد يترتب عليها من نتائج لاحقاً لتسجليه مثل هذا الرقم الخيالي، أكد الشاب الذي يعمل في التعهدات، بأنهم يعتبرون مثل هذا الرقم قليل في العراق على حدِّ قوله، لأنهم يتعاملون بالدولار!.
وفي خضم حديثه عن هذه الحالة يؤكد القطيفاني: جواز تسجيل وتوثيق عقد الزواج وعدم وجود ما يمنع، طالما أن الأمر يحصل برضا وموافقة الطرفين، ووجود والد الفتاة، الأمر الذي لا يلزم الشاب لا بإنقاص المبلغ ولا زيادته، خاصةً وأن النص القانوني المتعلق بهذه الجزئية واضح وصريح “لا حد لأقل المهر ولا لأكثره فالأمر مفتوح ومُباح”.
مبيناً أن مثل تلك الحالة قد تُحدث لاحقاً وبشكلٍ غير مباشر إشكالية عند الكثير من الفتيات حتى من أقارب الفتاة نفسها، بسبب ما ستخلفه من آثاره سلبية ستكون واضحة، لبعدها عن المنطق خاصة في مجتمعنا الذي يختلف عن المجتمعات العربية الأخرى سواء الخليجية أو المصرية أو الجزائرية، من دون إغفالنا للدور الكبير الذي تلعبه بيئتنا رغم تشابهنا مع تلك المجتمعات ببعض العادات، مضيفاً لا شك أن تسجيل مثل هذا الرقم يعتبر أمر مبالغ جداً فيه، إضافةً إلى أنه غير مقبول في مجتمعنا، ومؤكداً أنه على الصعيد الشخصي يعتبر حدوث هذا الأمر خطأ، ولكن طالما أنه حدث بإرادة الطرفين لا يمكن رفضه، ومشدداً في الوقت نفسه بأن المهر لا يعبِّر عن مدى قوة العلاقة التي تربط الزوجين، لأن المودة والمحبة والإخلاص بين الطرفين، أمورٌ لا يمكن تقديرها بثمن، فقد تكون قيمة المهر لا تتجاوز “ليرة بليرة” ويعيش الزوجان حياة سعيدة ويربيان أجيال ناجحة، وقد يكون المهر بأرقام فلكية ويكون الزواج فاشل، فالمهر ليس ثمن سلعة تُباع، وهو لا يتعدى كونه أثر من آثار الزواج، والدليل وجود آلاف الزيجات المستمرة بنسبٍ مرتفعة جداً، من دون أن يُدفع فيها المهر، ليبقى حبراً على ورق، لذلك تبقي العبرة بخواتيمها.
بالمحصلة لا يسعنا القول إلا أن نهاية أي زواج يُنظر له على أنه لا يتعدى كونه صفقة تجارية، ستكون ومن دون أدنى شك نهاية فاشلة إذا لم تكن كارثية ما يحتم علينا إعادة النظر في علاقاتنا الاجتماعية، التي وصلت لوضعٍ لا نُحسد عليه!!