مجلة البعث الأسبوعية

التشجيع المتعصب للأندية يقتحم رياضتنا ويؤثر على قيمها… الشغب مستمر واتحاد اللعبة ” أصبح” جابياً للأموال

البعث الأسبوعية-عماد درويش

تطورت خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت ظاهرة التشجيع الرياضي والتعلق بالأندية، ولم يسلم من هذه الظاهرة كبير أو صغير، حتى النساء أصبحن من بين المشجعات المتعصبات اللواتي يحضرن المباريات في الملاعب والصالات ويزاحمن الرجال في المدرجات.

لذلك لا بد من القول أن الرياضة ترويض للنفس قبل أن تكون حصداً للألقاب والكؤوس، حيث تتردد على مسامعنا بين الفينة والأخرى عبارات يعتقد الكثيرون صحتها ولكن في حقيقتها تكون عبارات بعيدة عن التنفيذ ومن هذه الأقاويل ما نسمعه من شعار “أن الرياضة أخلاق”.

هذه العبارة تؤكد بأن ممارسة الرياضة تربي في النفس الأخلاق الحميدة كما نستطيع أن نزيد على هذا المعنى أن الرياضة يمكن أن تشغل وقت الشاب عن بعض الأفعال السيئة وبعض التصرفات المعيبة وضياع الوقت في غير المفيد، فالتفكير الصحيح يقودنا إلى فكرة أن الأخلاق هي التي تقود الرياضة وهي التي توجهها نحو هدفها الصحيح أو الخاطئ.

 شتائم مسيئة

في الفترة الأخيرة غزّت ملاعبنا وصالاتنا ظاهرة “الشتائم” وتفاقمت بشكل كبير بالآونة الأخيرة لدرجة لم تعد تطاق أو تحتمل والطامة الكبرى هي تناول أشخاص وشتمهم بأعراضهم في سابقة لا يحمد عقباها ولا بد من حلّ جذري لها ومعالجتها قبل أن تتفاقم.

بل زاد الأمر عندما ذهبت بعض روابط المشجعين إلى اتجاه أكثر عدائية، لحقته عبارات عنصرية وشتائم للحكام أو لمشجعي الخصم، وهذا الأمر مستهجن كونه يعتبر حالة غير صحية في رياضتنا عامة وكرتي القدم والسلة على وجه الخصوص لما له من تبعات قد تصل إلى حد الاصطدام بين الجماهير واللاعبين.

فقد شهدت مباريات دوري سلة الرجال والسيدات لكرة السلة هتافات مسيئة للغاية وتخطت حدود الرياضة، ما دفع اتحاد اللعبة لفرض عقوبات مالية على الأندية فقط دون أي إجراءات أخرى للعلاج والمحاسبة.

سلاح ذو حدين

المشكلة لم تقف عند حدود الملعب بل امتدت حتى وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت تسجيلات مصورة للجماهير وهي تهتف بعبارات مهينة خاصة بعد لقاء دوري السلة بين الوحدة والاتحاد، وانتقلت المشكلة بدورها لإدارتي الناديين اللتين تبادلتا الاتهامات فيما بينهما، وهذه الظاهرة لا تتوقف على الناديين، بل تشمل كل مواجهة ديربي في المحافظات بالإضافة إلى المواجهات الكلاسيكية الأخرى.

وبين الصدامات على مواقع التواصل الاجتماعي والصدامات في الملاعب، يبقى الخطاب الرياضي بين جماهير الأندية خطاب تفرقة وخطاباً تنافسياً بنغمة عدائية، لا يوجد للروح الرياضية مكان فيه، الأمر الذي يقتل متعة الرياضة التي تدفع الجماهير بالتوافد إلى الصالات والملاعب.

جباية للأموال

لاشك أن الحال التي وصلت إليها الأمور في سلتنا مثلاً يتحمله اتحاد اللعبة الذي في كل مؤتمر سنوي يقوم بتعديل اللائحة الانضباطية ولائحة العقوبات وفق أهواءه، وأغلب تلك العقوبات التي يقرها مادية وهي لم تجد ولم تنفع مع الواقع المرير، والسؤال ما الفائدة التي جناها الاتحاد باتخاذه هذه العقوبات، غير زيادة رصيد الاتحاد في البنوك، لكن بمثل هذه العقوبات لن يتم ردع أي لاعب أو جمهور أو نادٍ طالما سيتم دفع تلك الغرامات المالية، وعليه فقد بات عمل الاتحاد فقط “جباية الأموال”.

فالتنصل من مسؤولية ما وصلنا إليه مرفوض وعلى كل الجهات الرياضية التكاتف للحد من ظاهرة الشتائم والبداية تكون من المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي ولجانه التنفيذية بالمحافظات كونهم السلطة الرياضية الأعلى وصاحبة القرار ولا بد من بحث الموضوع بشكل مستفيض وفعلي لا بعقد اجتماعات ولقاءات تخرج ببيانات، وهنا لا بد من وقفة متأنية والتواصل مع جهات مرتبطة بالجانب النفسي والاجتماعي ودراسة أسباب هذه الظاهرة ووضع الحلول لها، وعلى اللجان التنفيذية التوجيه للأندية بضرورة التواصل الدائم والمستمر مع روابط المشجعين ونبذ الدخلاء والمتسببين بهذه الأفعال، أما جهات حفظ النظام نرى أن عليها ضبط المدرجات من خلال كاميرات مراقبة للقضاء على حالات الشغب، أما الدور الأهم والأبرز فيعود للأسرة والمنزل والمدارس كون نسبة كبيرة من الجمهور من الأعمار الصغيرة وعليه فإن الجهود لا بد وأن تتكاتف للقضاء على ظاهرة الشتائم وبترها من جذورها.

 رأي نفسي

المرشدة النفسية لمنتخباتنا الوطنية سمر سليمان أشارت لـ”البعث الأسبوعية” إلى أن التعصب الرياضي سلوك مضطرب غير قانوني من قبل بعض مشجعي الرياضة  مبينة أن أسباب هذه الظاهرة قلة الوعي والتنشئة الاجتماعية غير الصحيحة ووسائل الإعلام وقيادة روابط المشجعين غير الكفوءة وعدم اهتمام المنظمين، ما ينتج عنها حالات من العنف والفوضى غير المبرر والسلبية تصيب المشجعين بالتوتر والانفعالات وأحيانا تصل إلى مرض فيزيولوجي تتغير فيه المؤشرات الحيوية، وتؤدي لازدياد ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، والجلطات، وقولون عصبي ونوبات هستيرية، بحيث لا يقبل المتعصبون إلا أن تفوز فرقهم وغير ذلك يعتبرونه إهانة يجب الرد عليها بالشغب والإساءة، وبما أن الرياضة هي فوز وخسارة أو تعادل يجب على المتابعين والجمهور تقبل الحالات الثلاث، أما الذي لا يتقبل إلا الفوز فهذا مرض واضطراب نفسي يدفع المتعصبين لافتعال الفوضى.

وأضافت سليمان: هناك أسباب ذاتية مباشرة وأخرى غير مباشرة للشغب فهناك من يعتبر الرياضة هي طريقة لإسعاد الجماهير، كون النشاط الرياضي سلوك انساني يجب احترامه لأن له أهداف ايجابية في تحديد العلاقات الاجتماعية في المجتمع الواحد وتعميم الحب والتسامح والارتقاء بالإيجابية، ومعالجة المتعصبين يجب أن يكون من خلال الإعلام ونشر التوعية والثقافة، لكن ما يجري حالياً غير صحيح خاصة منصات التواصل الاجتماعي التي لها يد في التعصب، فالرياضة مجرد لعبة والحكام بشر قد يصيبون ويخطئون والمشجعون القادمون مع فرقهم عليهم أن يعوا أن نظرائهم هم أخوة لهم ومنافسون رياضيون فقط.